الأجانب يقبلون على فن "الباتيك" والمصريون يجهلونه! الصين تبتاع نموذج "البرج المصري" المصنوع من الصدف عارضون يؤكدون: الحياة الحقيقة تبدأ بعد سن المعاش الذي حولناه إلى سن للموت! وجوه نوبية طيبة تنادي على بضاعتها، تتوسل إلى الله أن يرزقها، أسر حانية تتناول طعامها على مائدة واحدة، بائعة خضار تحتضن ميزانها، أم تراعي أبناءها في الطريق وبيدها الأخرى تمسك أشياءها العالقة فوق رأسها خشية السقوط، بائعة الخبز تتابع أرغفتها أمام الفرن، فرقة موسيقية نوبية تنهمك في العزف وكل منهم ينتبه للأصوات التي تخرج من آلته ويحذر أن يصبح نشازاً، قهوجي، وبائع كنافة وصانع أحذية يتجاورون في صمت، نموذج لعالم حقيقي تكاد شخوصه أن تنطق من الإبداع، انتبه إنك في مهرجان من "فات قديمه تاه" الذي يختتم اليوم فى بيت السنارى الأثرى تحت رعاية مكتبة الإسكندرية. المهرجان الذي بدأ يوم 9 سبتمبر، احتضن عدد من ورش العمل والأنشطة التي تهدف للتعريف بالحرف التقليدية وإحياء التراث القديم، وكان ضيف الشرف دولة الصين، "محيط" تجول بين أرجاء المهرجان لينقل روحه وأهم تفاصيله. إدارة السيدة زينب للتعليم الفني شاركت لأول مرة في مهرجان من "فات قديمه تاه" ببيت السناري، تشارك بأعمال الطلاب في مدرسة أحمد ماهر الثانوية، وجاءت المعروضات لتشمل منتجات خان الخليلي، ومشغولات صدف، بجانب أعمال يدوية للطلاب. وقال أحمد عبدالمهدي مسئول قسم التطعيم والماركتري بالمدرسة أن تنظيم المهرجان كان ممتازاً، ومسئولي بيت السناري أبدوا تعاوناً كبيراً مع العارضين. ولفت إلى أن الإقبال كان كبيراً على البراويز والصناديق الصدفية، واللوحات التي تضم سوراً قصيرة، قائلاً: أعلى سعر لديّ يصل إلى 475 جنيهاً للوحة تضم سور الصمدية والمعوذتين مطعمة بالصدف. مشيراً إلى أن المستشار الإعلامي لسفارة الصين ابتاع من عندهم نموذج لبرج القاهرة مطعم بالصدف. وشرحت زينب محمد أحد المسئولين عن الأعمال اليدوية بالمدرسة، أعمال النحاس على ورق البردي وكيف أنها نالت استحسان جمهور المهرجان. لم يكن لقاؤنا فقط مع العارضين بل تحدثنا مع أحد جمهور المهرجان ويدعى أشرف قناوي، هو أيضاً من الفنانين المتخصصين في إنتاج مكملات الديكور والأثاث، أشار إلى عمله بالكويت لمدة 20 عام، وعودته منذ عام واحد إلى مصر، ممتدحاً المهرجان وفكرته ومكانه، قائلاً أن كل ركن في المهرجان يعبر عن نفسه، بادياً إعجابه بركن المعادن والصدف، مؤكداً أن روعة المهرجا تكمن في تجاور الفنون وعدم طغيان أحدهم على الآخر. وتمنى أن يدعو المهرجان العام التالي المراكز الثقافية والسفارات وفتح سبل تعاون معهم لتسويق المنتجات اليدوية المصرية. أما فاتن أيوب فتعرفنا على فن جديد بعنوان "الباتيك" وهو فن عزل الألوان بالشمع، ينتج عنه تداخل ألوان بشكل فني متميز، وتشير أيوب إلى أن أي نوع قماش يمكن استخدامه ، ويتم صبغ القماش بلون، ثم عزله بالشمع للحفاظ عليه، ثم صبغه بلون آخر وعزله بالشمع، وهكذا. وقالت أن أغلى قطعة تصل إلى 250 جنيهاً، وهي فستان قصير، ومن المعروضات اباجورة، وسكارف، ومخدات، وستاير، وفساتين، ولفتت إلى أن هذا الفن يقبل عليه الأجانب أكثر من المصريين الذين يجهلون هذا الفن. محمد نمر يشارك للمرة الثانية في المهرجان، الذي يعتبره فرصة للالتقاء بفنانين آخرين، ولفت إلى أن معروضات مدرسة أحمد ماهر الثانوية حازت على إعجابه لأنه من أعمال الطلبة. تنوعت معروضات نمر ما بين النقش على السيراميك إلى الزخارف الإسلامية بأنواعها المصري الإسلامي القديم، والمغربي والفارسي، والعثماني، بالإضافة إلى الفنون التشكيلية. كذلك النقش على "عجينة الورق"، التي تصنع من مخلفات الورق، يتم تجميعها كما يشرح لنا ويوضع عليها مادة لاصقة وتستغل في أعمال فنية. وتبدو معروضاته مميزة جداً، رغم أنه هاو ولم يدرس فن، إلا أنه قرر بعد سن المعاش الذي رفض أن يكون سناً للموت أن يتجه إلى العمل الفني ليكمل مسيرة حياته، قائلاً: بدأت بالنقل من الزخارف الإسلامية ثم أصبح لي تصميماتي الخاصة. أهم ما يميز معروضات نمر أنها متنوعة، فهو ينقل فنوناً عدة من أمريكا اللاتينية، والهند والواحات وغيرهم، وأعرب نمر عن رغبته في أن يكون ضيف شرف المهرجان العام القادم دولة من أمريكا اللاتينية للاطلاع على فنونها. الفن التركي القديم، يعرضه المركز الثقافي التركي والطاولة تضم العديد من الفنون منها طاقية المولوية، وأعمال الخزف، وكذلك طاقية "السلطان"، والزي التركي القديم، بجانب فواحة على شكل رمان، الذي يعد فاكهة مميزة في تركيا، أيضاً "شكمجية"، والأواني القديمة لحفظ الطعام، وعروض أزياء العرائس زمان، والقبقاب التركي، بجانب نموذج لمدينة "كابادوكي" التركية المنحوتة في الجبل. ومن هيئة تنشيط السياحة يشارك محمود كامل باحث سياحي، للتعريف بآثار الفيوم، ومنتجاتها البيئية المشهورة مثل الخزف، والسجاد الحرير، والصوف، بجانب إبداع الأسر المنتجة في الفيوم. ويلفت إلى أن صناعة الخزف منتشرة في الفيوم منذ الستينيات من القرن الماضي على يد سويسرية أنشأت مدرسة هناك لتعليم هذا الفن. أعمال الكورشيه حاضرة بقوة أيضاً في المهرجان، تحدثنا عنها منار مصطفى المهتمة بالأشغال اليدوية، وتعرض لملابس أطفال واكسسوارات منزلية ومكملات ديكور وكلها من الكورشيه. رضوى رضا تشارك بالحلي النحاس والمشغولات اليدوية المميزة مصنوعة من الأحجار واللولي، ومشغولات مطلية بماء الذهب والفضة. وعن فنون الخط العربي يحدثنا عبدالمجيد شعراوي الذي يعرض لأدوات الخط العربي، وله بعض الملاحظات على التنظيم منها أن بعض الأماكن لا تناسب العارضين نظراً لحرارة الجو وتطرفها عن المكا الأصلي حتى أن الجمهور لا يلتفت أحياناً إلى المكان. وتضم طاولة العرض لديه أدوات للخط العربي وأدوات مساج من تصميمه، ومراكب خشبية وبيض نعام. كان من اللافت مطالعة مراكب فرعونية، اقتربنا من طاولته لنحدث سعيد الباجوري الذي يشارك لأول مرة في مهرجان "من فات قديمه تاه"، ليحدثنا عن ولعه الشديد بكل ما هو فرعوني، وانتقاده لما تصدره الصين لنا من مواد فرعونية مشوهة، حتى أنهم صنعوا نموذجاًً لمركب حربي لرمسيس به زهرة اللوتس، فكيف لمركب حربي أن يضع زهرة بداخله؟!. يقول: من هنا قررت أن أصنع مراكب فرعونية بأبعاد تماثل الحقيقية، فصنعت المركب الحربي لرمسيس ذو الشراع الأحمر، وله مجاديف، وكذلك صنعت بعد معاناة شديدة مركب الشمس، أو مركب "خوفو"، التي تم تحنيطه بغرفة على متنها تشبه غرفته بالهرم تماماً، ثم نقلوه إلى الهرم بعد ذلك. وشكى لنا الباجوري من أن الجمهور لا يقدر صناعته ويكتفي بالتصوير معها فقط، لكن الشراء محدود خاصة مع ارتفاع التكلفة، فمركب الشمس تصل إلى 1700 جنيهاً، أما أقل سعر لديه فيصل إلى 50 جنيه فقط، للمركب الشراعي الصغير.