أوصى مؤتمر مدريد بشأن ليبيا، اليوم، بعدم الاعتراف بأي حكومة ليبية موازية، ودعا إلى حوار بين الفصائل السياسية للخروج من الأزمة التي تشهدها البلاد منذ نحو شهرين، بحسب وزير الخارجية الليبي. ففي مؤتمر صحفي بمدريد، رفقة نظيره الإسباني، خوسيه مانويل جارسيا مارجايو، قال وزير الخارجية الليبي، محمد عبد العزيز، إن مؤتمر مدريد لاستقرار وتنمية ليبيا "أوصى بعدم الاعتراف بأي حكومة موازية، ودعم حوار عاجل بين الفصائل الليبية باستثناء التي تحمل السلاح ولا تعترف بالحوار". وأضاف عبد العزيز، في ختام المؤتمر: "هناك دول تتدخل بشكل فعلي في ليبيا وتدعم حركات مسلحة، وسنعلن عن تلك الدول لاحقا بأدلة ووثائق حتى تتوقف عن التدخل". وحذر من أن "ليبيا قد تدخل حربًا أهلية طويلة الأمد، إذا لم يدعم المجتمع الدولي وبسرعة خطة لحماية المؤسسات الشرعية وتدريب الشرطة ومؤسسات الدفاع وتزويدها بتكنولوجيا متطورة لمكافحة الجماعات المسلحة". ومضى قائلاً: "لهذا نسعى لجعل بعثة الأممالمتحدة في ليبيا (يونسميل) هي بعثة استقرار وأمن؛ لأن ليبيا تحتاج لبسط السيطرة على آبار النفط وحماية أمن المواطنين، وبدون الإسراع في تنفيذ ذلك ستستمر الحرب، وأنا أخشى فعلاً أن نصل إلى مرحلة يصبح فيها الانقسام أمرًا فعليًا". وأوضح وزير الخارجية الليبي: "نحن لا ندعو إلى تدخل عسكري في ليبيا، ولكن القضية الليبية منذ أن دخلت إلى أروقة مجلس الأمن باتت قضية دولية، وما يحدث هو انخراط واهتمام من المجتمع الدولي وأصدقاء ليبيا وجيرانها الجغرافيين والسياسيين في القضية الليبية من أجل دعم الاستقرار والتنمية". فيما قال وزير الخارجية الإسباني، في المؤتمر الصحفي، إن المشاركين في مؤتمر مدريد أجمعوا على ضرورة محاربة الإرهاب في ليبيا. وأضاف مارجايو: "من نتائج إجماع مدريد أننا سنسعى إلى حوار وطني يجمع كل الأطرف الليبية، بما في ذلك زعماء القبائل، ما عدا تلك التي تحمل السلاح وترفض الحوار، وسنسعى لأن يكون خلاصة هذا الحوار دستورًا ليبيًا يمثل الجميع وسنلتقي قريبا في نيويورك لبحث نتائج اجتماع مدريد". وشارك في المؤتمر، الذي دعت إليه إسبانيا من أجل وضع خطط لتأمين الاستقرار والتنمية في ليبيا، ممثلو مجموعة "5+5" (إسبانيا وفرنسا وإيطاليا ومالطا والبرتغال، بالإضافة إلى الجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا وتونس)، ومجموعة "ميد 7" (إسبانيا وفرنسا وإيطاليا ومالطا والبرتغال وقبرص واليونان). بالإضافة إلى جيران ليبيا (الجزائر وتشاد ومصر والنيجر والسودان وتونس)، وممثلون عن منظمات دولية، مثل الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والاتحاد من أجل المتوسط والأممالمتحدة، والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، الإسباني برناردينو ليون، بحسب بيان للخارجية الإسبانية أمس. ويدعم المجتمع الدولي مجلس النواب الليبي الذي يعقد جلساته في مدينة طبرق، والحكومة التي تحظى بدعم المجلس. ومنذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011، تشهد ليبيا انقساماً سياسياً بين تيار محسوب على الليبرالي وتيار أخر محسوب على الإسلام السياسي زادت حدته مؤخراً، ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد لكل منه مؤسساته: الأول: البرلمان الجديد المنعقد في مدينة طبرق وحكومة الثني (استقالت في وقت سابق وتم تكليف الثني بتشكيل حكومة جديدة) ورئيس أركان الجيش عبد الرزاق الناظوري. أما الجناح الثاني للسلطة، والذي لا يعترف به المجتمع الدولي، فيضم، المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق الذي استأنف عقد جلساته الشهر الماضي) ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي، ورئيس أركان الجيش جاد الله العبيدي. ويتهم الإسلاميون في ليبيا فريق برلمان طبرق بدعم عملية "الكرامة" التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر منذ مايو الماضي، ضد تنظيم "أنصار الشريعة" الجهادي وكتائب إسلامية تابعة لرئاسة أركان الجيش، ويقول إنها تسعى إلى "تطهير ليبيا من المتطرفين". بينما يرفض فريق المؤتمر الوطني عملية الكرامة، ويعتبرها "محاولة انقلاب عسكرية على السلطة"، ويدعم العملية العسكرية المسماة "فجر ليبيا" في طرابلس والتي تقودها منذ 13 يوليو الماضي "قوات حفظ أمن واستقرار ليبيا"، المشكلة من عدد من "ثوار مصراتة" (شمال غرب)، وثوار طرابلس، وبينها كتائب إسلامية معارضة لحفتر في العاصمة، ونجحت قبل أيام في السيطرة على مطار طرابلس.