أكد عدد من علماء الأزهر على أن الدين المعاملة ، وأن الخلق دليل على صدق إيمان صاحبه ، فالإنسان خليفة الله في أرضه ، والأحكام الشرعية جاءت دليلاً ومرشدًا، لتساعد الإنسانَ في تحقيق مصالحه، فتدلّه على الخير، وتهديه إلى الطريق المستقيم، وأنّه ما من مصلحة في الدنيا والآخرة إلا وقد رعاها الشرع، وأوجد لها ما يكفل إيجادها والحفاظ عليها وما من مفسدة في الدنيا والآخرة إلا وحذّر منها وأوجد لها بديلا، وأن الغاية المنشودة والثمرة المرجوّة من الطاعات والعبادات في الإسلام هي تزكية النفوس البشرية وتقوية صلة الإنسان بربه، وبمن يعيشون معه في مجتمعه. وفي هذا السياق أكد الدكتور محمد عبد العاطي عباس أستاذ العقيدة والفلسفة ورئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة الأزهر أن دين الإسلام هو دين السماحة واليسر في جميع المعاملات، وقد أثنى (نبينا صلى الله عليه وسلم ) على من كان سمحاً في بيعه وشرائه ؛ فعن جابر رضي الله عنه: قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ ، سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى ، سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى ، سَمْحًا إِذَا قَضَى)، ويجب على المسلم ألّا يستغل فاقة الناس وفقرهم وشدة حاجتهم، فهذا يُعد من التعسير والتضييق على الناس مما يوغر الصدور، ويزيد الأحقاد، وينشر الكراهية والبغضاء، وهذا ما لا يريده الإسلام ولا تقبله النفوس المؤمنة، وليعلم الرجل السمح في بيعه وشرائه أن الله سيرحمه في الدنيا والآخرة، فالإنسان المؤمن يتعامل مع الخَلْق المعاملة التي يجب أن يعامله الناس بها، فيُحسّن خٌلقَه ولا يبتغي من وراء ذلك إلا وجه الله تعالى. وأوضح الدكتور عطية لاشين الأستاذ المساعد بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر أن المعاملة الحسنة والأخلاق النبيلة والطيبة- وهي سلعة نادرة – تكشف معدن الإنسان الخلوق وتظهر سمو أفكاره، والناس لا يحبون العابد المتكبر ، وإنما يحبون البسّام البشوش المتواضع، وهذه صفات نبينا التي جمع بها من حوله " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"، ومن الأخلاق التي تكون دليلًا على المعاملة الحسنة وانضباط السلوك الإنساني الوفاء بالعهد وهو خلق كريم من أخلاق الإسلام. وأشار الدكتور سعيد عامر الأمين العام المساعد بمجمع البحوث الإسلامية إلى أن المسلم الحق هو الذي يترجم إسلامه إلى سلوكيات إيجابية في واقع حياته، ليعود أثر ذلك عليه وعلى المجتمع بكل ما هو مفيد وصالح وفيه النفع لعامة المسلمين، فلقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم حسن المعاملة والعلاقة مع الآخرين من كمال الإيمان فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):" مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ. كما أوضح عبد الناصر نسيم، وكيل وزارة الأوقاف بالجيزة أن من يتتبع نصوص القرآن الكريم وسنّة النبي (صلى الله عليه وسلم) يجد أنها اعتنت بمعاملة الناس معاملة حسنة، ولننظر إلى الآية الكريمة التي جمعت أصول فضائل المعاملة الحسنة قال تعالى: " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ "، فجمعت الآية الكريمة أصول الفضائل ومكارم الأخلاق فيما يتعلّق بمعاملة الإنسان مع الغير.