"التنمية المحلية" تكشف حقيقة القبض على الصحفي إسلام الراجحي بسبب بوست عن النظافة    مفتي الجمهورية يلتقي رئيس البرلمان التايلاندي ويؤكد موقف مصر من القضية الفلسطينية    تحرك جديد فى سعر الذهب اليوم وعيار 21 مفاجأة    تعرف على مواصفات النسخة الأحدث من جيتور X70 في السوق المصري    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيراني الأوضاع في الشرق الأوسط    الزعيم الروحي ل الدروز يشكر إسرائيل ويطالب بانفصال السويداء عن سوريا    الحوثيون: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على صنعاء لأكثر من 100 قتيل وجريح    بيان جديد من وزارة الإسكان بشأن أرض الزمالك بحدائق أكتوبر    العودة من جديد.. الوداد يضم زهير المترجي    رحلة الطب الأخيرة.. نهاية مأساوية لطالب على طريق الفيوم    حدث في 8 ساعات| الإسكان تصدر بيانًا جديدًا بشأن أرض الزمالك.. وتنفيذ قانون العمل الجديد بهذا الموعد    دينا الشربيني بإطلالة أنيقة.. كيف نسقت اللوك؟    الدكتور أسامة فخري الجندي يوضح معنى "الكوثر" في القرآن الكريم    محافظ أسيوط يتابع الحملة القومية لمكافحة البلهارسيا بالريف (صور)    المحلة بالقوة الضاربة أمام الأهلي    نائب محافظ سوهاج: يكرم أوائل الشهادات بمدرسة الأرقم للبنين    وزير التموين يتابع مع شركات المضارب توفير الأرز فى المنافذ    انتخابات الشيوخ 2025.. استمرار تصويت المصريين في 3 دول عربية وأخرى إفريقية وأوروبية بجولة الإعادة    سيناريوهان لقيد الكيني بارون أوشينج في قائمة الزمالك    "صحيح غلط".. ميدو يوجه رسالة قوية حول تصريحات شيكابالا    وكيل تعليم الغربية يجتمع بمديرى المدارس الرسمية لبحث الاستعداد للعام الجديد    رئيس الوزراء الإثيوبي ينشر صورًا حديثة لسد النهضة    مقتل 3 عناصر إجرامية شديدة الخطورة وضبط 50 كيلو حشيش وأسلحة فى الشرقية    تأجيل محاكمة 117 متهما بخلية اللجان الإعلامية    ترامب يبدأ تنفيذ «قائمة الأعداء»| مُداهمات وتحقيقات «تضرب» مسؤولين سابقين    مفتي الجمهورية يعزي أمير الكويت في وفاة الشيخة سعاد الأحمد الصباح    شريهان توجه رسالة ل أنغام بعد أزمتها الصحية: «سلامتك من أبسط أوجاعك»    أحمد سعد يخطف الأنظار بإطلالة فاخرة في حفله الساحلي.. سعر قميصه 54 ألف جنيه    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 221 ألف شهيد وجريح    بمشاركة 7 آلاف متسابق.. انطلاق اختبارات مسابقة "الأزهر - بنك فيصل" للقرآن الكريم بالجامع الأزهر    المفتي السابق يوضح حكم معاشرة الزوجة في فترة النفاس؟    المصريون فى حضرة النبى.. آلاف المعتمرين يحتفلون بالمولد النبوى في البقيع والروضة    وزارة التعليم تعلن تفاصيل المزايا التأمينية للمعلمين العاملين بنظام الحصة    مدير وحدة المعلومات الصحية الفلسطينية: الاحتلال يتعمد قصف القطاع الطبى بغزة    «اتعلمي من أزمات صباح».. محمد شوقي يوجه نصيحة ل شيرين عبدالوهاب    بدء تشغيل مركز طب الأسرة بزاوية الناعورة ضمن مشروعات حياة كريمة في المنوفية    «الأرصاد» تزف بشرى سارة للمواطنين: انخفاض درجات الحرارة وعودتها للمعدلات الطبيعية    ختام ملتقى الفيوم للرسوم المتحركة وتوصيات لدعم صناعة التحريك    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الاثنين 25-8-2025 في البنوك    استعلم الآن.. نتيجة الشهادة الإعدادية الدور الثاني 2025 في القليوبية بالإسم ورقم الجلوس    «الرعاية الصحية»: الكشف على 195 ألف طالب خلال «اطمن على ابنك» بمحافظات التأمين الشامل    العلاج الحر بالبحيرة يغلق 30 منشأة طبية مخالفة خلال أسبوع    25 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالبحيرة    4 علامات تحذيرية لسرطان البروستاتا على الرجال معرفتها    لأول مرة.. عضوات النيابة الإدارية يشاركن فى الإشراف على انتخابات النقابات والأندية    صندوق تطوير التعليم يطلق برنامجًا لتأهيل الخريجين للعمل فى السوق الألمانى    وزير الطيران: مشروع "مبنى 4" بمطار القاهرة يستوعب 30 مليون مسافر سنويًا    ما حكم شراء حلوى مولد النبى فى ذكرى المولد الشريف؟. الأزهر للفتوى يجيب    الاعتماد والرقابة الصحية تستعد لإطلاق معايير المنشآت الصحية الصديقة للأم والطفل    ننشر أسماء مصابي حريق جامعة قناة السويس بالإسماعيلية    إيران تدرس خفض تخصيب اليورانيوم لتفادي العقوبات والضربات العسكرية    25 صورة ل كريستيانو رونالدو وجورجينا على البحر في المصيف.. ما وجهتهما المفضلة؟    حظك اليوم الاثنين 25 أغسطس 2025.. توقعات الأبراج    إيدي هاو: نيوكاسل لن يدخل الموسم بدون مهاجم    سموتريتش: سنواصل تعزيز الاستيطان في جميع أراضينا.. ولن نقيم دولة عربية إرهابية على أرض إسرائيل    «الصحي المصري» يعتمد وحدتي الأبحاث العلمية والنشر والتعليم الطبي المستمر بكلية طب جامعة الأزهر    ميلود حمدي: أهدى نقاط المباراة للجماهير.. وهذا ما أتمناه ضد غزل المحلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة المادة الثانية من الدستور في مصر / د. أسامة رشدي
نشر في محيط يوم 05 - 04 - 2011


معركة
المادة الثانية من الدستور في مصر


* د. أسامة رشدي

المعركة حول المادة الثانية من الدستور المصري بدأت مبكرا وفي طريقها للتصعيد ما لم نتنبه لخطورة ذلك.

فقد طغى الجدل حول هذه المادة على الجدل حول المواد الدستورية المحدودة التي طرحت للاستفتاء عليها في 19 آذار (مارس) الماضي.

رغم أنها لم تكن ضمن المواد المطروحة للاستفتاء، حتى قيل ان من صوتوا بنعم صوتوا لبقاء المادة الثانية، ومن صوتوا ب(لا) صوتوا لإلغاء هذه المادة، رغم اعتراضي على هذا الاستنتاج.

هذا الجدل يتوقع أن يتصاعد في الأسابيع القادمة مع اشتداد الحملات الانتخابية لانتخابات مجلس الشعب المرتقبة في ايلول/سبتمبر القادم.

حيث سيقوم المجلس المنتخب بانتخاب جمعية تأسيسية من مئة عضو تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها.

وبالتالي فإن الموقف من الإبقاء على المادة الثانية أو تعديلها سيكون من المواقف المؤثرة في التصويت في هذه الانتخابات، بالإضافة للانتخابات الرئاسية.

حيث بات من الأسئلة التقليدية التي تطرح الآن على المرشحين، التي سيتحدد على ضوئها موقف الشعب منهم، هل أنت مع أو ضد المادة الثانية؟

تقول المادة الثانية التي بقيت على ترتيبها في الإعلان الدستوري الجديد الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتاريخ 30 مارس، الذي سينظم للمرحلة الانتقالية حتى كتابة الدستور الدائم: (الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع).

ويحتج بعض منظري العلمانية، سواء من المسلمين ومعظم الأقباط على أنها تهدر مبدأ المواطنة، وتتجاهل وجود أقباط في مصر، على الرغم من أن البابا شنودة نفسه استخدم هذه المادة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، كأساس لرفضه تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا القاضي بإلزامه بمنح تصاريح للزواج الثاني للمطلقين من الأقباط، الذين رفعوا دعاوى ضد البابا.

حيث اعتبر المجمع المقدس للكنيسة في تبريره لرفض قرار المحكمة أن الحكم مخالف للشريعة الإسلامية التي تقول: 'إذا أتاك أهل الذمة فاحكم بينهم بما يدينون'.

على الرغم من أن الحكم كان متطابقا مع لائحة الأحوال الشخصية التي أصدرها المجلس الملي للأقباط عام 1938، وهي اللائحة التي يرفضها البابا الآن، حيث يعتبر أن الزواج الثاني لا يجوز إلا إذا كان الطلاق قد وقع فقط لعلة الزنا.

وبعد نجاح الثورة المباركة في مصر، وتعطيل دستور 1971 بدأت تتصاعد مطالب الأقباط لإلغاء هذه المادة، وقد عبر المحتجون من الأقباط أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون في القاهرة في تصعيد لمطالبهم المتعلقة بالاحتجاج على هدم جزء من كنيسة القديسين في قرية صور بأطفيح، إلى المادة الثانية من الدستور.

وقد طمأنهم رجل الأعمال الملياردير نجيب ساويرس الذي خطب في المحتجين قبل الاستفتاء بعشرة أيام بأنهم سيعملون على إلغاء المادة الثانية عندما يكتب الدستور الجديد (!!).

وبعدها بدأت الحملات في المحطات الفضائية والصحف التي يملكها ساويرس للترويج لرفض التعديلات الدستورية الجزئية، والمطالبة بالتصويت عليها ب (لا).

وهو نفس ما تبنته الكنيسة التي اعتبر بعض قساوستها أن الموافقة على التعديلات المطروحة تعني الموافقة على الدولة الدينية الإسلامية ودعم الإخوان المسلمين، وهو ما ساهم في البلبلة التي حدثت بين التعديلات والمادة الثانية.

هذه التصريحات والمواقف أطلقت جملة من المخاوف والرفض لدى القوى الإسلامية، فعلى الصعيد الرسمي اعتبر شيخ الأزهر د. أحمد الطيب المادة الثانية من ثوابت الدولة والاقتراب منها نشر للفتنة والفوضى.

واعتبر المفتي د. علي جمعة أن المادة الثانية 'مادة كينونة لا يمكن إلغاؤها أبدا، وهي مقررة في كل الدساتير السابقة، وتتعلق بمجموعة من القوانين الأخرى، التي تؤثر في علاقات مصر بالعالم والتأكيد عليها ضروري'.

أما على الصعيد الشعبي فقد حرك الحديث عن المادة الثانية قوى إسلامية شعبية منظمة، وأخرى لم يعرف عنها من قبل أي اهتمام بالسياسة أو بالانتخابات، وعلى رأسها القوى السلفية التي تتمتع بشعبية كبيرة.

فعبرت عن رفضها للمساس بالمادة الثانية واعتبارها قضية غير قابلة للتنازل، وعبأت أنصارها للمشاركة بالتصويت في الاستفتاء بنعم.

وهو ما يجعلني أؤكد أن استمرار الجدل حول هذه المادة في هذه المرحلة كالقنبلة الموقوتة التي قد تأخذنا لمتاهات الاستقطاب السياسي وربما الطائفي، وستعمق الانقسام الذي قد يشغلنا عن الاهتمام بقضايا أرى أنها أكثر أهمية من هذه المادة.

مشكلتنا في مصر لم تكن تتعلق بالنصوص، وكم من نصوص دستورية عظيمة تتعلق بالحريات حفل بها الدستور السابق، ولكنها كانت غير محترمة فلم تمنع تعذيبا ولا قمعا ولا فسادا ولا تزويرا ولا طغيانا ولا ظلما.

فقد كانت قضيتنا مع نظام الطاغية مبارك البائد أنه لم يكن يحترم لا شريعة ولا دستورا ولا قانونا، وهو ما يؤكد أننا بحاجة قبل النصوص لمؤسسات حقيقية للتشريع والرقابة ولقضاء مستقل وقوي وحياة سياسية نشيطة، وهو ما ينبغي التركيز عليه.

إن الإصرار على خوض المعركة حول المادة الثانية، سيضع القوى الرافضة لهذه المادة في مواجهة أغلبية كبيرة يمكن أن تؤثر في حجم تمثيلهم في البرلمان القادم، بعد الفرز الذي سيجري بين الموافقين أو الرافضين.

بينما الأولى من وجهة نظري هو تجاوز إشكالات هذه المادة التي تراها الأغلبية الكبيرة أساسية وذلك بالتوافق عليها، خاصة أن قضاء المحكمة الدستورية العليا حدد في حكم واضح صدر في كانون الاول (ديسمبر) 2004، تفسير هذه المادة وأكد على أن ما نص عليه الدستور في مادته الثانية بعد تعديلها في سنة 1980 من أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.

إنما يتمخض عن قيد يجب على السلطة التشريعية أن تتحراه وتنزل عليه في تشريعاتها الصادرة بعد هذا التعديل.. فلا يجوز لنص تشريعي أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها.

باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعاً، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية، وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً. ومن غير المتصور بالتالي أن يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان، إذ هي عصية على التعديل، ولا يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها.

وبالتالي فإن التحجج بأن هذه المادة الموجودة في الدساتير المصرية منذ دستور 1923 بصياغات مختلفة، تخرج الدولة من مدنيتها، هو تعسف يفتقد للموضوعية، وهي ذريعة قد تضر بالثورة التي قدمت صورة حضارية عظيمة ينبغي البناء عليها.

والمرء يتعجب من الزعم بان المادة الثانية تخرج الدولة عن مدنيتها رغم وجود دول اوربية لايشك احد في مدنيتها تنص دساتيرها علي دين للدولة بل ومذهب مسيحي محدد لها .

فنجد مثلا "الدستور اليوناني ينص في المادة الأولي: أن المذهب الرسمي للأمة اليونانية هو مذهب الكنيسة الأرثوذكسية الشرقي، ونصت المادة 47: إن كل من يعتلي عرش اليونان يجب أن يكون من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية.

والدستور الدانمركي ينص في المادة الأولي للبند رقم 5 علي "أن الملك ينبغي أن يكون من أتباع الكنيسة الإنجيلية اللوثرية، وفي البند رقم3 من المادة الأولي أن الكنيسة الإنجيلية اللوثرية هي الكنيسة الأم المعترف بها في الدانمارك".

وفي الدستور الإسباني تنص المادة السابعة علي" أنه يجب أن يكون رئيس الدولة من رعايا الكنيسة الكاثوليكية، وفي المادة السادسة: أن علي الدولة رسميا حماية اعتناق وممارسة شعائر المذهب الكاثوليكي باعتباره المذهب الرسمي لها" .

وتنص المادة الرابعة في الدستور السويدي علي" انه يجب أن يكون الملك من أتباع المذهب الإنجيلي الخالص، كما ينص علي ذلك بالنسبة لأعضاء المجلس الوطني وهو البرلمان ".

وبالنسبة لإنجلترا فلا يوجد دستور مكتوب، وإنما هو دستور عرفي متوارث، والأحكام القضائية أو ما يسمي بسوابق الأحكام القضائية تلعب دورا هاما في هذا الدستور.

والمادة الثالثة من قانون التسوية البريطاني تؤكد في نصها" أن كل شخص يتولي الملك يجب أن يكون من رعايا كنيسة إنجلترا، ولا يسمح بتاتا لغير المسيحيين ولا لغير البروتستانتيين بأن يكونوا أعضاء في مجلس اللوردات" .

وبعد هذا السرد لدساتير اوربية مدنية تنص عل دين للدولة فإني أرى أن الأولوية الآن ونحن في مرحلة الحوار الوطني ونتجه لانتخابات مهمة برلمانية ورئاسية أن تنصرف الجهود للتقليل من حدة الاستقطاب السياسي والديني.

بما يسمح ببروز تحالفات بين القوى المؤمنة بمدنية الدولة والمعنية بوجودها وبتمثيلها في البرلمان للمساهمة في كتابة الدستور الجديد الدائم لمصر.

ولطرح برامجها ورؤيتها المتعلقة بمستقبل مصر وتأسيس وضع دستوري وقانوني وسياسي يصون الحقوق والحريات العامة لكل المواطنين، ويحقق المكاسب لكل الأطراف.




* إعلامي وناشط سياسي مصري
جريدة القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.