بدأ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في تحويل وعوده الانتخابية المثيرة للجدل إلى أفعال، عبر ما يشبه حملة "تصفية حسابات" واسعة. وذلك بعد تحركات وصفها خصومه بأنها غير مسبوقة في التاريخ الأمريكي، إذ يستخدم ترامب سلطاته الحكومية لملاحقة شخصيات سياسية وقانونية لطالما وقفت ضده، في ما يشبه تطبيق عملي ل"قائمة الأعداء" التي تحدث عنها خلال حملته الانتخابية الماضية. اقرأ أيضًا| هل هي تصفية حسابات؟| البيت الأبيض يسحب التصاريح الأمنية من شخصيات بارزة مداهمة منزل بولتون وإشعال جدل واسع كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي عن مداهمة منزل جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق لترامب، جون بولتون، الذي تحول إلى أحد أبرز منتقديه. وجاء ذلك بعد أن أدرج اسمه ضمن قائمة تضم نحو 60 مسؤولًا سابقًا، صاغها كاش باتيل، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الحالي، معتبرًا إياهم جزءًا من "الدولة العميقة". بولتون لم يتردد في وصف إدارة ترامب مؤخرًا بأنها "رئاسة الانتقام"، في إشارة إلى الطابع الشخصي لهذه الإجراءات. استهداف سياسيين بارزين من الحزب الديمقراطي لم تتوقف التحركات عند بولتون، إذ فتح فريق ترامب تحقيقات بحق ليتيشا جيمس، المدعية العامة لولاية نيويورك، التي قادت دعاوى ضد شركات ترامب بسبب قضايا احتيال مالي. كما استهدف آدم شيف، السيناتور الديمقراطي من كاليفورنيا، الذي لعب دورًا محوريًا في أول محاكمة عزل لترامب خلال ولايته الأولى. ففي أواخر 2019، قاد شيف بصفته رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب التحقيقات التي انتهت إلى أول محاكمة عزل لترامب، وكانت بتهمة استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونجرس الأمريكي، على خلفية محاولته الضغط على أوكرانيا لفتح تحقيق ضد جو بايدن، ولاحقًا، شارك أيضًا في محاكمة العزل الثانية عام 2021، بعد أحداث اقتحام الكونجرس في 6 يناير، لكن القيادة الأمريكية حينها، كانت بيد فريق أوسع من النواب الديمقراطيين. واعتُبرت هذه الخطوات، إشارة واضحة على أن خصوم ترامب السياسيين باتوا أهدافًا مباشرة للتحقيقات. قضايا ضد نواب وحكام سابقين شملت الحملة أيضًا اتهام النائبة الديمقراطية عن ولاية نيوجيرسي الأمريكية، لامونيكا مكيفر، بسبب مشاركتها في احتجاجات ضد قوانين الهجرة، إلى جانب القبض على العمدة الديمقراطي راس بركة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث يخضع حاكم نيويورك السابق أندرو كومو، الذي يطمح لتولي منصب عمدة نيويورك، لتحقيق رسمي، بينما توحي هذه التطورات بأن المواجهة لم تعد سياسية فقط، لكنها أخذت منحى قضائيًا مباشرًا. اقرأ أيضًا| «هو الحُثالة الحقيقية»| القصة الكاملة لأعنف تلاسن بين ترامب وحاكم كاليفورنيا فتح ملفات مسؤولين سابقين في إدارته الأولى وجه ترامب أوامر بالتحقيق مع مسؤولين سابقين خدموا في إدارته، مثل مايلز تايلور، الذي حذر في كتابه من نزعة ترامب السلطوية، وكريس كريبس، الذي أكد نزاهة انتخابات أمريكا 2020، ما أثار غضب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الذي يشير إلى أنها تم التلاعب فيها. ويعكس هذا التوجه، أن "قائمة الأعداء" لا تقتصر على الديمقراطيين، بل تضم حتى شخصيات جمهورية سابقة أبدت معارضة أو تحفظًا على نهجه. انتشار القوات الفيدرالية في المدن الأمريكية في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، نشر ترامب قوات الجيش والحرس الوطني الأمريكي، وشرطة إنفاذ القانون الاتحادية في شوارع العاصمة واشنطن وعدة مدن أمريكية، بذريعة مكافحة الجريمة وملاحقة المهاجرين. فيما رأى منتقدوه، في هذه الخطوة رسالة واضحة لترهيب الخصوم السياسيين وتوسيع قبضته الأمنية داخل الولاياتالمتحدة. العفو عن مدانين في هجوم الكابيتول بدأ ترامب ولايته الثانية بإصدار عفو رئاسي عن أكثر من 1500 شخص أُدينوا في أحداث اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021. ورافق ذلك قرارات بفصل ممثلين اتحاديين للادعاء كانوا يتابعون هذه القضايا، فيما كلفت النائبة العامة بام بوندي هيئة محلفين بالتحقيق في أصول التحقيق الروسي الذي لاحق حملته الانتخابية عام 2016. التحقيق مع المدعي الخاص جاك سميث امتدت التحقيقات لتشمل جاك سميث، المدعي الخاص الذي أشرف على ملفات حساسة ضد ترامب، منها محاولاته لإلغاء نتائج انتخابات أمريكا 2020، وقضية الوثائق السرية الموجودة في منتجعه بفلوريدا. واعتبر المراقبون، فتح هذا الملف تصعيدًا خطيرًا يعكس رغبة ترامب في إسكات كل من حاول محاسبته. ترامب: "أنا كبير مسؤولي إنفاذ القانون" رغم الجدل، لم يُخفِ ترامب دوره المباشر في هذه الإجراءات، مؤكدًا أنه صاحب سلطة على كافة الدعاوى القضائية، وقال للصحفيين: "قد أعلم بها، قد أكون من بدأها، إنني في الواقع كبير مسؤولي إنفاذ القانون". ويعكس تصريحه بوضوح رؤيته لنفسه باعتباره المرجع الأعلى للسلطات الأمنية والقضائية في البلاد، وفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية. لتضع هذه التطورات الولاياتالمتحدة أمام مرحلة حساسة غير مسبوقة، إذ تتحول مؤسسات العدالة والأمن إلى أدوات في صراع سياسي شخصي. بينما يخشى المحللون، من أن تؤدي سياسة "قائمة الأعداء" إلى تقويض الثقة في النظام الديمقراطي الأمريكي، وإلى صدام سياسي حاد بين البيت الأبيض وخصومه في الكونجرس الأمريكي والولايات. اقرأ أيضًا| مُكالمة «كارثية» بين ترامب والرئيسة السويسرية تشعل أزمة دبلوماسية