حظيت أدوات التمويل الإسلامي في السنوات الأخيرة باهتمام عالمي ليس فقط في دول أغلب سكانها من المسلمين بل امتد الاهتمام إلي دول غير مسلمة كبريطانيا وفرنسا والصين وألمانيا، من أجل فتح تدفقات جديدة لعمليات التنمية في اقتصاديات تلك الدول، وتسعي مصر للاستفادة من الزخم العالمي حول تلك الأدوات والتي تعتبر أكثرها انتشاراً وهي الصكوك الاسلامية. ففي مطلع العام الحالي وافقت دولة المغرب على مشروع قانون لتنظيم عمل البنوك الإسلامية وإصدارات الصكوك لتمويل عجز الموازنة العامة الذي وصل قرابة 60% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي تونس تسعي الحكومة التونسية من خلال إصدار صكوك إسلامية من دخول الأسواق العالمية، وهو ما أوضحه وزير الاقتصاد التونسي في يوليو الماضي عندما قال إن الأموال التي ستوفرها الصكوك الإسلامية خلال العام الجاري 2014، تتراوح بين 180 و 300 مليون دينار. وفي سبتمبر 2012، أقرت الأردن قانوناً تحت اسم "صكوك التمويل الإسلامي لسنة 2012 " والذي بموجبه سيتم إصدار صكوك تمويل إسلامية لتداولها في السوق المالي. وفي 18 أغسطس من العام الحالي طرحت الهيئة العامة للرقابة المالية مشروع التنظيم القانوني للصكوك، الذي أعدته للحوار المجتمعي مطلع الأسبوع الماضي، وبدا أن الحكومة تسعي لاستخدام أداة من أدوات التمويل الإسلامي وإن كانت الحكومة متحفظة علي لفظ "إسلامية" وهي الصكوك. وهذه ليست المحاولة الأولي للحكومة المصرية نحو إصدار قانون ينظم الصكوك، فهناك خطوات ومحاولات سابقة اتخذتها الحكومة المصرية لتهيئة البيئة التشريعية والتنظيمية لتصل إلي مشروع قانون جديد يتم طرحه، وتمثلت في التالي: تعديل اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال بالرغم من أن قانون سوق رأس المال رقم (95) لسنة 1992 ولائحته التنفيذية قد تضمن صكوك التمويل كأحد الأوراق المالية التي يجوز للأشخاص الاعتبارية استخدامها لتمويل أنشطتها إلا أن التطبيق العملي لم يسفر عن تفعيل هذه الأدوات في التمويل نظراً لعدم وجود تنظيم متكامل لإصدار هذه الصكوك. وتم إعداد التعديلات المقترحة بصورة تتيح للجهات المصدرة للصكوك سواء شركات أو اشخاص اعتبارية أخري. مشروع قانون "الصكوك السيادية" الأول أعدت وزارة المالية في نهاية عام 2012 مشروع قانون الصكوك الإسلامية، وكان تحت اسم الصكوك السيادية وكان محصلة لثلاثة مشروعات قوانين الأول قدمته الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي والثاني قدمه حزب الحرية والعدالة ( الحزب الحاكم سابقا ) مع حزب النور السلفي، والثالث قدمه الخبير الدولي في إصدار الصكوك الإسلامية د\ حسين حامد حسان، لكن المشروع واجه نقد شديد ورفض من قبل مجمع البحوث الإسلامية ( كجهة استشارية بموجب الدستور آنذاك ) وتمثلت أهم الملاحظات فيما يلي : "مشروع القانون أجاز دخول الأجانب وتملكهم لأصول في الدولة المصرية، وأنه ينبغي أن يقتصر هذا النص على المصريين فقط، حيث يهدد أمن وسيادة الدولة". "مشروع القانون يحوى أن يكون التأجير 60 سنة، وهذه مدة كبيرة لأنها تمثل عمر جيل ولأن متوسط عمر الإنسان هو 60 عامًا". "المشروع يخالف أحكام الشريعة". إصدار قانون "صكوك التمويل" للشركات تم إعداد مشروع قانون الصكوك الخاصة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية في يناير 2013، حيث صرح رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية الدكتور أشرف الشرقاوي آنذاك، بأنه تم إرسال المسودة النهائية لمشروع قانون صكوك تمويل الشركات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية إلى الحكومة متمثلة في وزارة الاستثمار، تمهيداً لإرساله إلى البرلمان لمناقشته وإقراره، مشيراً إلى أن طرح المسودة للحوار المجتمعي مع الأحزاب والتيارات السياسية والجمعيات الاقتصادية يعد من اختصاص الحكومة وليس الهيئة. القانون المعدل أعيد القانون الأول لوزارة المالية بملاحظات مجمع البحوث الاسلامية والعديد من الخبراء للتعديل ولإعادة صياغة مشروع جديد، حيث صرح الدكتور المرسى حجازي وزير المالية آنذاك، إن قانون الصكوك الإسلامية قد تم تعديله لحماية أصول الدولة من البيع أو الرهن. ونوه أنه سيتم بحث المشروع في مجلس الوزراء وسيُعرض على مجلس الشورى والأزهر الشريف، وذلك لمُناقشته بعد أن تم إجراء تعديلات جوهرية عليه وفقا لمقترحات مجمع البحوث الإسلامية، وكانت أهم هذه التعديلات: "القانون لا يمنح حق الملكية لأصول الدولة وسوف يُنشئ هيئة شرعية مركزية للإشراف على عمليات الطرح، وأن قراراتها ستكون نهائية ومُلزمة للحكومة ولأي جهة ترغب في إصدار الصكوك". "الصكوك ستصدر مقابل حق المنفعة، لافتاً إلى أن هذه المادة تقضي على مخاوف تعرض أصول الدولة لخطر الرهن أو نقل ملكيتها وبالرغم من ذلك إلا أن هناك خطورة مشروع الصكوك الإسلامية هو ربط حق الانتفاع لجهات معينة بأصول عامة قائمة بالفعل وليس قصرها على المشروعات الجديدة التي يمكن للدولة الاستفادة بتمويلها عبر صكوك التمويل". قانون الصكوك رقم 10 لسنة 2013 و بعد محاولات عديدة تم إصدار قانون للصكوك الإسلامية في مصر في 7 مايو ونشر في الجريدة الرسمية في 8 مايو 2013م ، باسم قانون الصكوك وقد احتوي علي 30 مادة تحتوي علي تعريف الصكوك وأنواعها وطرق إصدارها والجهات المستفيدة والمصدرة لها. مشروع قانون "الصكوك" الجديد رأى خبراء هيئة الرقابة المالية وجود عدد من الملاحظات الفنية على القانون رقم 10 لسنة 2013 بشأن إصدار قانون الصكوك – الذي لم يتم تفعيله ولم تصدر لائحته التنفيذية - تستوجب تلك الملاحظات تعديل بعض الأحكام و إضافة مواد تنظم بعض الجوانب الأخرى التي أغفلها القانون. ورأت الهيئة مناسبة أن يتم تضمين المواد المقترحة بقانون سوق المال بدلاً من بقائها في قانون مستقل وذلك لوحدة الموضوع. ويتضمن مشروع القانون المقترح إضافة (20) مادة لقانون سوق رأس المال الحالي، بالإضافة إلى (4) مواد إصدار متضمنة أن يلغي القانون الصادر في 2013. وتم طرح مشروع القانون في 18 أغسطس الماضي للحوار المجتمعي تمهيداً لعرضه علي رئيس الجمهورية لإقراره.