عادل حمودة: لقد كان لسيد قطب أكثر من وجه وأكثر من لون وأكثر من لقب حلمي النمنم: قطب كان يكره الغرب فكيف قبل السفر لأمريكا؟ خبراء: اغتيال حسن البنا كان سببا في انضمام قطب للإخوان المسلمين جاء له صاحب عمامة سوداء قبل تنفيذ حكم الإعدام قائلا "تشهّد" فرد عليه "حتى أنت جئت تكمل المسرحية؛ نحن نُعدم لأجل لا إله إلا الله وأنت تأكل الخبز بلا إله إلا الله"،هذه آخر كلمات نطقها لسان سيد قطب، الكاتب والأديب والمفسر القرآني، وشخصية منأبرز شخصيات جماعة جماعة الاخوان المسلمين على مدار تاريخها وأحد أهم أعمدتها المرموقين. الرجل الذي تحدي العالم بابتسامته عريضة وهو يتلقى حكم بإنهاء حياته وأصبح رمزا وزعيما للكثير من محبيه وأثار الكثير من الجدل حول حياته، وستلقي شبكة الإعلام العربية «محيط» لمحة سريعة عن حياته. بداية الطريق ولد سيد قطب بقرية موشا في محافظة أسيوط،وتربي وسط أسرة بسيطة،وقد باع والده معظم إرثهِ ليثبت تميزه ولكي يعتبره الناس من الأعيان وكان ذلك يثير استياء والدته. لم يدخل سيد قطب كتاب القرية مثل أقرانه من أبناءها بل التحق بالمدرسة مباشرة وكان ذلك في سن السادسة، مما جعله مميزا عن غيره وحفظ القرآن الكريم في العاشرة من عمره. تفوقه في دراسته جعله يشعر بذاته مبكرا،مما جعل قطب يتجرأ علي المدرسين وناظر مدرسته،ومع اندلاع ثورة 1919 كان سيد يحضر اجتماعات الحزب الوطني ثم حزب الوفد،كما ساهم قطب في كتابة خطب الثورة وكان يلقيها في المساجد والتجمعات. قطب والأدب والصحافة سافر قطب إلى القاهرة في عام 1920 والتحق بمدرسة المعلمين عام 1922، وبعدها التحق بكلية دار العلوم عام 1929، وتخرج منها حاملا ليسانس الآداب، وخلال دراسته في دار العلوم ظهرت ميول قطب الأدبية حيث حرص علي ندوة الأديب عباس العقاد ،وواظب على حضورها ومن هنا انطلق قطب في عالم الأدب والنقد. في سنة 1933 صدر كتابه الأول "مهمة الشاعر في الحياة" وبعدها بعامين ألحقه بديوانه "الشاطئ المجهول" وصار ينشر له مقالات في العديد من الصحف منها البلاغ،كوكب الشرق،الأهرام،المصور،المقتطف،مجلة أبوللو وصحيفة دار العلوم ، وأصدر مجلتي"العالم العربي"و "الفكرالجديد" ساعده علي ذلك عمله ببعض الصحف مصححا لما ينشربها. الأديب الماجن يقول الكاتب الصحفي عادل حمودة في كتابه "سيد قطب من القرية إلي المشنقة" أن أتباع سيد قطب نسوا أيام كان يكتب عن المرأة والعشق وموسيقي الجاز ويدعو أن تكون مصر مستعمرة للعراة ،وفي نفس المصدر أيضا ذكر حمودة أن لسيد قطب أكثر من وجه و أكثر من لون،وأكثر من لقب، على حد تعبيره. قطب والعقاد جمعت العلاقة الوثيقة بين كل من سيد قطب وعباس العقاد قبل أن يسيطر عليها الجفاء بعد ذلك،حيث تأثر قطب بأفكار حزب الوفد وكان العقاد كاتبه الأول، وقطب محب لأدب العقاد وحريص على التواجد الدائم معه في الندوات الأدبية، وكان العقاد كاتباً معتزا بذاته وكان النموذج الذي يحتذي به قطب ويقتدي به. لكن الحياة والعراك السياسي جعل من قطب شخص آخر حيث أنه انقلب من العصرية والاهتمام بالقضايا الاجتماعية إلى أقصي درجات التوجه الديني، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل اتهم قطب ذلك الجيل من الكتاب والمفكرين المصريين بأنهم السبب في تردي أوضاع الأمة،وهذا ما اختلف مع ليبرالية العقاد. رحلة أمريكية عملقطب مدرسا في مدرسة الدوادية بالقاهرة وتنقل للعديد من المدارس وقتها حتىنُقل إلى وزارة المعارف ثم مفتشا في التعليم الابتدائي واستقر في الإدارة العامة للثقافة بالوزارة عام 1945، وفي هذا الوقت ألف كتابه "التصوير الفني في القرآن"وابتعد عن مدرسة العقادالأدبية. قررت وزارة المعارف المصرية عام 1948 إرسال سيد قطب إلى أمريكا للتعرف على مناهج التعليم بها ونظمه وظل حوالي سنتين بها،وقد أحاط برحلته إلى أمريكا الكثير من الجدل. وصف قطب الشعب الأمريكي في مقال بعنوان "أمريكا التي رأيت" قائلا" شعب بلغ في عالم العلم والعمل وقمة النمو والارتقاء بينما هو في عالم الشعور والسلوك بدائي لم يفارق مدارج البشرية الأولي". أمريكا طريقه لمعرفة الإخوان رحلة قطب الي أمريكا أثارت العديد من التساؤلات وذلك بسبب انضمامه لحركة الإخوان المسلمين بعد عودته من هذه الرحلة مباشرة ولكن حقيقة الأمر جاء اهتمام قطب بمعرفة هذه الحركة خلال تواجده بالولايات المتحدة عندما وجد فرحة عارمة وسط الأمريكيين بعد اغتيال حسن البنا مؤسس الحركة مما لفت أنظار قطب ليتعرف على هذه الحركة وصاحبها الذي دقت أجراس كنائس أمريكا لمقتله. الرحلة المثيرة تساءل حمودة في كتابه السابق الذكر معلقا على رحلة قطب إلى أمريكا كيف جاءت هذه الرحلة في وقت كان قطب يهاجم فيه النظام الملكي بمقالات نارية؟ ثم لماذا أمريكا؟ وخاصة أن تلك الفترة قد كانت تعتبر بريطانيا أهم بالنسبة لمن يهتمون بدراسة المناهج التربوية الغربية فهذا ما يثير القلق والحيرة ويرسم علامات الاستفهام والتعجب، على حد تعبير حمودة. ومن جانبه شارك الكاتب حلمي النمنم حمودة هذه التساؤلات في كتابه "سيد قطب وثورة يوليو" قائلا في الصفحة رقم 90 "كان قطب منذ سنة 1946 يعلن كراهيته للغرب كله واحتقاره لأمريكا فلماذا إذن قبل البعثة؟ ولم يترك البعثة لغيره وخاصة وأن الرحلة لم تفده ولم تفد المجتمع". انضمامه للإخوان عاد قطب إلى مصر وعُين في مكتب وزير المعارف بوظيفة مراقب مساعد للبحوث الفنية واستمر بها حتي قدم استقالته عام 1952، وفي هذه المرحلة كانت جماعة الإخوان تلعب دورا بارزا في عجلة الاصلاح والتوعية واستقطبت العديد من المثقفين ومنهم سيد قطب لما له من مشروع إسلامي يقود البشرية للخلاص مما ساهم في تقريب وجهات النظر بين الطرفين،وأصبح قطب مسئول القسم الدعوي وتوطدت العلاقة بين الاثنين وكان له كلمه مسموعة في الجماعة بل وساهم في تشكيل الهيئة التأسيسية لجماعة الاخوان. قطب والضباط الأحرار كان قطب هو المدني الوحيد المسموح له حضور اجتماعات مجلس قيادة ثورة يوليو، ولكنه سرعان ما اختلف معهم على منهجية تيسير الأمور مما اضطره إلى الانفصال عنهم. قطب في السجن اعتقل قطب علي خلفية محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في المنشية عام 1954، ومعه الكثير من أعضاء الجماعة واستمر حبسه لمدة 10 أعوام عانى خلالها شتى أصناف التعذيب، وتم الإفراج عنه بعد تدخل الرئيس العراقي الأسبق "عبد السلام عارف"، ولكن لم يذق طعم الحرية كثيراً واعتقل ثانية بعد حوالي 8 أشهر بتهمة التحريض على حرق معامل حلوان لإسقاط الحكومة. لم يستسلم قطب للسجن واستطاع إخراج كتابين من أهم مؤلفاته وهم "في ظلال القرآن" وكتاب "معالم في الطريق". إعدام سيد قطب في ابتسامة عريضة نقلتها كاميرات وكالات الأنباء الأجنبية استقبل سيد قطب الحكم عليه بالإعدام مع 6 آخرين بعد القبض عليهم بسبب رسالة أرسلها قطب للمباحث العامة احتجاجا، على القبض على أخيه محمد قطب وتم تنفيذ الحكم فجر الاثنين الموافق 29 أغسطس 1966.