بدأ أنصار الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي، اليوم السبت، إحياء الذكرى السنوية الأولى ل"أحداث رمسيس الثانية"، التي راح ضحيتها 210 قتيلا، حسب حصيلة رسمية. الأحداث وقعت يوم 16 أغسطس / آب 2013، في أعقاب انطلاق مظاهرات "جمعة الغضب" التي دعا إليها "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" الداعم لمرسي، بعد يومين من فض اعتصامي رابعة والنهضة (14 أغسطس/ آب 2013)، ودارت رحاها على مدار 20 ساعة. وبدأت الأحداث بإنطلاق مسيرات تشييع قتلى الفض، من مساجد عدة بالعاصمة القاهرة، باتجاه مسجد الفتح بميدان رمسيس (أكبر ميادين العاصمة)، حيث التحمت معها عدد مسيرات أخرى خرجت من مناطق أخرى بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة). ولم تستمر سلمية الأجواء سوى ساعتين، قبل أن تشتعل الاشتباكات عندما هاجم مجهولون المتظاهرين أمام قسم الأزبكية القريب من مسجد الفتح، حيث رشق المجهولون المتظاهرين بالحجارة وزجاجات المولوتوف (الحارقة)، ثم أطلقوا طلقات نارية في الهواء، ورد المتظاهرون بالحجارة، وفق شهود عيان. وبينما اعتبر المتظاهرون هؤلاء المجهولين مدفوعين من قبل قوات الأمن، قالت وسائل إعلام مصرية معارضة لمرسي إنهم أهالي يساندون الجيش والشرطة في مواجهة عناصر الإخوان. وفي أول ساعتين من الاشتباكات، وقع نحو 30 قتيلا، ومئات الجرحى، حسب مصادر طبية من التحالف المؤيد لمرسي (لم تصدر السلطات بيانات حينها)، الذي سارع بإنشاء مستشفى ميداني داخل مسجد الفتح. ومع مرور الوقت، ارتفعت أعداد الضحايا، حتى بلغت 51 قتيلاً وأكثر من 300 جريحا بعد 4 ساعات من بداية الاشتباكات، وسط كر وفر بين المتظاهرين والمجهولين، في الوقت الذي قال فيه شهود عيان إن "مروحيات عسكرية تقوم بإنزال قناصة أعلى مبان قريبة من الميدان، قامت بإطلاق الرصاص على أنصار مرسي". وفيما نفت مصادر عسكرية ووزارة الداخلية إطلاق قناصة النار على المتظاهرين، قالت منظمة "مراقبون لجرائم الانقلاب"، المؤيدة لمرسي، إن "قناصة على متن مروحيات عسكرية استهدفوا المتظاهرين في رمسيس". وبدأ عدد كبير من المتظاهرين ينشغلون بجرحاهم داخل مسجد الفتح، وبقى العشرات في حالة اشتباك خارج المسجد مع المجهولين، لكن وصول مسيرة حاشدة إلى محيط المسجد قادمة من حي مدينة نصر، شرقي القاهرة، وتعرضها لإطلاق رصاص أثناء مرورها من منطقة غمرة القريبة من ميدان رمسيس، أدى ذلك إلى زيادة كثافة وحجم الاشتباكات، وفق مراسل الأناضول وشهود عيان. ومع دقات الساعة الثامنة من مساء اليوم نفسه (18 ت.غ)، أعلنت مصادر طبية ب"التحالف"، عن وصول عدد القتلى إلى 81 شخصا، بعدما استقبل مسجد التوحيد القريب من رمسيس جثامين 30 قتيلا و500 جريح. ومع استمرار الاشتباكات، أعلن صلاح سلطان، القيادي ب"التحالف" في كلمة أمام المتظاهرين، أن "التحالف" قرر الانصراف من ميدان رمسيس، والدخول في "أسبوع استنفار" بداية من السبت (اليوم التالي)، إلا أن أغلب المتظاهرين رفضوا ذلك، مقررين الاعتصام في الميدان. وفي هذه الأثناء كانت وسائل الإعلام المحلية تبث لقطات مباشرة من محيط مسجد الفتح بميدان رمسيس، حيث شب حريق هائل في مبنى من عدة طوابق تابع لشركة مقاولات قرب قسم شرطة الأزبكية، وارتفعت منه ألسنة اللهب، وسط غياب قوات الإطفاء عن المكان. وحسب شهود عيان، كثفت قوات الأمن في تمام ال10 مساءً (20:00 ت.غ)، هجومها على المتظاهرين، وحوصر المئات منهم داخل مسجد الفتح. فيما أعلنت جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها مرسي، عبر المتحدث باسمها، أحمد عارف، أن "عمليات قتل ممنهجة تمارس بحق المتظاهرين السلميين في ميدان رمسيس"، مطالبة الجيش ب"عدم الاندفاع إلى مستنقع قتل المصريين". وحتى ساعة متأخرة من مساء الجمعة، ظلت وسائل الإعلام المحلية تنقل لقطات مسجلة وحية من محيط مسجد الفتح وسط تضارب في وصف الصورة على الأرض؛ حيث نقلت وسائل إعلام معارضة لمرسي إن "مؤيدي الأخير يقومون بإطلاق النار على قوات الأمن من أعلى سطح المسجد والمئذنة"، فيما نقلت وسائل إعلام مؤيدة لمرسي إن "الأجهزة الأمنية أطلقت قنابل غاز مسيلة للدموع على المتظاهرين داخل المسجد وإن من يطلق النار من أعلى المسجد هم مسلحون تابعون لقوات الأمن بهدف الإيحاء للرأي العام بأن المتظاهرين مسلحين". ومع ساعات الصبح الأولى من يوم السبت، سيطرت قوات من الجيش المصري على ميدان رمسيس بالكامل، إلى جانب محيط مسجدي الفتح والتوحيد، حيث يتواجد مستشفيان ميدانيان منفصلان ومتظاهرون محتمين ومعتصمين داخله. وبعد انتهاء حظر التجوال اليومي (يبدأ 7 مساءً بالتوقيت المحلي (17 ت.غ)، الذي كانت تشهده البلاد، آنذاك، في السادسة صباحا بالتوقيت المحلي (4:00 ت.غ) أصر أنصار مرسي داخل المسجد، ومن بينهم أطفال ونساء، على رفض فض الاعتصام بالقوة، مطالبين بقدوم أهالي حي رمسيس لتأمين خروجهم، ومعربين عن خشتيهم من التعرض للاعتداء على يد عناصر الجيش والشرطة ومناوئي مرسي المسيطرين على مخارج المسجد، حسب مراسلي الأناضول. وصباح اليوم نفسه، أعلن "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، ارتفاع قتلى مظاهرات "جمعة الغضب" إلى 103 قتلى. وبدأت وسائل الإعلام المصرية تنقل عن المتواجدين داخل مسجد الفتح استغاثة، بعد استمرار بقائهم بالداخل لمدة 12 ساعة تقريبا، مرددين أنهم يعانون من نقص حاد في الطعام. ووسط تلك الإغاثات، كانت الهتافات بطل الأحداث بين مؤيدي مرسي داخل المسجد، والمناوئين له في الخارج، حيث ردد الطرف الأخير هتافات تندد بالرئيس المعزول وبجماعة الإخوان المسلمين، وبمحمد البرادعي، نائب الرئيس الذي استقال من منصبه احتجاجا على فض اعتصامي "رابعة العدوية" و"نهضة مصر" بالقوة، فيما ردد المتواجدون داخل المسجد، هتافات تؤكد تمسكهم بهدفهم، وهو إنهاء ما يعتبرونه "انقلابا عسكريا" على مرسي. وأفاد مراسل الأناضول في حينه، بأن قيادات من الجيش بدأت في مفاوضات لتوفير خروج أمن للمتواجدين داخل المسجد، فيما أهاب "التحالف" المؤيد لمرسي ، بجموع المواطنين، "الزحف إلي مسجد الفتح لإنقاذ المعتصمين" بداخله. لكن عملية تأمين خروج مؤيدي مرسي واجهتها صعوبات أدت لتوقفها، رغم محاولة وفد من نقابتي الأطباء والصيادلة وشخصيات عامة المساعدة في ذلك التأمين، لكن تبادل إطلاق الرصاص بين قوات من الجيش والشرطة من جانب وأصحاب المحال التجارية الذين كانوا يريدون فتح محالهم، بمحيط المسجد عرقلت الأمر. وبدأت الأحداث تأخذ طريقها للهدوء مع قبض قوات الجيش على 5 مسلحين؛ بتهمة إطلاق الرصاص على قوات الجيش والشرطة من فوق مئذنة مسجد الفتح، بينما اتهم المتظاهرون قوات الأمن بإرسال هؤلاء المسلحين إلى مئذنة المسجد للإيحاء أمام الرأي العام بأن المتظاهرين مسلحين. ومع إعلان قرابة 300 شخص، أغلبهم نساء، من المحاصرين داخل المسجد، الإضراب الكامل عن الطعام والشراب حتى يتم الاتفاق على خروج بشكل أمن إلى منازلهم، بدأت قوات الأمن في اخراج جميع المتواجدين داخل المسجد، حسب شهود عيان. وما إن فتحت أبواب المسجد أمام خروج من كانوا بداخله، لم يسمح للجميع بالعودة إلى منازلهم، حيث تم وضع عدد منهم في سيارات الترحيلات ومدرعات الجيش، وتم نقلهم إلى مقار أمنيه للتحقيق معهم. فيما يحاكم حالياً نحو 494 متهما أمام محكمة الجنايات في تلك الأحداث بتهم "ارتكاب أحداث عنف وقتل واعتداء على قوات الشرطة، وإضرام النيران بالمنشآت والممتلكات"، حسب مصادر قضائية. وحسب بيان إحالة هؤلاء المتهمين إلى النيابة العامة المصرية، فإن عدد قتلى "أحداث رمسيس الثانية" بلغ 210 شخصا. وأطلقت وسائل اعلام محلية، على اشتباكات وقعت بين داعمين لمرسي وقوات الأمن، في شهر يوليو/ تموز 2013، اسم "أحداث رمسيس الأولى".