الجنة والنار ضدان لا يلتقيان، ومن أجل دخول الجنة على النفس أن تتحمل ما لا تطيق، وتسير بعيدة عن طريق الشهوات والمفاتن كما حدَّثنا رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - عن رواية مسلم في صحيحه، (حُفَّت الجنة بالمكاره وحُفَّت النار بالشهوات). التفسير أوضح الإمام النووي في شرح هذا الحديث ما نصُّه: "قوله صَلَّى اللَّه عليه وَسلم: حفت الجنة بالمكاره، وَحفت النار بالشهوات هكذا رواه مسلم: حفت ووقع في البخاري: حفت ووقع فيه أَيضا: حُجِبَتْ وكلاهما صحيح، قال العلَماء: هذا من بَدِيع الْكلام وفصيحه وجوامعه التي أُوتيها صلى الّله عليه وسلم من التمثيل الحسن. ومعناه لا يوصل الجنة إلا بارتكاب المكاره والنار بالشهوات, وكذلك هما مجبوبتان بهما, فمن هتك الحجاب وصل إلى المحجوب, فهتك حجاب الجنة باقتحام المكاره وهتك حجاب النار بارتكاب الشهوات. فأما المكاره فيدخل فيها الاجتهاد في العبادات والمواظبة عليها والصبر على مشاقها وكظم الغيظ والعفو والحلم والصدقة والإحسان إلى المسيء ونحو ذلك. وأما الشهوات التي النار محفوفة بها فالظاهر أنها الشهوات المحرمة كالخمر والزنا والغيبة ونحو ذلك وأما الشهوات المباحة فلا تدخل في هذه لكن يكره الإكثار منها مخافة أن يجر إلى المحرمة أو يقسى القلب أو يشغل عن الطاعات".