تحدى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي كل معارضيه الشيعة والسنة، ولم يُعر اهتماماً لدعوة المرجع الديني في النجف علي السيستاني إلى ضرورة تشكيل حكومة جامعة تضم كل الأفرقاء، كما تجاوز دعوة أمريكية مماثلة، معلناً أمس تمسكه بالترشح لولاية ثالثة، وسط ضغوط إيرانية للمحافظة على وحدة "التحالف الوطني" (الشيعي) المعرض للانشقاق بسببه. وعقد قادة "التحالف" الذين أصبحوا أمام خيارات صعبة اجتماعاً جديداً أمس للبحث في اختيار رئيس للحكومة، آملين في أن يغير المالكي موقفه، لكنهم عادوا، بعد تصريحاته، ليغرقوا في خلافاتهم الداخلية. وقال المالكي في بيان أمس إن ائتلافه "دولة القانون" خاض "معركة انتخابية شرسة تعرض خلالها لشتى أنواع الاتهامات والدعايات المغرضة التي لم تحصل مع أي قائمة انتخابية، وشاركت في تلك الحملة الظالمة جهات داخلية وخارجية معروفة، وكانت بمثابة رسالة سياسية عرفنا أهدافها وغاياتها منذ البداية". وأضاف "على رغم ضخامة الدعاية السوداء التي تعرضت لها شخصيا، وباقي الأخوة المرشحين في ائتلاف دولة القانون، تمكنا بعون الله وإرادة المخلصين من أبناء الشعب من تحقيق فوز كاسح". وزاد "ان الإخلاص لأصوات الناخبين يوجب علي أن أكون وفياً لهم وأن أقف إلى جانبهم في هذه المحنة التي يمر بها العراق، ولن أسمح لنفسي أبداً بان أخذلهم وأتخلى عن الأمانة التي حملوني إياها وهم يتصدون بأصابعهم البنفسجية لقوى الشر والظلام". وفي تأكيد رفضه الانسحاب من الترشح لولاية ثالثة قال "إن الإنسحاب من أرض المعركة مقابل التنظيمات الإرهابية المعادية للإسلام والإنسانية يعد تخاذلا عن تحمل المسؤولية الشرعية والوطنية والأخلاقية (...) وأقول بكل عزم وقوة أنني سأبقى وفياً لهم وللعراق وشعبه، ولن أتنازل أبدا عن الترشيح لمنصب رئيس الوزراء ، فائتلاف دولة القانون هو الكتلة الاكبر، وهو صاحب الحق في منصب رئاسة الوزراء وليس من حق أي جهة ان تضع الشروط". إلى ذلك، قال مصدر سياسي شيعي لصحيفة "الحياة" اللندنية :"إن النقطة الخلافية في اجتماعات التحالف تتعلق بطريقة التصويت لاختيار رئيس للوزراء، فدولة القانون يصر على أن يكون هناك إجماع على مرشح واحد يعرض على الكتل الأخرى على أن يكون مقبولاً منها". وأضاف إن "المالكي يدرك ان تجديد ولايته في حكم المستحيل، وهو يضغط للحصول على تنازلات من الأطراف الشيعية الأخرى، سواء تعلق الأمر بمرشح مقبول على مستوى التحالف وعلى الصعيد الوطني، أو تعلق بالترتيبات والمناصب السياسية والأمنية التي لا يرغب أن يطاولها التغيير والإصلاح (...) في مقابل وجود قناعة شيعية ووطنية وربما إقليمية ودولية أيضا بان السياسات التي انتهجتها حكومة المالكي قادت إلى ما نحن فيه اليوم ويجب إحداث تغيير شامل فيها". وكان ممثل السيستاني في كربلاء احمد الصافي دعا أمس إلى أن "يكون الرؤساء الثلاثة (الجمهورية والبرلمان والحكومة) منسجمين في ما بينهم لوضع السياسات العامة وإرادة البلد، وقادرين على العمل معاً لحل المشاكل التي تعصف به وتدارك الأخطاء الماضية التي أصبحت لها تداعيات خطيرة". إلى ذلك، قدم إعلان رئيس قائمة "متحدون" أسامة النجيفي مساء أول انسحابه من الترشح لرئاسة البرلمان، زخماً جديداً للجبهة التي تطالب المالكي بالتنحي. وقال النجيفي، في كلمة تلفزيونية الليلة قبل الماضية:"من حقِنا كمكون أن نتسنمَ رئاسةَ مجلسِ النوابِ في دورتِه الجديدة لكن الوفاءَ للشعبِ والوفاءَ لمطالبِ وحقوقِ المحافظاتِ المنتفضةِ جعلنا نصرُ على عدمِ المشاركةِ في حكومةٍ يرأسُها السيدُ المالكي، وطالبنا بالتغييرِ وعَمِلنا مع أطرافٍ في التحالفِ الوطني والتحالفِ الكردستاني من اجلِ تغييرِ رئيسِ الوزراءِ".