من منا لا يقابل فى طريقه الباعة الجائلين الذين يفترشون الأرصفة لبيع المناديل أو غيرها من السلع البسيطة طلبا للرزق ، يتكاثر أعدادهم دوما فى رمضان عسى أن يصيبهم نصيب من الشهر " الكريم " الذى يكثر فيه أصحاب القلوب الرحيمة ، ففى العادة لا يأبه بهم أحد ، لا يسمعون الأنين المكتوم ، لا يرون الدموع و هى تبلل الجفون ، لا يشعرون بحجم معاناتهم التى ألقت بهم فى الشارع يتسولون " لقمة " العيش . الحاجة " مبروكة " تبيع الحلوى و الترمس للأطفال أمام مدرسة بمنطقة بشتيل و فى شهر رمضان تبيع خضرة و بلح على الرصيف وهي تقول " ربنا بيرزق بطلع ب 5 أو 6 جنيه فى اليوم و اهو عايشة " . مبروكة لا تعول نفسها فقط بل بناتها الست أيضا و أولادهم ، بعد وفاة زوجها ، و برغم زواج ثلاثة من البنات و لكنها مازالت تتحمل مصاريف معيشتهم ، لأن أزواجهم عاطلين عن العمل ، و زوجاتهم تتسولن بالشوارع طلبا للرزق ! الحاجة مبروكة لم تستطع أن تعلم بناتها الكبار فحرصت على تعليم الثلاثة الصغار ، و تقول مبروكة " بنتى بتأخذ كورس كمبيوتر ب 300 ج بتقولى عايزة زى زمايلها قلتلها احنا مش زى حد ". و تابعت مبروكة بأسى "ابنتى الكبيرة لديها خمسة أطفال ، و الوسطى مطلقة و معها طفلان وتبيع المناديل " ، ثم تكمل : " يصعب علي رؤية العيال لما بتجوع كنت بشحت لهم رغيفين و حبة فول عشان يأكلوا " . توقفت لحظة و الدموع تترقرق بعينيها قائلة :" أنا اللى عمرى ما دخلت قسم .. بنتى تترمى فى الحجز بتهمة تسول " . هناك آلاف السيدات تماثل حالتهن حالة مبروكة، وهي التي تتفاءل بالشهر الكريم الذي يفطرون فيه مجانا .. ولسان حالها : ليت السنة كلها رمضان. ذرفت مبروكة أمانيها دموعا قائلة : "الغلابة لا يجدون عيش حاف ، من يمتلك أموالا يجب أن يأتي ليرى حالنا، والرئيس الجديد لازم يحس بينا ".