شيء جميل أن تتجه وزارة التربية والتعليم لتحسين أوضاع المعلمين المالية والأدبية سعياً إلى النهوض بالعملية التعليمية من خلال تجويد مستوى المعلم مهنياً، إضافة إلى تجويد وضعه المادي من خلال مراحل تربط المستوى المادي بالمستوى المهني والعلمي.
لكن وعلى الرغم من هذا الاهتمام المشهود بالمعلم، إلا أن الوزارة أدارت ظهرها وغضت طرفها عن شريحة تمارس دوراً في العملية التعليمية لا يقل بأي حال عن دور المعلم، وهم شريحة الأخصائيين الذين يعملون بدواوين الإدارات والمديريات وديوان عام الوزارة مثل ( أخصائي الإحصاء - أخصائي التخطيط والمتابعة – أخصائي شئون الطلبة – أخصائي التنسيق – أخصائي التغذية..الخ).
هذه الفئة ورغم أنها:- (1) مقيدة على ذات المجموعة النوعية المُقيد عليها المعلم وهى "المجموعة التخصصية لوظائف التعليم". (2) ورغم أن شروط الترقية المُطبقة على المُعلم تُطبق على هذه الفئة. (3) ورغم أن المُسميات الوظيفية المُطبقة على المعلمين تُطبق على هذه الفئة مثل ( أخصائي إعدادي – أخصائي ثانوي – أخصائي أول ثانوي...الخ). إلا أنها عانت من التجاهل التام، علماً بأن أصحابها حاصلون على مؤهلات جامعية أعلى وأرقى من تلك المؤهلات التي تمتع كثير من أصحابها بكادر المعلم.
هذا الوضع المختل خلق جواً غير صحي بين المعلمين ونظرائهم من الأخصائيين العاملين بالدواوين، حيث لا يُعقل أن يتقاضى معلم أو أخصائي يعمل بالمدرسة لم يقض في المهنة أكثر من عامين ضعف مرتب الأخصائي الذي يعمل بالدواوين والذي قضى في الوظيفة أكثر من عشر سنوات، علماً بأن وظيفة أخصائي هي وظيفة مناظرة لوظيفة مدرس بكافة المراحل التعليمية، فمثلاً وظيفة أخصائي ابتدائي تناظر وظيفة مدرس ابتدائي، ووظيفة أخصائي إعدادي تناظر وظيفة مدرس إعدادي، ووظيفة أخصائي ثانوي تناظر وظيفة مدرس ثانوي.. وهكذا،
فلماذا التفرقة بين الوظيفة والوظيفة المناظرة لها بجدول الوظائف. ومما زاد الأمر سوءا أنْ طال كادر المعلمين الأخصائيين الذين يعملون بالمدارس مثل ( الأخصائي الاجتماعي – الأخصائي النفسي – أخصائي الصحافة والإعلام – أخصائي الوسائل التعليمية – أخصائي المسرح – أمين المكتبة – أخصائي التكنولوجيا..الخ )، والأنكى أن طال الكادر بعض المشرفين مثل ( مشرف الصحافة – مشرف الوسائل – مشرف المكتبات..الخ ) وهم من أصحاب المؤهلات المتوسطة، في ذات الوقت الذي لم يحصل فيه الأخصائي الذي يعمل بالديوان صاحب المؤهل الأعلى على أي شيء، فما ذنبه؟!.
والغريب أن بعض الأخصائيين الذين يعملون بالدواوين يمارسون أعمالاً تتشابه إلى حد كبير مع أعمال نظرائهم الأخصائيين الذين يعملون بالمدارس مثل وظيفة أخصائي الإحصاء التي يتعلق شغلها باستخدام الحاسب الآلي وتكنولوجيا المعلومات، بل هي الوظيفة المعنية بتسجيل وتعديل كافة بيانات العاملين ( من مدرسين وموظفين وعمال ) والتلاميذ، وغيرها على قاعدة البيانات الالكترونية على بوابة الخدمات الالكترونية التابعة لموقع الوزارة، وهى البوابة التي قامت بجهد خارق فيما يتصل بكل تفاصيل موضوع كادر المعلم، وهو عمل شاق ومضني وله أضرار على الصحة،
ورغم هذا لم تدرج هذه الوظيفة ضمن الوظائف المستحقة لكادر المعلم، في حين تم إدراج وظيفة أخصائي تكنولوجيا التعليم، وأخصائي العلوم المطورة ضمن الوظائف المستحقة للكادر، بل ويحصل صاحبها على حافز شهري"خاص" نظراً لطبيعة عمله المتعلقة باستخدام الحاسبات الآلية، فلماذا يحرم أخصائي الإحصاء، ويُمنح أخصائي تكنولوجيا التعليم وأخصائي العلوم المطورة؟!!.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا لم تدخل وظيفة "أخصائي الإحصاء" ضمن مفهوم "أخصائيي التكنولوجيا" الواردة بالمادة 70 من القانون 155 لسنة 2007 والمعدلة بالمادة 70 من القانون 198 لسنة 2008 قياساً على دخول وظيفة" أخصائي الوسائل التعليمية" و " أخصائي العلوم المطورة" في مفهومها وهاتان الوظيفتان من الوظائف التي سرى عليها كادر المعلم بمرحلتيه الأولى والثانية رغم عدم ورودهما "صراحة" بنص المادة 70، وكذا "وظيفة أخصائي مسرح" دخلت في ضمن مفهوم " أخصائيي الصحافة والإعلام" رغم أنها لم ترد "صراحة" بنص المادة المذكورة.. لماذا؟.
إن الأمل لا زال يراود قلوب الأخصائيين"المقيدون على المجموعة التخصصية لوظائف التعليم" الذين يعلمون بدواوين الإدارات بأن يصدر قراراً منصفاً من الجهة الإدارية يقضى على هذه التفرقة، حتى يتساوى الأخصائي الذي يعمل بديوان الإدارة أو المديرية أو الوزارة مع نظرائه من المعلمين والأخصائيين الذين يعملون بالمدارس سعياً للحفاظ على تناغم العمل، وخلقاً لروح الإنتاج والابتكار، ودرءاً لآفة الحقد التي راحت تسرى في الوسط التعليمي إثر هذه التفرقة العجيبة.