أبرمت الوزارة المغربية المكلفة بشئون الهجرة، مساء الجمعة، عددا من اتفاقيات الشراكة مع قطاعات حكومية أخرى وهيئات للمجتمع المدني بهدف دعم إدماج المهاجرين وطالبي اللجوء الذين حصلوا على إقامات قانونية بالمغرب. وذكرت وكالة "الأناضول" الإخبارية، أن ذلك يأتي بعد مرور ستة أشهر على بدء المغرب تنفيذ سياسته الجديدة في الهجرة، والرامية إلى تسوية الوضعية القانونية لآلاف المهاجرين غير الشرعيين، وعدد من طالبي اللجوء على أراضيه. واعتبر الوزير المغربي المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشئون الهجرة أنيس بيرو، خلال حفل التوقيع الذي أقيم بمقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان "حكومي" مساء أمس، أن الخطوة التي قام بها المغرب عبر سنه لسياسة جديدة للهجرة تقوم على أساس منح الإقامة القانونية للمهاجرين غير الشرعيين بالمغرب على اختلاف جنسياتهم. وأشار بيرو إلى أن تلك الخطوة تقدم نموذجا على المستوى الإقليمي والدولي ينبني على أساس القبول بالآخر عوض "بدل" الانغلاق والرفض - على حد قوله. وعقدت عدد من الوزارات المغربية اتفاقيات شراكة وتعاون مع وزارة شؤون الهجرة من أجل مساعدة المهاجرين واللاجئين في المغرب على الاندماج "بشكل سلس" في محيطهم الاجتماعي الجديد، حيث تم إبرام اتفاقية حول "الإدماج الاجتماعي للمهاجرين واللاجئين" مع وزارة الأسرة والتنمية الاجتماعية المغربية تهدف إلى مكافحة مختلف أشكال التمييز والعنصرية ضد هؤلاء، وحماية النساء المهاجرات وأطفالهن من أي شكل من أشكال العنف. كما تم توقيع اتفاقية أخرى مع وزارة التعليم المغربية وتهدف إلى توفير الإدماج التربوي للمهاجرين واللاجئين، عبر مساعدة هؤلاء الوافدين إلى المغرب على تعلم الثقافة واللغة المغربية، ومواكبة التأهيل المهني للمهاجرين ومساعدتهم على إنجاح مشاريعهم المهنية. ويتوافد على المغرب أعداد من المهاجرين غير الشرعيين من دول جنوب الصحراء، في طريقهم للعبور إلى دول أوروبا، ولاسيما إسبانيا، غير أن عددًا منهم يستقر في المغرب، لتصبح الأراضي المغربية موطن استقرار لهم لا نقطة عبور فقط، وتقدر السلطات أعدادهم بما بين 25 ألفًا و45 ألف مهاجر. وتطالب هيئات حقوقية في المغرب بتحسين ظروف إقامة المهاجرين القادمين من دول الساحل والصحراء، وتحذر من "الظروف الصعبة التي يتم فيها ترحيلهم"، حيث يقطنون في المناطق الحدودية في غابات وأحراش في ظروف غير إنسانية. وكان المغرب أطلق بداية العام الجاري عملية لتسوية وضعية آلاف المهاجرين غير الشرعيين، وحوالي 850 من طالبي اللجوء. وبدأ المغرب في فبراير/ شباط الجاري تسليم أول دفعة من بطاقات الإقامة للعشرات من المهاجرين غير الشرعيين على أراضيه، بعد دراسة ملفاتهم ومدى استجابتهم للشروط التي وضعتها في هذا السياق. وتأتي هذه الخطوات بعدما أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقرير سبتمبر/ أيلول الماضي، قال قال فيه إن "المغرب أصبح بدوره أرضا للجوء والاستقرار الدائم للمهاجرين، وبات يستضيف عددا من المهاجرين النظاميين الذي يقصدون المغرب للعمل وعددا كبيرا نسبيا من الطلبة الأجانب ومهاجرين في وضعية غير نظامية، يبقون في المغرب لسنوات عديدة أحيانا من أجل العبور، بالإضافة إلى طالبي اللجوء واللاجئين". كما رصد المجلس وجود مجموعات مستقرة منذ وقت طويل، مثل الجزائريين والسوريين ومهاجرين من جنسيات أوروبية مختلفة، بالإضافة إلى تسارع وتيرة التنقلات البشرية، مثل تنقلات النخب المهنية من ذوي المهارات العالية بين أوروبا والمغرب أو الإقامة المطولة للمتقاعدين الأوروبيين، خاصة الفرنسييين منهم. وعقب إصدار هذا التقرير، عقد العاهل المغربي الملك محمد السادس اجتماعا عالي المستوى مع أعضاء الحكومة المغربية، في سبتمبر/ أيلول الماضي أعلن خلاله إطلاق سياسة جديدة للهجرة، تعمل على تسوية أوضاع آلاف المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء على أراضيه. وتصاعد الجدل في المغرب خلال السنوات الأخيرة بشأن احترام السلطات لحقوق المهاجرين غير الشرعيين، حيث اتهمت جمعيات حقوقية للسلطات المغربية بإساءة معاملة هؤلاء الوافدين، خاصة القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء "الدول الأفريقية التي تقع جنوب الصحراء الكبرى" أثناء تواجدهم في المغرب، وأن قوات الأمن استعملت القوة خلال عمليات الترحيل القسري التي يتعرض لها هؤلاء المهاجرون في اتجاه حدود البلدان المجاورة بعد فشل محاولات تسللهم إلى الأراضي الإسبانية، وهو ما تنفيه السلطات المغربية.