دعا باحثون ونشطاء مدنيون وسائل الإعلام الدولية والمحلية إلى تغيير "الصورة النمطية" التي تكرس العنصرية ضد المهاجرين في المغرب. ودعوا بدلا من ذلك إلى نشر ثقافة الحوار والتعايش التي تساهم في إدماج هؤلاء المهاجرين في المجتمع المغربي، وتحسين أوضاعهم المعيشية. جاء ذلك خلال ندوة نظمتها المنظمة الدولية للهجرة مستقلة، بالعاصمة المغربية الرباط، مساء الأربعاء، تدارس خلالها باحثون ونشطاء مدنيون، إلى جانب مهاجرين قادمين من دول الساحل والصحراء، أوضاع المهاجرين غير الشرعيين بالمغرب، والسياسة الجديدة التي تنتهجها السلطات المغربية في التعامل مع ظاهرة الهجرة. وقالت "آنا هاردي"، الناشطة في المنظمة الدولية للمهاجرين، إن "المغرب أضحى خلال السنوات القليلة الماضية، بلد استقبال للمهاجرين القادمين من دول جنول الصحراء، وليس بلد عبور فقط؛ ما يفرض عليه التزامات، ويضع أمامه تحديات". وأكدت على "ضروة العمل على تغيير الصورة النمطية التي تم تكوينها حول المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء في الإعلام المحلي والدولي، والتي تربطهم بالفقر والجريمة وتهريب المخدرات والتسول، وتسهم في نشر السلوكات العنصرية ضدهم". وأضافت هاردي أن السياسة الجديدة التي اعتمدها المغرب بداية السنة الجارية في مجال الهجرة "خطوة إيجابية"، وتمنح المغرب "مصداقية" على الصعيد الدولي، "لكن يجب أن تركز على دعم المهاجرين إنسانيا، ومساعدتهم على الإندماج في المجتمع المغربي، بتوفير الخدمات الضرورية، وفي مقدمتها الرعاية الصحية والتعليم لأبنائهم". ودعت السلطات المغربية والإسبانية، إلى "عدم استعمال العنف ضد المهاجرين خاصة في المناطق الحدودية، وأثناء عمليات منعهم من عبور الحدود". وكان المغرب أطلق بداية العام الحالي عملية لتسوية وضعية آلاف المهاجرين غير الشرعيين، وحوالي 850 من طالبي اللجوء. وبدأ المغرب في فبراير/ شباط الجاري تسليم أول دفعة من بطاقات الإقامة للعشرات من المهاجرين غير الشرعيين على أراضيه، بعد دراسة ملفاتهم ومدى استجابتهم للشروط التي وضعتها في هذا السياق. من جانبه، دعا الناشط الحقوقي ذو الأصول الإفريقية "ليونيل نزومبا" الإعلام المحلي المغربي إلى الابتعاد عن نشر أي "صور نمطية" للمهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء، أو إطلاق "أحكام جاهزة تشوش على علاقتهم بمحيطهم الجديد، وتعيق عملية اندماجهم داخله". واعتبر أن محاربة "بعض الأفكار والممارسات العنصرية" التي يعاني منها المهاجرون القادمون من جنوب الصحراء في المغرب، "يجب أن تتم عبر التعليم وإشاعة ثقافة التعايش وقبول الآخر". وأكد أن الإعلام المحلي يلعب دورا أساسيا في نشر هذه القيم ومحاربة العنصرية ضد المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء. وتقول جمعيات حقوقية مغربية إن "هناك صعوبات عدة" تواجه عملية إدماج المهاجرين غير الشرعيين بالمغرب وتسوية أوضاعهم القانونية، خاصة تلك المتعلقة بالقادمين من بلدان الساحل والصحراء، حيث توجد "ممارسات عنصرية" ضدهم مقارنة بالأوروبيين. ويتوافد على المغرب أعداد من المهاجرين غير الشرعيين من دول جنوب الصحراء، في طريقهم للعبور إلى دول أوروبا، ولاسيما إسبانيا، غير أن عددًا منهم يستقر في المغرب، لتصبح الأراضي المغربية موطن استقرار لهم لا نقطة عبور فقط، وتقدر السلطات أعدادهم بما بين 25 ألفًا و45 ألف مهاجر. وتطالب هيئات حقوقية في المغرب بتحسين ظروف إقامة المهاجرين القادمين من دول الساحل والصحراء، وتحذر من "الظروف الصعبة التي يتم فيها ترحيلهم"، حيث يقطنون في المناطق الحدودية في غابات وأحراش في ظروف غير إنسانية.