تتأهب تونس اقتصاديا وتجاريا على المستوى الحكومي والشعبي، لاستقبال شهر رمضان المعظم، الذى تفرض عاداته وتقاليده نفسها على المجتمع، وترتفع فيه وتيرة استهلاك الأغذية عن باقي أشهر العام، في ظل ظروف اقتصاديّة صعبة، تمر بها البلاد ومقدرة شرائيّة متواضعة، للمواطن التونسى تتراجع من يوم إلى آخر في ظلّ الارتفاع السريع لأسعار المنتجات الغذائية. وترتفع خلال هذه الايام التي تسبق مجيء الشهر الكريم، وتيرة التحضيرات لهذه المناسبة السنوية التّي تنتظرُها، كل العائلات التونسية كسائر عائلات المسلمين في العالم. واجتاح هاجس ارتفاع الاسعار الشارع التونسي الذّي يولي اهمية خاصة لهذا الشهر، ويدخر له قدرا كبيرا من الأموال، لتغطية مصروفاته، اذ يعتبره مميزا عن باقي الاشهر على كافة الأصعدة. وقالت نجلاء حروش ، وزيرة التّجارة والصناعات التقليدية التونسية، فى حديث للأناضول، على هامش احدى الملتقيات الاقتصاديّة، إن هناك تحضيرات كبيرة لشهر رمضان تشمل التأكد من توافر مخزون المواد الغذائية، ومراقبة الأسواق" . وأضافت حروش أن وَفرة المنتجات الغذائية هذا العام، ستجعل الوزارة قادرة على ضبط الاسعار، وفق ما يتناسب ووضع المواطن التونسي وقدرته الشّرائية، فضلا عن أنه سيتم توريد كميات كبيرة من اللحوم الحمراء وتوفيرها بأسعار ملائمة. وقالت حروش "هذا الموسم سيتميز بتوفر كل المنتجات والمواد الغذائية، وعدم وجود أي نقص فيها." واضافت حروش أن وزارة التجارة توصلت إلى اتفاق مع عدد من التجار، في قطاعات معينة، للتراجع عن أسعار بعض المنتجات الغذائية، والتي تعتبر مرتفعة، وفق استراتيجية تتبعها الوزارة للضغط على الأسعار. وقالت حروش إن أفضل حل لخفض الأسعار، هو توفير المنتجات، وحثّ المواطن التّونسي على ترشيد استهلاكه خلال هذا الشهر. وجرت العَادة ان تتميز مائدة شهر رمضان لدى التّونسيين، بتنوع المأكولات، وثراء الاطباق، ما يجعل المواطن التونسي، يقبل على مختلف المواد الغذائية بشيء من الإفراط، لكن تراجع القدرة الشرائية لديه، بسبب الأوضاع الاقتصاديّة المترديّة في البلاد، جعلت من هذه العادة تتراجعُ موسما بعد آخر. وقالت فاتن بلهادي، المديرة العامة للجودة والتجارة الداخلية بوزارة التجارة، فى تصريحات للأناضول، انه جرى وضع برناَمج للمخزونات التعديلية، لأهم المواد الغذائية مع الهياكل المعنية بمنظومة الانتاج، وان الجديد خلال شهر رمضان لهذا العام، هو التفكير في تكوين مخزون من المياه المعدنية باحتياطي في حدود 60 مليون لتر من الماء. واضافت بالهادي أن الوزارة ستعمل في اطار خطّة وطنية، بمشاركة مختلف المصالح المعنية بالرقابة، والمصالح الدّيوانيّة، والامنية للتصدي لظاهرة تهريب المواد الغذائيّة، وستكون هناك حملات على مختلف الطرق، اضافة الى تكثيف مجهودات تحسين جودة المواد الغذائية. وقالت بلهادى " الوزارة أعدت برنامج عمل ومراقبة لكامل أيام رمضان، عبر تكليفِ فرق تعمل على فترات صباحية ومسائيّة، لمتابعة منافذ التوزيع المتمثلة فى الاسواق الجملة والبلديّة." وقال محمد العيفة، مدير عام المنافسة والابحاث الاقتصادية بوزارة التجارة، إن الوزارة قامت بتخصيص عدد كبير من المراقبين، وتعزيزهم بمعاونين إداريين بهدف العَمل في اطار فرق مشتركة، لتدعيم العمل الرقابي وتغطية اكبر عدد ممكن من الاسواق، مضيفا أن الوزارة بصدد التحضير لحملة كبرى على الأسواق، سيشارك فيها 54 فريقا من المراقبين و22 من المراقبة الصّحيّة. وأضاف العيفة أن السوق التونسية خاضعة لقاعدة العرض والطّلب، وان أكبر مشكلة في سوق المواد الغذائية التونسي، تتمثل فى نقص إنتاج اللحوم الحمراء، لذلك سيتم استيراد كميات تغطي احتياجات شهر رمضان. وقال عبد الرزاق الحمامي، رئيس الغرفة الوطنية للقصابين (الجزارين)، إن الاجراءات التّي اتخذتها وزارة التّجارة لاستيراد اللحوم الحمراء، والتي بلغت 2500 طن من لحم الضأن، و2000 طن من لحوم البقر، طيلة عام 2014، تأتي لخلق توازن في الأسعار بين اللحوم المحلية والمستوردة. وقال الحمامى" هناك استهلاك مرتفع واقبال كبير على اللحوم، فضلا عن أن السوق يتسم بالنشاط والحركة بشكل أكبر خلال شهر رمضان، خاصة مع عودة أعداد كبيرة من المواطنين المقيمين في الخارج." وأضاف الحمامى أن الغرفة الوطنية للقصابين وبإلحاح، من العاملين فى هذا القطاع ، حثت وزارة التجارة التونسية، على تغطية النقص الواضح للحوم في هذه الأسواق" . وقال الحمامى " العرض لا يفِي بالطلب، وللحد من ارتفاع الاسعار، يجبُ ان يتم اعتماد سياسة الاستيراد". وقال الحمامى ردا على سؤال حول الخروقات التى يرتكبها بعض أصحاب المهنة، ومن بينها عدم احترام التسعيرة التي تضعها الوزارة إن الغرفة الوطنية للقصابين، تدعو مراقبي الاسعار الى توخّي المرُونة في مهامهم، كما انها في الوقت ذاته تطالب أصحاب المهنة وبائعي اللحوم بمراعاة المقدرة الشرائية للمستهلك التّونسي" . وقال الحمامى " لكن من يتجاوز القانون، يُطبق عليه القَانون." وقال محمد زروق، رئيس منظمة الدفاع عن المُستهْلك، للأناضول إن المنظمة التي عادة ما يتزايد نشاطها خلال هذه الفترة من السنة، ستبدأ فى بث حملات توعية ،وستُدعم وزارة التجارة في عملها الرقابّي، كما تدعو المُستهلكين إلى ضرورة المُقاطعة الذّاتية لكل المنتجات التي تشهد ارتفاعا حادا في الأسعار، وكذلك الابتعاد عن شراء المَواد الغذائية التى لا يتم التأكد من مصادر تصنيعها.