إرتفاع الأسعار وأثره علي محدوي الدخل د. حسني حافظ عبد الرحمن أصبح الحديث عن ارتفاع الأسعار في شتي المجالات خاصة السلع الغذائية الشغل, الشاغل للقيادة السياسية التي تهتم بحق بمحدودي الدخل, ويؤكد ذلك اجتماعات السيد الرئيس المكثفة مع السيد رئيس مجلس الوزراء والوزراء المعنيين عن توفير السلع التي يحتاجها محدودو الدخل كما أن نسبة كبيرة من الشعب المصري تمثل نحو95% من عدد السكان يدور تفكيرها حول توفير السلع الغذائية اللازمة لشهر رمضان الكريم وكذا متطلبات المدارس والجامعات خاصة الملابس والأحذية وما شابه ذلك. وفي هذا المقام يجب أن نتساءل: هل الحكومة غير قادرة علي ضبط الأسعار والضرب بشدة علي أيدي المحتكرين والتجار الجشعين ؟ أم أن الأمر أصبح خارج السيطرة ؟ وفي رأينا ومن خبراتنا أن ضبط الأسعار والقضاء علي المحتكرين والمستغلين لا يحتاج أكثر من شهر واحد إذا كانت هناك جهود قوية تعمل بحق لمساعدة محدودي الدخل, ففي إمكان أي حكومة تتسم بالخبرة والمعرفة والنزاهة والشرف والأمانة أن تحقق هذا البرنامج في مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات ولا شك أنه من غير المعقول أن تعتمد مصر علي العالم الخارجي بأكثر من70% من غذائها ولمجابهة الزيادة المطردة في الأسعار ينبغي اتخاذ الإجراءات اللازمة التي يمكن حصرها علي النحو التالي: أهمية الربط بين خطط الإنتاج والتوزيع والاستهلاك حتي يمكن تعبئة كل الموارد لاستخدامها الاستخدام الأمثل. يجب أن يقل معدل نمو الاستهلاك عن معدل النمو السكاني. حتمية وضع استراتيجية وبرامج للتجارة الخارجية واضحة المعالم قابلة للتنفيذ من شأنها تقليل العجز في الميزان التجاري وأنماط الاستثمارات البديلة التي تكفل تعظيم الصادرات وخفض الواردات. وذلك بالاهتمام بالصناعات الإنتاجية الصغيرة وتحويل قري مصر ونجوعها من قري مستهلكة ومستوردة من المدينة إلي قري منتجة ومصدرة للحضر والخارج, سواء أكانت صناعات يدوية أو ميكانيكية وذلك بتوجيه قروض الصندوق الاجتماعي والمنح إلي هذه المشروعات, مع التأكد قبل الإقراض من وجود دراسات جدوي سليمة وعلي أن يساهم المستثمر الصغير بنحو50% من الاستخدامات الاستثمارية للمشروع مع استمرار المتابعة الفعالة لهذه المشروعات من قبل الأجهزة المتخصصة بالدولة للتأكد من تنفيذ إنتاج هذه المشروعات بجودة عالية تستطيع المنافسة في الأسواق الخارجية, هذا بجانب تحقيق الإكتفاء الذاتي لسكان الريف والحضر. يعتبر الدعم جزءا مكملا للسياسة الاقتصادية العامة ويرتبط بتوزيع الدخل ومستوي الأجور والإنتاجية والتضخم ولكنه ليس بديلا عن السياسة الاقتصادية المبنية علي أسس علمية سليمة, وإذا اتجهت الدولة لتزايد الدعم بهدف أنه مسكن أو كعلاج وقتي حتي تستقر وتعالج الأزمات الاقتصادية التي تعمل القيادة السياسية حاليا وتبذل أقصي الجهد للقضاء علي هذه الأزمة فإن هذه السياسة تجعل الكثير من المواطنين يتصورون أن الدعم حق مطلق دون أي اعتبار لوضع المديونية الخارجية والداخلية للدولة وعجز الإنتاج وبذلك يصبح الدعم عاملا تضخميا شديدا ومادامت السياسات والاتجاهات الاجتماعية مستقرة في مصر وفي دول العالم عامة فمن المحتم أن جزءا من الدعم سيبقي ولكنه يجب مراجعة سياسته وعدم الجمود فيه, وأن يصل الدعم لمستحقيه, مع إعادة النظر في نظم البطاقات التموينية. يتحتم الأمر أيضا أن يصاحب عملية زيادة الإنتاج بالجودة العالية تخفيض نسبة الفاقد سواء بالنسبة للإنتاج الزراعي أو الإنتاج الصناعي مما يؤثر بصفة مباشرة في عملية خفض الأسعار. أصبحت نسبة الزيادة المطردة في أعداد السكان سنويا وكذلك تغيير النمط الاستهلاكي لفئات عريضة بالريف والحضر كبيرة يضاف إلي ذلك استخدام كميات كبيرة من الحبوب والخبز في تغذية الدواجن والحيوانات والأخطر من هذا كله ما يلقي يوميا في أكياس وصفائح وصناديق القمامة, خاصة في المدن, في الوقت الذي نستورد فيه القمح ومشتقاته بملايين الدولارات من أجل ذلك وجب علي كل مواطن مخلص أن يرشد الإستهلاك بصفة عامة سواء أكان بالنسبة للحبوب أوالسكر أو اللحوم أو الدواجن أو الزيت والأدوية( التي تستورد مصر ما يزيد علي95% من خاماتها هذا بجانب ما تستورده مصر من دواء تام الإنتاج) وكلها سلع تستوردها مصر لمجابهة الزيادة الخيالية في أعداد السكان. يجب إنشاء شركات لتوزيع المنتجات بالأسواق إذ أن الأسعار السائدة حاليا لمختلف السلع بأسعار المستهلك, خاصة السلع الغذائية, تعتبر غير واقعية ومبالغا فيها بدرجة كبيرة إذ تبلغ نسبة الزيادة في معظم السلع بأسعار المستهلك نحو200% بالمقارنة بأسعار المنتج وذلك لأن هذه السلع تم شراؤها عن طريق تجار من المنتج ثم تباع بأسواق الجملة, ويشتريها من أسواق الجملة وسطاء محترفون يستغلون تجار التجزئة, خاصة صغارهم, وبالتالي يستغل تجار التجزئة المستهلكين ولذلك فقد آن الأوان أن تنشأ أو تقام شركات قطاع خاص تعمل تحت رقابة الدولة للتعامل مباشرة مع المنتجين وإنشاء منافذ للتوزيع بمختلف الأحياء والمدن لمد المواطنين باحتياجاتهم اليومية, وهذا يؤدي إلي خفض الأسعار الحالية بنسبة لا تقل عن50% إذا توافر المناخ الملائم والمناسب. كما يجب علي الإتحادات الزراعية أن تقوم بشراء المنتجات من المزارع مباشرة وإنشاء منافذ في أماكن متعددة علي مستوي الجمهورية للمنافسة بأسعار تقل عما هو معروض بالأسواق وبجودة عالية. عن جريدة الاهرام المصرية 8/9/2007