لم أجد دوراً لمصر في أفريقيا الوسط منذ "انقلاب" مارس حتي الآن التعاون الإسلامي لم تدين إلا الإبادة الجماعية للإسلاميين قطر لم تفرض عقوبات على مصر كما فعلت أمريكا ما يسمى بالربيع العربي لن يذهب إلى الجزائر الدائرة العربية هي دائرة مهمة فى دوائر السياسة الخارجية المصرية أثيرت الكثير من التساؤلات حول أداء الخارجية المصرية في الفترة الأخيرة، فمن قائل أن الدبلوماسية المصرية قد قصرت بشدة في أداء دورها، وآخر يقول أنها ضحية للظروف السياسية التي تمر بها مصر. ملفات كثيرة وأزمات أكثر تواجه الدبلوماسية المصرية، تحاول شبكة الإعلام العربية "محيط" أن تلقي الضوء عليها وذلك بالحوار مع السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية الأسبق، فإلى نص الحوار: ما رأيك في أداء الخارجية المصرية في الفترة الأخيرة ؟ وكيف تقيم أداء الوزير نبيل فهمي؟ أنا لا أقيم أداء وزارة الخارجية بشخص الوزير، لأنها مؤسسة وطنية عريقة وأراها تقوم بدورها على أكمل وجه وسط الأجواء الحالية والأحداث المضطربة، ولابد أن نأخذ في الاعتبار حالة عدم الاستقرار السياسي الموجودة بمصر عند الحكم على أداء الوزارة، وأعتقد أنها تقوم بدورها، لكن هناك أحداث أكبر بكثير من وزارة الخارجية في الوقت الحالي. كيف ترى الوضع الحالي في أفريقيا الوسطى فى ظل الإبادة الجماعية للمسلمين هناك ؟ الوضع في أفريقيا الوسطى يعود إلى انقلاب مارس 2013 ، ونحن لم ننتبه إلى الأحداث بوسط أفريقيا في فترة الانقلاب حتى وصلت القوات الفرنسية إلى هناك، وكان يجب على الدول الأفريقية ومنظمة التعاون الإسلامي أن يمارسوا ما يسمى بالدبلوماسية الوقائية. وهناك تقارير تشير إلى أن "الميليشيات الإسلامية" بأفريقيا الوسطى عناصر غير حاملة لجنسية أفريقيا الوسطى، وعدم تفعيل الدبلوماسية الوقائية من قبل الاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي أدى بنا إلى ما نحن فيه ونراه الآن ولولا تدخل القوات الفرنسية لكان الوضع هناك أخطر من ذلك بكثير. هل كان لابد أن تساند الدول الإسلامية الإسلاميين بأفريقيا الوسطى ؟ هناك نقطه لابد أن نركز عليها، أنه ليس من الضروري عندما تكون هناك جماعه إسلامية مسلحة أن نأخذ صفها على طول الخط، ثم تتمادى بأفعالها والجميع يصمت، علينا أن نختار الوقت المناسب قبل استفحال الأمور. بنظرك وأنت دبلوماسي كبير ما هو الحل؟ لم نسمع صوتاً لمنظمة التعاون الإسلامي إلا صوت إدانة الإبادة الجماعية للإسلاميين، وهذا أعتبره أسلوب غير بناء وغير فعال، كان عليهم بدل الإدانة أن يبحثوا عن حلول على أرض الواقع ومحاولة عزل العناصر المتطرفين من كلا الجانبين. وماذا عن دور مصر في أفريقيا؟ على مدار متابعتي للأزمة في أفريقيا الوسطى لم أجد أي دور لمصر واضح منذ الانقلاب وحتى الآن، فمصر مشغولة بأوضاعها الداخلية، وهذا يحزنني فمصر لها دور تاريخي كبير داخل القارة الأفريقية، لاسيما وأن الجميع يعلم جيداً أن عمقنا الاستراتيجي بأفريقيا وأولويات السياسة الدولية تغيرت بعد معاهدة السلام مع اسرائيل. وما السبب في هذا التغير ؟ السبب الرئيسي في هذا التغير هو الخلل الذي حدث منذ مارس 1979 عندما تحول ثقل السياسة الخارجية تجاه واشنطن وتل أبيب، وانكمشت مصر فى هذا الإطار، وكأن مصيرنا وتاريخنا ومستقبلنا يتوقف على الولايات المتحدة الأمريكية وهذا غير صحيح، بل بالعكس نحن ندفع ثمن باهظ ومكلف حيث تآكل وتراجع دورنا في المناطق الحيوية الخاصة بمصالحنا نتيجة لهذه العلاقة الملتبسة بالولايات المتحدة الأمريكية. وكيف ترى السياسة الخارجية مع دول الخليج ؟ أنا من أشد أنصار التعاون المصري الخليجي، لأن الدائرة العربية هي دائرة مهمة فى دوائر السياسة الخارجية المصرية، وعندما نتحدث عن المنطقة العربية يحضر فى الذهن منطقه الشام والخليج العربي لأنها مناطق فى غاية الأهمية للمصالح الاستراتيجية لمصر، وأنا من أشد المعجبين والمؤيدين لهذه العلاقة مع كافة دول الخليج. وماذا عن قطر ؟ وما رأيكم في فكرة المطالبة بطرد السفير القطري من مصر ؟ أرى أنه كلام مرسل وغير مقبول، فمصر على مدار تاريخها لم تقم بطرد سفير عربي من أراضيها، وداخل الدبلوماسية المصرية لا يصح أن يخرج لفظ طرد سفير عربي داخل مؤسساتنا الدبلوماسية، كما يجب على قطر أن تعمل بطريقه هادئة لتعيد العلاقات بينها وبين إلى ما كانت عليه قبل "حكم الإخوان"، ودول مجلس التعاون الخليجى تمثل العمق الاستراتيجي الثانى لمصر بعد العمق الاستراتيجي الأول فى دول حوض النيل. ما هي قراءتك لتطورات الموقف القطري تجاه مصر ؟ أرى أن هناك تطور بطيء وتدريجي داخل الموقف القطري، وأدعو إلى عدم إغفال أن قطر لم تحاول فرض عقوبات على مصر عقب 3 يوليو، كما فعلت أمريكا والاتحاد الأوروبي، بل بالعكس قالت نحن نؤيد الاستقرار فى مصر. وأثناء قمة التعاون الدولي الذى تم انعقاده فى دولة الكويت كانت هناك فقرة في إعلان الكويت عن دعم استقرار مصر، ووافق جميع دول الخليج على هذا التأييد وتمنوا الأمن والازدهار إلى مصر، لكن الإعلام لم يساهم فى تهدئة الأجواء بين مصر وقطر. هل الجزائر مقبلة على «ربيع عربي» ؟ أنا سعيد جدا بأن ما يسمى بالربيع العربي لن يذهب إلى الجزائر، لأن قيمتها كبيرة ولنا كمصريين ذكريات تاريخية مع الشعب الجزائري، والحقبة السوداء في تاريخ الجزائر لا يجب أن تعود مرة أخرى، والشعب الجزائري اختار رئيسه وهو رمز من رموز الجزائر" عبد العزيز بوتفليقة" وهو آخر رموز حركة التحرر القومي والوطني فى العالم العربي، وهو الأصلح لتولى رئاسة الجزائر الآن، خصوصاً ونحن نرى العالم العربي يتساقط أمام أعيننا. هل يوجد توتر في العلاقات المصرية الإيرانية؟ ولم يكن هناك توتر بالعلاقات، ولكن هناك تناقض داخل التوجهات الاستراتيجية بين مصر وايران فى عدة ملفات هامة، فبالنسبة للسياسة الخارجية وتوجهاتهم كانت تتناقض مع الأمن القومي المصري ومع الأمن القومي بدول التعاون الخليجي، ونتمنى أن تكون العلاقات طبيعية قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شأن دول التعاون الخليجي، فغير مسموح بالتدخل فى شئون الدول العربية. كيف ترى المصالحة التي وقعت بين فتح وحماس مؤخراً؟ نحن سعدنا بإعلان غزة يوم 23 أبريل الماضي، ونتمنى أن يتم تفعيل هذا الإعلان عن طريق الالتزام ببنود اتفاق المصالحة الموقع فى القاهرة يوم 4 مايو 2011 ، وكذلك ما ورد فى إعلان الدوحة في فبراير 2012 . ما تعليقك على رفض أمريكا وإسرائيل للمصالحة الفلسطينية؟ أمريكا لم ترفض، ولكنها أعطت ثلاثة أشهر لنبذ العنف بين الحكومة الفلسطينية وإسرائيل، وقالت إذا وافقت الحكومة الفلسطينية على الشروط الموقعة لن تحدث أي أزمة، وخاصة أنها ستعامل مع الحكومة نفسها ولن يتم التعامل مع حماس، ولكن الاعتراض ظهر من اسرائيل وموقفها غير مفاجئ لأن حكومة نتنياهو تحاول أن تجد مبرر للإفلات والهروب من استحقاق السلام الحقيقي وإنشاء دوله فلسطينية معترف بها، وتعتمد إسرائيل دائماً على المراوغة. يقال أن ل «اتفاقية كامب ديفيد» أضرار على مصر، فهل يمكن معالجة هذه الأضرار ؟ أرى أنه قد فات الميعاد على معالجتها، ومازلنا ندفع فاتورتها ولا نستطيع أن نغير شيئا فيها، ولكن يجب أن يتم الفصل بين المعاهدة والسلام مع إسرائيل، وما بين علاقتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية، فمنذ التوقيع على المعاهدة حدث ربط بين الالتزام بالمعاهدة والالتزام بالاستراتيجية الأمريكية، وهذا ما علينا العمل على تصحيحه. من وجهة نظرك المتسبب الرئيسي في أزمة مصر مع إثيوبيا ؟ نحن كمصريين من افتعلنا أزمة سد النهضة بأثيوبيا، لأن أسلوب التفاوض كان خاطئا من البداية ولم يخدم الأهداف المصرية، لأن السد كان سيبنى بأي شكل من الأشكال لأنه عمل سيادي، لكننا ضخمنا الأمور، بالإضافة إلى المطالبة بالحقوق التاريخية، ولا يصح أبدا أن يحدث تفاوض بهذه الطريقة. يقال عن تمويل سد النهضة أن تمويله أمريكي وإسرائيلي، ما حقيقة ذلك؟ بغض النظر عن من يمول السد فهو يُبنى، وتسوية هذا الخلاف لن يتم إلا عبر مفاوضات بين القاهرة وأديس أبابا، ولا داعي لإدخال أطراف ثالثة به، فدخول أطراف اخرى يعرقل الأزمة ويعطى انطباع للشعب والحكومة والأحزاب الإثيوبية أننا نريد أن نعمل للإضرار بإثيوبيا، فيجب علينا أن نغير هذه الفكرة. هل من الممكن أن تستفيد مصر من سد النهضة كما يردد البعض ؟ قال رئيس الحكومة الإثيوبية أن إثيوبيا تحتاج إلى طاقة ومصر تحتاج إلى مياه، وهذا كلام جيد وعلينا أن نرحب بهذا التصريح ونتواصل مع الحكومة الإثيوبية في هذا الإطار، ولكن التعقيب هنا أن مصر أيضا تحتاج إلى طاقة، فكيف يمكن لمصر أن تستفيد من الطاقة التى ستتولد عن سد النهضة إذا زادت عن حاجة إثيوبيا، علينا أن نتفهم أننا لا نحارب السد ولكن نريد فقط أن نعظم الفوائد المصرية من مشروع السدود الإثيوبية.