بعد أن تسلم الرئيس عبدالفتاح السيسي حكم مصر، أصبح لدينا الآن من نحاسبه عن القضايا التي تهم الرأي العام والمواطنين، ومن أهم هذه القضايا هي قضية الدين العام الداخلي والخارجي التي تعتبر من أهم أولويات الرئيس في المرحلة المقبلة خصوصاً وأن نسبة الدين العام تجاوزت 92 % من إجمالي الناتج المحلى، الأمر الذى يحتم على الرئيس الجديد عبدالفتاح السيسي التعامل مع هذا الأمر. الدين العام فالدين العام هو ما تقترضه الجهات العامة فى الدولة من الغير لتمويل أعمالها نظراً لعجز مواردها الذاتية عن الوفاء بما تطلبه هذه الأعمال من نفقات، ويعتبر الدين العام ظاهرة عالمية مقبولة إلى حد معين ووفق ضوابط معينة، ولكن إذا زاد الدين عن هذا الحد وخرج عن هذه الضوابط فإنه يكون مشكلة بل قد يتفاقم الأمر إلى كونه أزمة تؤدى إلى آثار سيئة ومخاطر كبيرة على المال العام وعلى الاقتصاد القومي كله. حيث يتمثل الدين العام المحلى في الدين الحكومي ومديونية الهيئات العامة الاقتصادية وبنك الاستثمار القومي ويعنى ما اقترضته الجهات الثلاثة بالعملة المحلية الجنيه المصري، الخزانة العامة بوزارة المالية هي مسئولة عن الدين المطلوب لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة. أما الدين الخارجي بمفهومه الشامل ديون مصر في الالتزامات القائمة بالعملة الأجنبية على الأفراد أو الجهات المقيمة في مصر، وغير المقيمين الأجانب مؤسسات أو حكومات أو أفراد، ويعد من الديون طويلة الأجل من المصادر الرسمية والخاصة والديون قصيرة الأجل وتسهيلات صندوق النقد الدولي والديون الخاصة غير المضمونة، في 2012 ازداد في مصر بنسبة 15,2٪، ليصل إلى حوالي 38,8 مليار دولار طبقا لمنظمة صندوق النقد العربي. أزمة التسعينات زادت الديون الخارجية علي مصر بعدما كانت 21 مليار دولار في أوائل الثمانينيات لتصل إلى 41 مليار دولار في التسعينيات، ولم يخرج مصر مؤقتا من أزمة الديون الخارجية سوى حرب الخليج التي كانت مصر فيها حليفا للولايات المتحدة، وهو ما دفع مؤسسات التمويل الدولية للوصول إلى اتفاق لتسوية الديون الخارجية لمصر وإسقاط نسبة 50% منها حوالي 20 مليار دولار ولكن بتلك الاتفاقيات خضعت مصر لأوامر وشروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي من بيع القطاع العام وإتباع سياسة الخصخصة. الدين العام الحالي ويعد حجم الدين العام للدولة حاليا هو الأعلى في تاريخ البلاد، حيث يتجاوز الدين المحلى حوالى 1.7 ترليون جنيه وبلغ الدين الخارجي حوالى 46 مليار دولار، بينما تصل فوائد هذه الديون خدمة الدين في الموازنة العامة للدولة إلى نحو 250 مليار جنيه حتى نهاية العام المالي الحالي. في الوقت الذى تعانى الحكومة من الارتفاع في عجز الموازنة والذى بلغ حوالى 240 مليار جنيه مقابل نحو 90 مليارا عجزا منذ 4 سنوات، ووفقا لبيانات البنك الدولي فإن نمو الناتج المحلى الإجمالي في حدود 2 % فيما لا تتعدى قيمة هذا الناتج 265 مليار دولار كما أن البنك يصنف مصر من حيث مستوى الدخل فيها ضمن الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل. حد الأمان ويقول الدكتور دكتور محمد عبد الحليم عمر الأستاذ بكلية التجارة جامعة الأزهر، تكون نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالي، في حدود الأمان إذا لم تتجاوز 60% أما إذا زادت عن ذلك فإن الأمر يمثل مشكلة فإذا تزايد كثيراً فإننا نكون قد وصلنا إلى مرحلة الأزمة الخطرة، ومن الجدير بالذكر أن الناتج المحلى الإجمالي يقاس بعدة مقاييس هي الناتج المحلى بتكلفة عوامل الإنتاج والناتج المحلى بسعر السوق. وبتطبيق هذه المقاييس يتضح أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى تعدت حدود الأمان حتى فى أدنى صور الدين وهى الدين المحلى الحكومى، ومع مراعاة أن الناتج هنا مقاس بالأسعار الجارية وهو يزيد عن الناتج بالأسعار الثابتة حتى يمكن المقارنة بين السنوات. ويضيف في كتابة " الدين العام" السبب الرئيسي للجوء الدولة إلى الاستدانة بدين عام هو عجز الموازنة الذى يعنى نقص الإيرادات العامة عن مواجهة النفقات العامة المتزايدة، وكلما زاد العجز واستمر كلما زاد الدين العام، والواقع فى مصر يظهر أن الموازنة العامة للدولة تعانى من عجز مستمر وتزايد في السنوات الأخيرة، بل إن الأمر السيء والوضع الخطر يظهر فى وجود عجز جارى لأول مرة فى تاريخ الموازنة العامة فى مصر بدأ ب 240 مليار جنية. ويشير عبد الحليم "هذه المؤشرات للدين العام تدل على أنه تعدى مرحلة الأمان بكثير وانتقل من مرحلة الظاهرة وحتى من مرحلة المشكلة التي تحتاج إلى مجهود بسيط لحلها إلى مرحلة الأزمة المستحكمة التي يصعب علاجها في الأمد القصير، وهذا يؤدى إلى آثار سيئة على مجمل الاقتصاد القومي مما يدل على سوء إدارة الدين العام ويحتاج الأمر إلى تدخل فورى واستراتيجي وفق خطة موضوعية لمحاولة علاج هذه الأزمة".