أزمات متراكمة، ظلت تتفاقم حتى وصلت إلى ذروتها في عهد الرئيس الجديد المشير عبد الفتاح السيسي، فلا مفر أمامه من مواجهة تحدي "سد النهضة" الذي يعصف أمامه كل أمل لزيادة توليد الطاقة الكهرومائية، ومن ثم عجز في موارد الطاقة المتجددة والمتوفرة بفضل السد العالي، ذلك بالإضافة لتوقعات الجفاف التي قد تضرب بمصر بعد سنوات من عمل سد النهضة. كل تلك الأزمات تأتي علاوة على أزمة الغاز الطبيعي ومخاطر العودة للفحم ثم تكاليف توليد الطاقة الشمسية أو النووية الباهظة، وحول كل تلك الأزمات، استطلعت شبكة الإعلام العربية "محيط" آراء الخبراء والمختصين حول الوضع في المستقبل. أولا: أزمة الطاقة نقص في السولار والبنزين وانقطاع الكهرباء الدائم الذي أصبح يسبب هاجس لدى المصريين وارتفاع أسعار الأسمنت لعدم وجود طاقة كافية لتشغيل الآلات، وغيرها من المشاكل لا تجد حلولا عملية لها أو إيجاد بدائل عنها، رغم وجود المزيد من الأبحاث والحلول المقترحة علميا، كل هذا يجعل من هذا الملف من أوائل الملفات التي ستكون على طاولة الرئيس لما تسببه من معاناة للمواطن المصري. ربط شبكات الكهرباء من جانبه، قال العالم المصري الدكتور "محمد النشائي" رئيس مجلس "علماء مصر"، أن وضع مصر حاليا لا يسمح بإنشاء محطات طاقة نووية أو شبكات الطاقة الشمسية، لافتا إلى ضرورة ربط شبكات الكهرباء مع السعودية، كما تفعل أوروبا في عملية بيع وشراء الكهرباء. وأضاف النشائي، أن هناك خطط لتطوير الاقتصاد سوف يعرضها على الرئيس عبدالفتاح السيسي، متوقعا حدوث تصالح مع قطر مع إعادة فتح باب استيراد اسطوانات الغاز. وعن ضرورة ترشيد الاستهلاك، قال الدكتور "حفظي زايد" خبير في مجال الطاقة، إن الرئيس الجديد لم يتسلم مشاكل طاقة ولكن خطط لتطوير، وينقصها التمويل فقط، مضيفا أن العام القادم سيكون أفضل من الحالي إذا رشد الشعب استهلاكه في الكهرباء لتفادي عجز 2 ميجا وات، مضيفا إلى أنه يجب على المواطنين استخدام لمبات موفرة لطاقة لترشيد الاستهلاك. وأشار زايد إلى أن هناك محطات كهرباء جديدة جاهزة للعمل بعد الأربع شهور القادمة، لافتا إلى أن هناك خطة مدروسة لبدأ العمل بالطاقة الشمسية والرياح بعد خمس سنوات من الآن. وفي إطار استنكاره لدعوات البدء في إنشاء محطات نووية، تساءل "كيف يريدون استخدام الطاقة النووية وأوروبا تسعى الآن إلى استخدام الطاقة الشمسية كبديل عن المحطات النووية؟!"، موضحا أن الأولى أكثر أمان من الطاقة النووية، فهي طاقة طبيعية لا ينتج عنها ملوثات و لا نظائر مشعة. قضية أمن قومي ورأى المهندس "حامد عمارة" خبير الطاقة المتجددة، أن قضية الطاقة عموما -والطاقة الكهربائية جزء منها- هي قضية أمن قومي بالدرجة الأولى، لأنها هي المحرك الرئيسي والقوة الدافعة لجميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا غنى لأغراض المرافق والخدمات عنها، ولهذا لابد من تكاتف جميع الجهود الرسمية والشعبية لضمان تحقيق وتأكيد أمن الطاقة للجيل الحالي والأجيال القادمة. واستعرض المهندس عمارة مع شبكة الإعلام العربية "محيط" نص الرسالة التي أرسلها لرئيس الجمهورية المشير عبد الفتاح السيسي والتي تضمنت رؤيته حول كيفية حل أزمة الطاقة وخاصة الكهرباء في مصر؛ حيث أشار فيها إلى ضرورة وضع إستراتيجية قومية لحل الأزمة يعدها المجلس الأعلى للطاقة ويقرها كوثيقة قومية ملزمة لجميع الأطراف. وحول أزمة الكهرباء، وضع عمارة عدة خطوات أهمها رفع إتاحية محطات توليد الكهرباء حيث تبلغ الإتاحية حاليا أقل من 70% والمفروض ألا تقل عن 90%، وتوفير المازوت لتشغيل وحدات التوليد البخارية وقصر استخدام الغاز الطبيعي على المحطات الغازية، بالإضافة إلى القضاء على سرقات التيار والتوصيلات غير القانونية لتقليل الفقد في الطاقة الكهربائية. وشدد على ضرورة إصلاح منظومة العدادات لتسجيل كافة الاستهلاك وتقليل الفقد التجاري، وغلق المحلات التجارية غير الضرورية في وقت الذروة لخفض أحمال الذروة، وخفض إضاءة الشوارع والميادين والطرق في أوقات الذروة مع مراعاة الأوضاع الأمنية. وعن الدور الشعبي في حل الأزمة، أكد عمارة أن الترشيد هو واجب كل مواطن لحل الأزمة وذلك من خلال استخدام اللمبات الموفرة، وإطفاء الأنوار بمجرد انتهاء الحاجة إليها، وعدم تشغيل الأجهزة المنزلية ذات الاستهلاك الكثيف للطاقة في أوقات الذروة، وعدم خفض درجة حرارة أجهزة التكييف عن 25 درجة، والمبادرة إلى دفع مقابل استهلاك الكهرباء. ثانيا: أزمة سد النهضة أزمة سد النهضة من المشكلات المستجدة على الوضع المصري المتأزم بطبيعته، فلقد أصبح أمن مصر المائي من أخطر ملفات الأمن القومي بعد استغلال اثيوبيا انشغال بمصر بمشاكلها الداخلية إبان ثورة 25 يناير والسير في أولى خطوات تنفيذ بناء سد النهضة. اتفق بعض خبراء هندسة الري على أن الحل الأمثل لتقليل المخاطر التي ستقع على مصر من استكمال مشروع بناء سد النهضة، يتمثل في تقليل ارتفاع السد إلى 90 مترا فقط وزيادة معدل سنوات ملئ الخزان، مؤكدين أن السد بتصميمه الحالي يمثل كارثة بكل المقاييس مهما زادت معدلات سنوات بنائه. ومن جهته، أكد "هاني رسلان" رئيس وحدة الدراسات المائية في مركز الاهرام للدراسات الإستراتيجية، على صعوبة الفصل بين أزمة سد النهضة واتفاقية "عنتيبي"، وأن أزمة سد النهضة تمثل تجلي لمؤامرة تريد أن تحول النيل من واهب للحياة إلى مصدر للأزمات، وتكشف عن توجه يسعى إلى تكريس واقع جديد في دول حوض النيل. نظرية المؤامرة وقال الدكتور "محمد نصر علام" وزير الري السابق، إن الوضع المائي لمصر حرج نتيجة التغيرات المناخية وسرعة معدلات نمو الكثافة السكانية، وأن العديد من المناطق المصرية تعاني من فقر مائي وتوقفت العديد من المشروعات التي كلفت الدولة 10 مليارات الجنيهات بسبب قلة الموارد المائية. وأرجع "علام" أزمة سد النهضة إلى نظرية المؤامرات التي تحاك بمصر ليل نهار للنيل من هيبتها وسيادتها وتتعدى شرق أوسط جديد بفوضى خلاقة إلى تغيير الخريطة السياسية عامة، وأن الدولة تواجه مخططا متكاملا لم نستوعبه إلا مؤخرا، يتطلب أن يكون المصريين جميعا على قلب رجل واحد للدفاع عن أهم معطيات وجودهم في الحياة وهو نهر النيل. وعزا نجاح أثيوبيا في فرض أجندتها الخاصة على دولة بحجم مصر؛ إلى التحركات البطيئة والمبنية على ردود الأفعال، ونقص المعلومات الفنية عن تفاصيل السد ثم تحويل مجري النيل الأزرق وكنا آخر من يعلم. تحديات داخلية وخارجية وقسم الدكتور "علاء الدين أحمد يس" أستاذ الهيدروليكي بقسم الري في جامعة القاهرة، التحديات التي توجه مصر حول أزمة سد النهضة، إلى تحديات داخلية وأخرى خارجية، فالأولى هي توقف مشاريع التوسعات في المساحات الزراعية، والتغيرات المناخية، وزيادة معدلات النمو السكاني، وتلوث مياه الري، ومحدودية الموارد المائية، مؤكدا أن شبكة الري في مصر متهالكة ومواجهة هذه التحديات تتطلب عملا جادا ورؤى واضحة وتوفير الموازنات المالية الكافية. أما التحديات الخارجية، تتمثل في مشروعات إنشاء سدود على النيل في السودان وأثيوبيا إلى جانب التنمية الزراعية بدول حوض النيل وعدم وضع رؤيا لاستقطاب فواقد مياه النهر. وعبر عن استيائه مما يروج في الإعلام المصري من قبل غير المتخصصين حول امكانية الاستعانة بنهر الكونغو كأحد الحلول البديلة، مؤكدا أن هذا المشروع لن يرى النور نظرا للتحديات التي تواجه هذا المشروع من نقص في الطاقة وهو ركن أولي لبناء المشروع، وعدم وجود الموازنة التي ستبلغ 70 مليار جنيه للسد الواحد، مطالبا الإعلام بالاستعانة بالمتخصصين في تناول هذه المجالات. الحلول القانونية وبشكل قانوني، أضاف الدكتور "أحمد رفعت" أستاذ القانون الدولي، أن حقوق مصر القانونية في حصة مياه النيل ولا يمكن إجراء مفاوضات سياسية دون الاستناد على المعاهدات القانونية، وأن القانون الدولي ألزم أثيوبيا بالتفاوض مع مصر قبل بناء أي سد على نهر النيل، محذرا من القرار المنفرد في بناء السدود خصوصا التي تستهدف التوسعات في الطاقة. وأشار إلى إمكانية اللجوء إلى محكمة العدل الدولية وإن كان رأيها غير ملزما؛ إلا أن الاستناد إليه في المفوضات ذا أهمية كبيرة، وأن أثيوبيا تستخدم ملف النيل للضغط على مصر، والحل القانوني وحده لن يحل الأزمة دون قوة تسانده. سيناريو انهيار السد عن سيناريو انهيار السدود، توقع الدكتور "علاء الظواهري" أستاذ الهيدروليكي في جامعة القاهرة، أن انهيار كل السدود في السودان ومصر بما فيها السد العالي في حالة انهيار سد النهضة نظرا لقوة اندفاع ما يقرب من مليون ونصف متر مكعب؛ إلا أن الانهيار لن يؤثر على أثيوبيا لأن موقعه في المنطقة الحدودية مع السودان. وحدد الدكتور "هشام بخيت" أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الحلول والبدائل الفنية للتقليل من مخاطر سد النهضة، في تغيير مدة ملئ خزان السد من 5 إلى 20 سنة، وتقليل ارتفاع السد إلى 90 مترا. اقرأ فى هذا الملف"ملفات ساخنة على مائدة الرئيس" * السفير جمال بيومي : السيسي لن يغير العلاقات الخارجية وعلاقتنا باسرائيل "مستقرة " * خبراء وسياسيون : نجاح السيسي يتوقف على القرارات الحاسمة * «لم الشمل» والمصالحة الإقليمية.. مستقبل علاقات وطنية بين يدي الرئيس * الدين العام والبطالة والفقر.. أوجاع اقتصادية تنتظر السيسي * موازنة «الصحة» ترتفع.. وكادر الأطباء محلك سر ! * الحريات والأمن وحقوق الإنسان مطالب شعبية في انتظار "الرئيس" ** بداية الملف