سوريا.. البحث عن شرعية «ملطخة بالحرب» قراءة تحليلية في الانتخابات السورية سوريا.. ذلك البلد الذي يقبع في الشمال الغربي لقارة آسيا، بات مرتعا خصبا لكل الجماعات الفدائية أو الجهادية من شتى بقاع الأرض.. بلد أنهكته الحرب الداخلية بين سلطة ديكتاتورية قمعية ومعارضة تلهث وراء السلطة بأي ثمن وإن كان ذلك على حساب دماء السوريين أو الأرض والوطن. لم يعد للشعب السوري في أرضه شبر يفترشه وينام قرير العين سوى التشرد والافتراش على تراب بعيد عن وطنه المثخن بالجراح.. في تلك الأثناء وبين ضجيج الدبابات وأصوات المدافع.. وبين أشلاء الدماء التي تملأ الأرض السورية، يغرد نظام الأسد والمعارضة السورية خارج السرب بعيدا عن الواقع، متجاهلين أنين البلد وأبنائه.. صرخات الأمهات الثكلى.. والشابات المتشردات في معظم الدول العربية بحثا عن لقمة العيش.. متجاهلين الكثير ليس من أجل مصلحة الوطن وأبناء كما يتغنون.. بل من أجل المصالح الشخصية " وكل يغني على ليلاه. انتخابات رئاسية يصر النظام السوري على المضي قدما في إجراء الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في الثالث من يونيو القادم، وسط إدانة دولية واسعة يقابلها مباركة دول أخرى التي ترى أن بإجراء الانتخابات الرئاسية السورية انتصارا سياسيا لها وحل الأزمة السورية. وروسيا وإيران والصين من أهم الدول التي تدعم الانتخابات الرئاسية في سوريا وترى فيها أنها مكسبا سياسيا لها على الدولة العظمى في العالم وحلفائها التي تستخدم كافة السبل لإسقاط نظام الأسد، وعجزت عن ذلك منذ اندلاع الثورة الحقيقية السورية في 15 مارس 2011. حل الأزمة ويرى خبراء ومحللون سياسيون في سوريا أن إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد من قبل مجلس الشعب السوري في الثالث من يونيو المقبل، أنها تسرع عملية الحل السياسي للأزمة السورية، وليس كما تدعي بعض الدول الغربية بأنه تقويضا له، مشيرين إلى أن إجراء الانتخابات ستفتح أفقا جديدة للحل السياسي، وتجنب البلاد الفراغ الدستوري. منعطف في الحرب الانتخابات الرئاسية التي ستجري في الثالث من الشهر المقبل، قد تتحول إلى منعطف في الحرب الأهلية الدائرة في البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات، لأنها ستضع أهل الحكم في دمشق أمام واقع أكثر مرارة وهو أن أي انتخابات رئاسية أو برلمانية في سوريا لا تشارك فيها حلب وحمص لا معنى لها وتحديداً لأن القوات الحكومية لا تسيطر على المدينتين وتقود حالياً سباقاً مع الزمن لاستعادتهما قبل موعد الانتخابات. وهو أمر يبدو ضمن ميزان القوى الحالي عسيراً وهو ما يفسر لجوء القوات الحكومية أكثر فأكثر إلى رمي براميل القنابل من الأعلى على أحياء المدينتين لإفراغهما من السكان كما هي حال بعض المناطق الأخرى في البلاد. وإذا ما خرجت حماه وحمص من الصورة، فإن الانتخابات الرئاسية السورية تبدو كمن فقد نصف قوامه، ولا يمكن الحديث عن مشاركة أغلبية الناخبين في هذا الاقتراع ما دام نصف سكان سوريا قد دخل عالم اللاجئين إلى بلدان الجوار أو المهجرين في بلدهم، وفي جميع الأحوال، خارج نطاق التواصل مع الإدارة الحكومية. نتيجة الانتخابات كغيرها من نتائج الانتخابات في الوطن العربي.. فإن نتيجة الانتخابات الرئاسية التي يخوض غمارها كل من ماهر حجار، حسان النوري، وبشار الأسد تبدو النتيجة محسومة مسبقا لصالح الأخير، لكونها "تحصيل حاصل" على تعميد الديكتاتورية وتمديد الولاية للولد المدلل من قبل روسيا وإيران، ويكون بذلك ومن الناحية السياسية رسالة إلى خصومه، وما أكثرهم، وللعالم إنه يملك الشرعية الانتخابية ليقود المرحلة المقبلة، وإن كان المصوتين للأسد هم الأموات! غير أن هذه الشرعية الملطخة بالحرب في انتخابات تحت القنابل وفي وضع تتربص فيه بدمشق أكثر من قوة وأكثر من طرف، ليست في نهاية الأمر شرعية بقدر ما هي نحر للشرعية بالمطلق. في المقابل لم تفقد المعارضة السورية أملها في إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد من النظام، والاستيلاء على الحكم بالقوة وبالأسلحة النوعية والمتطورة التي تسعى للحصول عليها من خلال الجولة المكوكية التي قام بها رئيس "الائتلاف الوطني المعارض" أحمد الجربا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا وفرنسا. بالرغم من أن واشنطن ولندن وباريس لم يعلنوا صراحة عن إمداد المعارضة السورية بالأسلحة التي تطالب بها لمواصلة قتالها نظام الأسد؛ مكتفية بالتهديد والوعيد لسوريا في حال إن وجدت "غاز السارين" فإن العقوبات ستكون أشمل، إلا أن الجربا انبرا إلى وسائل الإعلام ليتحدث أن جولاته ولقاءاته التي قادته إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ولقاءاته مع قادة هذه الدول، حققت نتائج طيبة، مشيرا إلى أن "الأمور تتغير" لجهة وعي الغرب بأنه آن الأوان لأن يمد المعارضة السورية بالسلاح النوعي الذي تحتاج إليه. وبحسب خبراء فإن حديثه غير متطابق مع حديث السياسيين الغربيين، الذين كانوا يقابلون مطالب "الجربا" بالحديث عن الأسلحة الكيماوية، وهو ما يؤشر إلى أن بدأ الغرب يتخلى عن المعارضة السورية تخوفا من تنامي الإرهاب في سوريا. كوميديا سوداء وفيما يخص الانتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها في بداية شهر يوليو القادم قال رئيس "الائتلاف الوطني" أحمد الجربا إنه بصدد اتخاذ إجراءات مع الحلفاء لإيقاف ما أسماها "مهزلة" الانتخابات التي تقوم بها السلطات، ول"دعم القوى المعتدلة"، ليكون "هناك توازن وسلاح نوعي لوقف البراميل". ووصف الجربا، خلال مؤتمر صحفي، مشترك مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، في باريس الثلاثاء، "ترشح الرئيس بشار الأسد للانتخابات الرئاسية بالكوميديا السوداء"، معتبراً إن" الأسد يريد أن يترشح فوق جثث السوريين". ورأى رئيس الائتلاف أن "العملية السياسية فشلت بسبب النظام". رد فعل دولي ومن جانبه اعتبر الرئيس الفرنسي أن "الانتخابات، غير قانونية، في وقت بات فيه الملايين من السوريين مهجرين"، مؤكدا أن "الوضع في سوريا يتطلب اهتماما من المجتمع الدولي. ووصفت الدول ضمن مجموعة أصدقاء سوريا الانتخابات الرئاسية في سوريا بانها "مهزلة". وانتقدت البلدان ال11 في مجموعة أصدقاء سوريا "بريطانيا والمانيا وايطاليا وفرنسا والمملكة السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردنوالولايات المتحدة وتركيا" الانتخابات التي قالت أنها "غير الشرعية" معتبرة أنها تعد "مهزلة ديمقراطية". ودعت ال11 دولة المجتمع الدولي كافة إلى رفض تلك الانتخابات غير الشرعية، مثل ما فعل كل من الجامعة العربية والأمم المتحدة والولايات المتحدة وتركيا والاتحاد الأوروبي". ووصف كيري الانتخابات الرئاسية السورية التي ستنظم فقط في المناطق التي يسيطر عليها نظام دمشق بأنها "إهانة" و"مهزلة" و"تزوير". السوريون في الخارج أعلن دبلوماسيون في عدد من الدول العربية والمعارضة السورية، أن 10 دولا من أصل 21 دولة عربية لن تحتضن الانتخابات الرئاسية السورية على أراضيها والمقررة بالنسبة للسوريين المقيمين خارج البلاد ، وذلك بسبب إغلاق السفارات السورية في تلك الدول أو لعدم وجود بعثات دبلوماسية أو سفارات لديها'أساساً. النظام لن ينوي إجرائها في الدول الخليجية "قطر والكويت والمملكة العربية'السعودية، عدم إجراء الانتخابات في كل من قطر والكويت والسعودية سيقصي من يحق لهم التصويت من حوالي مليون و600 ألف سوري مقيمين في'الدول الثلاث من معادلة الانتخابات، مشيراً إلى أن الدول الثلاث'تحتضن غالبية السوريين المقيمين في دول الخليج، لم يبيّن عددهم الإجمالي ولن تجري أيضا في مصر بسبب إغلاق السفارة السورية في القاهرة أبوابها بعد قرار قطع العلاقات مع النظام السوري الذي اتخذه الرئيس المعزول محمد مرسي يونيو الماضي، وتحتضن مصر أكبر عدد من اللاجئين السوريين الهاربين من الأزمة المندلعة في بلادهم منذ أكثر من 3 أعوام، وتقدر السلطات المصرية أعدادهم ب320 ألفاً. وفي ليبيا يتوقع أيضا عدم إجراء الانتخابات فيها نتيجة لإغلاق السفارة السورية فيها منذ اندلاع الثورة الليبية في عام 2011، وفي المقابل قال مختار الشواشي المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية في تونس،' إنه ‘لن تصير أي انتخابات رئاسية سورية في بلاده'، لعدم وجود تمثيل دبلوماسي أو قنصلي سوري على التراب التونسي. ولم تعلن كل من "العراق، لبنان، الأردن، البحرين، الإمارات، عمان، الجزائر، المغرب، موريتانيا، السودان، اليمن"، رفض إجراء الانتخابات الرئاسية السورية على أراضيها ما يعني أنها ستقام رسمياً في سفارات النظام في تلك الدول في حال قرر النظام السوري ذلك. الانتخابات داخل سوريا ولم تجري الانتخابات في كل من ريف إدلب الشمالي والغربي، وجزء من الريف الجنوبي والشرقي، إضافة إلى أجزاء كبيرة من ريف حلب، وريف حمص ومعظم الرقة وريفها وجزء كبير من ريف الحسكة وجزء من دير الزور وريفها وجزء من ريف درعا وبعض المناطق المحررة في الجولان، نتيجة لكونها خاضعة لسيطرة الجيش السوري الحر.