قال الرئيس اللبناني ميشال سليمان اليوم السبت إن "التباعد بين اللبنانيين يعود ل "تأثيرات خارجية"، وشدد على ضرورة الانسحاب من سوريا ووضع استراتيجية دفاعية، كاشفاً عن انه ارسل الى الحكومة اقتراحات لتعديل الدستور بما يعزز صلاحيات رئيس الجمهورية. جاء ذلك في خطابه الأخير قبل انتهاء ولايته غدا الأحد خلال حفل الوداع في القصر الجمهوري في منطقة بعبدا شرق بيروت الذي قاطعه "حزب الله" وحضره رئيس الحكومة تمام سلام والوزراء وعدد كبير من النواب ورؤساء الجمهورية والحكومات السابقين وشخصيات سياسية. وحث سليمان على انتخاب رئيس جديد للبلاد، محذراً من المس ب"اتفاق الطائف" الذي أقر المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في توزيع السلطات والوظائف العامة، وهو الاتفاق الذي أقر في العام 1989 في السعودية ووضع حدا للحرب الأهلية التي بدأت العام 1975. وتنتهي ولاية سليمان منتصف الليلة لتدخل البلاد منذ يوم غد الأحد في فراغ رئاسي نتيجة فشل مجلس النواب اللبناني خلال خمس جلسات في انتخاب خلف له؛ بسبب عدم اكتمال النصاب الدستوري. ولم يتسلم سليمان الرئاسة من سلفه إميل لحود لأن انتخابه جاء بعد فراغ دستوري استمر نحو 7 اشهر، ويغادر القصر اليوم من دون تسليم خلف له. وأدت مقاطعة حزب الله ومعظم حلفائه في "قوى 8 اذار" الداعمة للنظام السوري" ل4 جلسات انتخاب إلى عدم تأمين النصاب الدستوري لانتخاب خلف لسليمان. وحضر حزب الله الجلسة الأولى فقط. ويتوجب حضور ثلثي عدد النواب البالغ عددهم 128 لتأمين نصاب انتخاب رئيس للجمهورية في الدورة الأولى من جلسة الانتخابات الرئاسية. وفي حال عدم حصول المرشّح على ثلثي عدد النواب المطلوب للفوز، تجري عملية اقتراع جديدة يحتاج فيها المرشّح الى 65 صوتاً على الأقل للفوز بالمنصب. وشدد سليمان على أن "ما يجمعنا (كلبنانيين) أكثر بكثير مما يفرقنا"، معتبرا ان التباعد بين اللبنانيين "لم يكن الا نتيجة تأثيرات خارجية". ولفت الى ان الوحدة الوطنية تتطلب "عدم الانخراط في دول الجوار مهما كان عزيزا"، مضيفاً أن هذه الوحدة "تستوجب الانسحاب بلا تردد من ما يهددها... وضرورة ابعاد لبنان عن المحاور والازمات الاقليمية خصوصا الازمة السورية"، في اشارة الى ضرورة انسحاب "حزب الله" من القتال الى جانب قوات الاسد في سوريا. ورأى أنه يجب "تعزيز دور السفارات بين لبنانوسوريا من خلال الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة"، مجددا موقفه بأن ذلك يتطلب "مراجعة الاتفاقات المعقودة بين الطرفين على قاعدة المساواة". وأشاد سليمان بإنجازات القوى الأمنية في البلاد خصوصا لناحية مكافحة الارهاب والتجسس، وكذلك عمل الحكومة، دعا القوى السياسية الى مساعدة الحكومة على تأمين انتخاب رئيس جديد للبلاد. وقال "أعتز وأفتخر بذكرى 25 أيار/مايو"، في اشارة إلى انسحاب الاحتلال الاسرائيلي من جنوبلبنان في 25 أيار/مايو من العام 2000، لكنه دعا إلى "بناء استراتيجية وطنية دفاعية كمدخل لبناء الدولة"، معتبرا ان "التحرير يبقى منقوصا اذا لم يحقق سيادة الدولة على كل شؤونها واراضيها". وتبحث هيئة الحوار الوطني التي تضم أقطاب القوى السياسية اللبنانية منذ العام 2005 ، من دون نجاح اقرار استراتيجية دفاعية تتيح وضع سلاح حزب الله في امرة الحكومة اللبنانية. ودعا إلى تطبيق مقررات الحوار بما في ذلك "مشكلة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها"، مشيرا في الوقت نفسه إلى "حلول عاجلة بالتعاون مع المجتمع الدولي" لوضع اللاجئين السوريين الذين فاق عدد المسجلين منهم لدى هيئات الاممالمتحدة 1.1 مليون شخص. وفي حين قال سليمان انه يمكن لهيئة الحوار الوطني "مناقشة سبل تطوير النظام اذا اتفق المتحاورون على ذلك"، فإنه حذر من الدعوات الى مؤتمر تأسيسي والتي "اثارت قلق اللبنانيين ومخاوفهم" من المس بالمناصفة التي اقرها "اتفاق الطائف". وكشف أنه أرسل إلى مجلس الوزراء اقتراحات بتعديلات دستوري تعزز صلاحيات رئيس الجمهورية اللبناني، أبرزها حقه و"لمرة واحدة" بحل البرلمان، بالإضافة إلى إعادة الاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة، إذا مر شهرين من دون تمكن رئيس الوزراء المكلف من تشكيل حكومته. ولفت سليمان إلى انه سيوقع اليوم مرسوما يتيح للبرلمان اللبناني إقرار القوانين ومنها قانون جديد للانتخابات النيابية حتى في ظل الفراغ الرئاسي وذلك لعدم تعطل دور الدولة ومؤسساتها. ويختلف الخبراء الدستوريون في هذا الشأن بين من يعتبر أنه عند الفراغ الرئاسي تكون المهمة الوحيدة للبرلمان انتخاب رئيس جديد وليس التشريع، مقابل رأي آخر يقول بتوازي السعي لانتخاب رئيس جديد مع عقد جلسات تشريعية. وتلمح بعض القوى السياسية في البلاد، خاصة المسيحية منها، إلى مقاطعة جلسات البرلمان لمنعه من عقد جلسات تشريعية في ظل غياب رأس الدولة المسيحي، بما يؤثر على التوازن الوطني. وخص سليمان الشباب اللبناني بجزء كبير من كلمته، وشكرهم لوقوفهم إلى جانبه "عبر شبكات التواصل الاجتماعي"، ودعاهم الى تأسيس تجمعات سياسية "عابرة للطوائف".