توقيع الكتاب المثير للجدل "من داخل الإخوان أتكلم" من اليمين النجار، الزعفراني ، وأسامة درة محيط – شيماء عيسى القاهرة : شهدت مكتبة "البلد" مساء أمس حفل توقيع ومناقشة كتاب أسامة درة "من داخل الإخوان .. أتكلم" . وقد نشر المؤلف مقالات حرة على الإنترنت عن نفسه وشعار "الإسلام حول الحل" وعن المسيحي المصري ومعضلة الشيعة وحتى عن تأخر الزواج ، وأقنعه أصدقاؤه فيما بعد بضمها بين دفتي كتاب نظرا لما حققته من نجاح. شارك بمناقشة الكتاب كل من القيادي الإخواني البارز د. إبراهيم الزعفراني ود. مصطفى النجار الكاتب والناشط السياسي. وقال أسامة درة أنه يمارس الحكي في كتابه صغير الحجم ، وهو لا يتطرق لجماعة الإخوان التي ينتمي إليها إلا في جزء محدد من كتابه فيما يناقش أمورا عامة في الصفحات التالية. ويرجع سبب الزوبعة التي أثارها الكتاب برأيه إلى أن المجتمع لم يعتد أن يتحدث شاب إخواني عن أفكاره كإنسان وليس كعضو تنظيم. مشيرا إلى أن مقالاته كان ينشرها بمدونته وصفحته على "فيس بوك"، وتزامنا مع صدور الكتاب كان المؤلف قد أجرى حوارا لصحف مصرية وبرنامج "عصير الكتب" لبلال فضل ما دعم وصول الكتاب للناس. تذكر درة حينما تم إبلاغه من جانب مسئول إحدى الشعب داخل الجماعة بأنه موقوف وعلم أن حوار صحيفة "الدستور" معه حول الكتاب كان وراء القرار، وخاصة أنه تطرق لرؤيته الصريحة لمناخ جماعة الإخوان من الداخل والذي رأى به تخبطا لابد أن يتوقف. ثم قابله د. عبدالمنعم أبوالفتوح القيادي الإخواني وقال له أنه لم يخطيء وأن إيقافه تم إلغاؤه، قائلا أن القيادي الإخواني الراحل عمر التلمساني كان ينتقد هو الآخر ذلك التيار المحافظ داخل الجماعة والذي لا يتيح للشباب طرح آرائه في حرية . الدعوة والسياسة جانب من المناقشة وعن محتوى الكتاب قال المؤلف : رأيت خلال عشر سنوات هي عمر انضمامي لجماعة الإخوان أن علي أن أقول رأيي فيها بشجاعة بدافع الحب لها وخاصة أنها جماعة تعد من أكبر تيارات الإسلام الوسطي حول العالم ولها أهمية كبيرة في دعم المقاومة والحفاظ على الشباب من الوقوع في تيارات التطرف أو التغريب والإنحلال. ولكني قلت أن اختلاط الدعوي بالحزبي يرهق الأول ولا يحقق مكاسب للثاني، فتظل الجماعة حائرة بينهما. ولهذا تمنيت أن يركز الإخوان في دورهم التربوي الدعوي ومن يرغب منهم في خوض الإنتخابات والإشتباك بالسياسة عليه أن يتخلى عن شعار الإخوان في حملته أو استخدام أي مرافق أو مؤسسات تابعة للجماعة، لأن حتى الشعار الديني يصبح وسيلة لجذب الناس ومن الطبيعي أن يرفض ذلك بشدة المرشحون المنافسون . وقال : الجانب الدعوي لابد أن يركز على قيم غائبة الناس بحاجة للإرتواء منها ، من ضمنها الفقه والسيرة وقيم الإسلام من الصدق والشفافية وأصول الحكم. واعتبر درة أن جماعة الإخوان لا تدار بشكل صحيح، حيث أن آلاف الشباب من أبنائها لا تستخدم عقولهم في صنع تطوير ملموس. يقول : في مقال بالكتاب تخيلت لو أنني رئيس لدولة ما ، كنت سأضيق الخناق على جماعة مثل الإخوان المسلمين لو ظلت بشكلها وتنظيمها الحالي الذي يضع رؤيته فوق كل الرؤى الأخرى في إصلاح الوطن، كما أن الرئيس العربي بتركيبته لا يحب أن يكون ولاء أحدهم للمرشد العام أكبر من ولائه له ! أما عن المسيحيين بداخل مصر فاعتبرهم المؤلف أخوة الوطن، واصفا اهتمامه بجار له مسيحي بالذي يفوق أحيانا مسلم يعيش في بلد أجنبي . أما عن الشيعة فقال درة بكتابه أنهم يشتركون مع أهل السنة في أمور بالدين ويختلفون بأمور هامة أخرى، ولكن برأيه مشكلتهم مع العالم العربي سياسية من خلال دولة إيران التي يعجب بمواقف رئيسها أحمدي نجاد ضد الهيمنة الغربية ولكنه يستشعر أغراض إيران التوسعية في المنطقة وتدخلها بالمال والمخابرات في دول جوار كثيرة ومنها العراق، ولذلك فإنه يجد مخاوف مصر من إيران مبررة وإن كان التواصل لابد له أن يستمر أيضا. وقال أنه كمسلم سني يغضب لقتل آلاف العراقيين على يد جماعات تنسب نفسها للشيعة، كما أنه يزعجه محاولات التشييع المستمرة لأن أهل كل مذهب لهم الحق في اختيار ما يعتقدون فيه. حضور فيما يتعلق بفتنة مصر والجزائر يقول مؤلف الكتاب أسامة درة أنه غضب من حديث الإعلاميين المصريين عن الريادة وهو حديث لا محل له في مباراة لكرة القدم، فالنتيجة يحسمها كفاءة اللاعبين، كما أنه يرى أن المصريين كانت لهم تعدياتهم التي تؤخذ عليهم أيضا ولم يكونوا دائما مظلومين كما يصور الإعلام . الكتاب أيضا به كم من الأمنيات الخاصة التي حكاها المؤلف منها المتعلق بعلاقته بالمرأة أو طموحه في الإسراع بالزواج، ولكن شبابا من الحضور رأوا أن هذا الجزء يعبر عنهم تماما وكانوا بحاجة إليه. وعن جزء آخر بالكتاب يقول أسامة : تطرقت لفكرة وجود الله في الأزمات المحيطة بنا، وقد نبهني للفكرة خبر قرأته عن رابطة للملحدين بالعراق يقولون أنهم تركوا الدين لأنهم تساءلوا عن وجود الإله برغم تلك الكوارث المحيطة بهم، يستغفر المؤلف ربه مستطردا : وجدت الرد على هؤلاء في آية قرآنية تقول بأن الحياة إنما هي أمانة حملها الإنسان منذ قديم الأجل راضيا غير موقن بعظمها، ولابد أن نشقى على الأرض ودعواتنا إلى الله ستكون مستجابة في حينها. جانب من المناقشة الرأى الآخر د. إبراهيم الزعفراني عضو مجلس شورى جماعة الإخوان قال أن فكرة الكتاب إجمالا أعجبته واعترف بأن الإقصاء للفكر الجريء ينتقد من جانب كثير من قيادات الجماعة فعلا وهي نقطة يسعى هو وغيره لتغييرها، خاصة أنهم يعلمون أن التيار المحافظ مخلص ولكنه يفكر في "وحدة الصف" أكثر من أي شيء. وانتقد المتحدث تفهم المؤلف لمحاولات الإقصاء التي يقوم بها النظام بحق جماعة الإخوان رغم أنها ليست السبب المباشر في مشكلاتنا السياسية، وهي جماعة تريد أن تستثمر شعبيتها في تمثيل الناس ولا تتمكن من ذلك لأن من يصعد منها يتعرض لبطش الأمن عادة ، وربما هؤلاء الذين لاقوا المشقة لا يكونون بدرجة اللين مع المخالفين لهم من الشباب داخل الجماعة . أما فيما يتعلق بالتعامل مع المسيحيين، فرأى الزعفراني أن مشكلة المواطنة عند المسلم والمسيحي وهي راجعة لغياب العدل في البلد وغياب مشروع واحد يجمعنا. وفيما يتعلق بالشيعة فاعتبر د. إبراهيم أن مشكلتهم مع السنة منذ عصر الخلافة قديما وهي مشكلة سياسية وليست دينية فقط، ولكن فيما يتعلق بإيران فلا ينبغي أن نوجه لها اللوم لأنها تمتلك القوة ولكن علينا توجيه اللوم لأنفسنا لأننا هنا إلى هذا الحد . غلاف الكتاب ومع ذلك فالعدو اليوم واحد أمامنا وأمام إيران وغيرها ولابد من لم الشمل لمواجهته وليس التفرغ للتصدي لمشاريعها، خاصة أننا يجب أن نذكر أنها تمول مقاومين في سوريا وحزب الله الذي يواجه إسرائيل في جنوب لبنان وتمول أيضا حركة حماس التي تواجه إسرائيل في فلسطين. أما الشيعة فلا ننسى أيضا أنهم أذلوا أنف أمريكا في العراق بحركاتهم المقاومة إلى جانب جماعات سنية أخرى . وانتقد الزعفراني بعض الصور التي استخدمها المؤلف في الفصل العاطفي من كتابه معتبرا أنها غير مناسبة لكاتب ينتسب لجماعة الإخوان وتربى على قيمها، وهو ما شاركه فيه بعض الحضور . وردا على ذلك قال المؤلف أن كتابه غير تربوي وأنه لا يقصد وضع رسالة محددة وإنما هو حديث على السجية مع الأصدقاء من الشباب. فيما يتعلق بالفصل الذي نقل فيه المؤلف شكوك بعض الشباب العقيدية في زمن المحن، قال المتحدث : في السجن كنت كلما دعوت الله ازداد الكرب ولم ينزاح، وهذا أرهقني، إلى أن شعرت بمعنى أن يؤخر الله لك طلبا لأنه يريد اختبار محبتك هل هي نفعية أم خالصة، فيؤخر الإجابة ولكنه يقدمها لك في حين آخر لحكمة عنده. أما الكاتب د. مصطفى النجار فأبدى إعجابه بالكتاب الذي يعد كسرا لثقافة الصمت السائدة في المجتمع، وهو برأيه يؤنسن التجربة الإسلامية لأن الكثيرين ينظرون للإسلاميين بفعل الإعلام والدراما على أنهم متزمتون ويعادون التقدم والتمدن. وهو يتفق مع المؤلف في أن جماعة الإخوان تحوي داخلها مدارس كثيرة بين الإنغلاق والتفتح، ولذا لابد لمن يتحدث عن تجربته معهم ألا يعممها، ولا يزال هناك برأيه من يرى أن كل قول مخالف يهدد وحدة الجماعة وهي مشكلة يواجهها الشباب.