توقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع نمو إجمالي الناتج المحلي في البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان من 2% في عام 2013 إلى 3.5% في عام 2014، بفضل استمرار قوة النشاط غير النفطي واستقرار الإنتاج النفطي. وقال الصندوق في تقرير بعنوان (مستجدات أفاق الاقتصاد الإقليمي) اليوم الثلاثاء وحصلت وكالة الأناضول عل نسخة منه إن القطاعات غير النفطية، وخاصة البناء وتجارة التجزئة، ستظل هي محرك النشاط الاقتصادي، بدعم من مستويات الإنفاق العام المرتفعة على البنية التحتية والائتمان المصرفي القوي للقطاع الخاص في دول الخليج، وكذلك الإنفاق على إعادة الإعمار بعد انتهاء الصراعات في البلدان غير الأعضاء في منطقة الخليج ، وفقا لوكالة انباء الاناضول . وتضم البلدان المصدرة للنفط بالمنطقة خارج الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، الجزائروإيرانوالعراق وليبيا واليمن. وتوقع الصندوق أن يستقر الاقتصاد الإيراني في عام 2014 بعد التحسن الذي شهدته الآفاق المتوقعة مؤخرا، وخاصة على الصعيد الخارجي، وتراجع سعر الصرف الحقيقي في الفترة الماضية. كما توقع الصندوق أن يحافظ إنتاج النفط والغاز في عام 2014 على مستوياته المحققة في السنة الماضية بوجه عام، وأن يرتفع إنتاج دول الخليج بفضل ارتفاع الطلب العالمي، والتحديات التي تواجه استعادة الإنتاج النفطي خارج مجلس التعاون الخليجي (وخاصة في ليبيا)، وانخفاض مخزونات النفط العالمية لأسباب منها برودة الطقس في منطقة أمريكا الشمالية. وأشار التقرير إلى أن التعافي المستقبلي لإنتاج النفط في البلدان خارج منطقة الخليج واستمرار نمو الإنتاج المتحقق من المصادر غير التقليدية في أمريكا الشمالية قد يؤثران على إنتاج النفط في دول الخليج وعلى أسعار النفط العالمية. وأضاف التقرير أن أسعار النفط في أسواق العقود المستقبلية تشير إلى إمكانية انخفاض سعر النفط الخام بنحو 6 دولارات للبرميل بين عامي 2013- 2015. وفيما يتعلق بالتضخم، رجح التقرير أن تظل ضغوط التضخم مكبوحة في معظم البلدان المصدرة للنفط في المنطقة ، ففي بلدان الخليج سيظل التضخم عند مستوى 3% في عام 2014 بسبب تراجع أسعار الواردات واستمرار توافر العمالة الوافدة بأجور منخفضة. غير أن تكاليف الإسكان سجلت ارتفاعاً سريعاً في الإمارات (وخاصة في دبي)، فيما يرجع جزئياً إلى تعافي قطاع العقارات بدعم من فوز دبي مؤخرا بعقد استضافة معرض الصادرات العالمي ( إكسبو 2020)، الأمر الذي يتطلب المراقبة الدقيقة تحسباً لدخول الاقتصاد في نوبة من النشاط المحموم. وذكر التقرير أن الضغوط التضخمية تبدو تحت السيطرة في قطر، رغم برنامجها الكبير للاستثمارات العامة من أجل تعزيز تنوع الاقتصاد والاستعداد لإقامة مسابقة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022، داعيا صناع السياسات في قطر إلى توخي اليقظة المستمرة أيضا. وفي البلدان غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، يبقى التضخم مرتفعاً، لا سيما بسبب الأوضاع في إيران واليمن لكنه من المتوقع أن ينخفض تدريجياً من 22 % في عام 2013 إلى 15 % في عام 2014 مع استمرار تشديد السياسة النقدية. وقال التقرير إن أسعار النفط تتعرض لمخاطر نمو الطلب العالمي بمعدلات أقل من المتوقع. قد يستمر تعرض الأسواق الصاعدة لزيادة تقلب الأسواق المالية وزيادة تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج مع استمرار تراجع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن سياسته النقدية غير التقليدية. ويذكر أن من المخاطر الجديدة على النشاط العالمي انخفاض التضخم في الاقتصادات المتقدمة، وخاصة في منطقة اليورو، مما يمكن أن يزيل الركيزة الحالية لتوقعات التضخم ويرفع أسعار الفائدة الحقيقية ويتسبب في زيادة أعباء الديون. ويمكن أن يؤدي ارتفاع الإنتاج النفطي في أمريكا الشمالية أو خارج مجلس التعاون الخليجي عن المستوى المتوقع إلى فرض ضغوط خافضة على أسعار النفط وانتاجه في دول المجلس. ويذكر التقرير أنه مع أي تصاعد في التوترات الإقليمية أو الجغرافية - السياسية تزداد مخاطر ارتفاع أسعار النفط والغاز، وفي هذا السياق، قد ترتفع صادرات الغاز الجزائرية إلى أوروبا إذا انقطعت الإمدادات التي تصل عن طريق أوكرانيا، وإذا تدهور الموقف السياسي غير المستقر في ليبيا أو زادت حدة الاضطرابات الأمنية في العراق، سينخفض إنتاج النفط عن المستوى المتوقع في هذه البلدان. ويضيف أنه إذا تحققت هذه الانخفاضات، فمن المرجح أن تزداد الإيرادات النفطية في مجموعة بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان المصدرة للنفط. ومن المنتظر أن يتسن التعامل بسهولة نسبية مع الأوضاع المالية العالمية إذا تراجعت عن المستوى المتوقع، فأسعار الصرف المربوطة في كثير من بلدان المنطقة تعني أن أسعار الفائدة الرسمية المحلية تسير تبعاً للأسعار الدولية. وارتفع العائد على أثر ما أعلنه الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) في مايو/ أيار 2013 من بدء التراجع عن سياسته النقدية غير التقليدية، لكنه ظل مستقرا منذ ذلك الحين، حتى في فترة البيع الاضطراري التي شهدتها الأسواق الصاعدة في أوائل العام الجاري. ومع تزايد اتجاه المستثمرين نحو التمييز بين مختلف الأسواق الصاعدة، زادت قوة المركز النسبي لدول مجلس التعاون الخليجي بفضل الاحتياطيات الوقائية الكبيرة وانخفاض احتياجاتها من التمويل. واستفادت قطروالإمارات على وجه الخصوص من وضعهما كملاذ إقليمي آمن. وقد تؤثر زيادة ضيق الأوضاع المالية على البحرينوالإمارات وخاصة دبي ، ففي البحرين، يمكن أن ترتفع تكاليف الاقت ا رض السيادي نظرا لانخفاض تصنيفها الائتماني السيادي بسبب مواطن الضعف في ماليتها العامة، وقد يتأثر تجديد الديون في دبي أيضاً بالنسبة لبعض الكيانات المرتبطة بالحكومة التي تعتمد على التمويل الخارجي. ويرى التقرير أن الاحتياطيات الوقائية الكبيرة تمكن معظم دول الخليج من التصدي حتى للصدمات الكبيرة التي قد تتعرض لها الإيرادات النفطية على المدى القريب، مشيرا إلى أن فوائض المالية العامة لديها تتجه إلى التناقص مع مرور الوقت، يرجع جزئيا إلى تصاعد أجور القطاع العام، وتناقص أسعار النفط، ودعم الطاقة السخي الذي يرفع الاستهلاك المحلي على حساب الصادرات في بعض البلدان. ويقول إنه اذا أصيب الطلب العالمي بصدمة انكماشية، فسوف يتسبب ذلك في تسريع الوصول إلى نقطة التحول في أرصدة المالية العامة، ونظرا لدور السعودية التقليدي في استقرار سوق النفط، فسوف تسجل عجزا في المالية العامة في عام 2015 إذا ما خفضت إنتاجها بمقدار 7%، مع افتراض عدم تعديل الإنفاق. ويشير التقرير إلى أن أوضاع المالية العامة في البحرين وعمان ضعيفة نسبياً بالفعل، وبحاجة إلى أن تكون أسعار نفط أعلى من 100 دولار لتحقيق التوازن في الميزانية العامة. أما البلدان المصدرة للنفط خارج مجلس التعاون الخليجي فهي أكثر عرضة للصدمات النفطية من الدول الأعضاء في المجلس. وقد كان عجز المالية العامة مشكلة مزمنة في هذه البلدان، وسوف يزداد ارتفاعاً ما لم تتحقق الزيادات المتوقعة في إنتاجها النفطي. ويرى أن معظم البلدان غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي ستسجل عجزا في حساباتها الجارية إذا هبط سعر النفط إلى 85 دولارا أو أقل، وهو ما تشير أسواق عقود الخيار إلى حدوثه مع نهاية 2014 بمستوى احتمالية قدره 1 إلى 6 . ويطالب التقرير بضبط أوضاع المالية العامة حيث يعمل على تعزيز صلابة البلدان في مواجهة الصدمات والحفاظ على ثرواتها للأجيال القادمة. وأشار التقرير إلى تكلفة دعم الطاقة تبلع 10% من إجمالي الناتج المحلي في كثير من البلدان المصدرة للنفط بالمنطقة ، وسيؤدي تخفيضها إلى توفير موارد للاستخدام في الإنفاق الداعم للإنتاجية الذي يوجه للتعليم والبحوث والتطوير، وتحسين الحوافز لتطوير الصناعات دون الاعتماد على النفط، وتشجيع التوزيع المنصف للدخل نظرا لأن دعم الطاقة غالباً ما يعود بالنفع على الأغنياء ويتسم بدرجة أقل من الكفاءة في معالجة الفقر مقارنة بالدعم الاجتماعي الذي يوجه بدقة إلى المستحقين. ويرى أن خفض الاعتماد على النفط يؤدي إلى رفع نمو الإنتاجية، وتعزيز النمو الممكن، والحد من تقلب الناتج، مشيرا إلى أن نسبة الإيرادات غير النفطية من مجموع الإيرادات لا تزال منخفضة. ويوضح أنه يمكن تخفيض الاعتماد على النفط من خلال استكشاف مصادر بديلة للإيرادات الضريبية، مثل ضريبة دخل الشركات أو ضريبة القيمة المضافة التي تصمم على نحو لا يؤثر على الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد. وفي دول الخليج يمكن دعم جهود التنويع بتحويل الاهتمام من كم الإنفاق الرأسمالي إلى جودته، وزيادة فرص الحصول على التمويل أمام المشر وعات الخاصة الصغيرة والمتوسطة، وتطوير أسواق الدين المحلية، وزيادة مشاركة الإناث في سوق العمل. وفي البلدان غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، يعتبر تحسين البنية التحتية والبيئة الأمنية ومناخ الأعمال متطلبات حيوية لتنويع الاقتصاد. ومن التحديات المهمة الأخرى على المدى المتوسط توفير وظائف منتجة جديدة في القطاع الخاص لاستيعاب السكان الذين تتزايد أعدادهم بمعدلات سريعة. ويوفر القطاع الخاص بدول الخليج وظائف لثلث المواطنين الداخلين لسوق العمل. ويرى أن توظيف العمالة في القطاع العام ليس حلا لنقص الوظائف الحالي نظرا لتزايد الضغوط على المالية العامة. ويطالب الصندوق بلدان الخليج بالعمل على تشجيع توظيف العمالة في القطاع الخاص عن طريق تحسين جودة التعليم وارتباطه باحتياجات القطاع الخاص، وتحسين ظروف العمل للعمالة الوافدة مع زيادة جاذبية وظائف القطاع الخاص بالنسبة للمواطنين.