قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، إن السلطات المصرية تجهز بدقة شديدة للانتخابات التي ترتقي بالقائد العسكري السابق عبد الفتاح السيسي لمنصب الرئاسة وسط موجة من الموافقة الشعبية. وأضافت الصحيفة البريطانية عبر موقعها الإلكتروني، أنه لن يكون هناك عائقا كبيرا أو صغيرا يمكن أن يقف في طريق المرحلة المقبلة لكي تكون أشبه بالعودة إلى مسار الديمقراطية. وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك كان سببا لوقف برنامج الكوميدي المصري الأكثر شهرة باسم يوسف لحين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية في مايو المقبل حيث أعطته القناة السعودية التي تبث برنامجه عطلة "لتجنب التأثير على توجه الناخبين المصريين والرأي العام". ورأت الصحيفة أن باسم يوسف هو المفسد لأنه يدس المرح في استفتاء تعد نتيجته أمرا مفروغ منه ويسخر من "عبادة" شخصية السيسي، "زعيم الانقلاب" الذي أطاح بالرئيس السابق محمد مرسي، بحسب الصحيفة. كما ترى الصحيفة أن انتخاب السيسي قد يكون مأساة بالنسبة لمصر ولكنه للأسف ليس نكتة، مشيرة إلى أن الخطورة تتمثل في إضفاء الشرعية على استبداد جديد في البلاد، الذي يمهد الطريق أمام الحكومات الغربية المتشككة لتطبيع العلاقات مع القاهرة. وأوضحت الصحيفة "إذا كنت تتجاهل بيئة تجرى فيها الانتخابات في حين تعج السجون بالإسلاميين، وتتنافس المحاكم على رمي العديد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وراء القضبان، وتعزز وسائل الإعلام العامة والخاصة صورة السيسي كالمنقذ وتصور الإسلاميين كإرهابيين، فإن الاستطلاع، سيبدو لك حقيقي". وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من المصريين الذي عانوا من فوضى ما بعد ثورة 25 يناير والذين أحبطوا من قبل حكم الإسلاميين يعشقون السيسي. وقالت الصحيفة، ناهيك عن عودة مصر إلى حكم أكثر قمعا من الدولة التي كانت في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، أو عن أنه يجسد القومية الشرسة التي كانت في الخمسينات والستينات فإن الرجل القوي الذي يعزم على استعادة هيبة الدولة هو ما يحتاجه البلد، بحسب العديد من المصريين، حسب قول الصحيفة. وتابعت الصحيفة أن انتخاب السيسي سيعطي الحكومات الغربية مبررا ضروريا لطي صفحة "انقلاب يوليو" وأحداث سفك الدماء والقمع الذي أعقب ذلك مشيرة إلى أنه منذ التدخل العسكري لم تتمكن الولاياتالمتحدة من تسمية ما حدث "انقلاب"، كما أن السياسة الغربية تجاه مصر في موضع الانتظار وتم الاستعانة بمصادر خارجية من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تستنكف الإخوان لنشر البترودولار للحفاظ وضع القاهرة المالي. ولفتت الصحيفة إلى أنه في العواصمالغربية، كانت هناك انتقادات علنية قليلة جدا للسلطات المصرية، في ظل اعتراف مسئولون سرا أن البلاد تسير على الطريق الخطأ. وأكدت الصحيفة أن رد فعل المملكة المتحدة في الآونة الأخيرة أسعد النظام المصري حيث إن الحكومة في لندن أعلنت تحقيقا في أنشطة الإخوان في بريطانيا كما أن الاتحاد الأوروبي، في الوقت نفسه، يرسل مراقبين لمراقبة الانتخابات الرئاسية، كما لو أنها منافسة حقيقية. وأوضحت الصحيفة ان عودة النظام القديم بعد ثلاث سنوات من الارتباك يحمل نداء معين بالنسبة للحكومات الغربية وهو أن الديمقراطية في العالم العربي ثبت أنها أمرا فوضوي للغاية وأن الاستبداد يقدم القشرة الخارجية للاستقرار الذي دمر في النهاية تحت وطأة المظالم الملتهبة والذي تم نسيانه بالفعل، حسب تعبيرها. وأضافت الصحيفة أن سلطة السيسي ستستمر لان الجيش والدولة الأمنية التي ساعدت على القضاء على مبارك ومحمد مرسي، يقفا بحزم إلى جانبه بالإضافة إلى داعميه من الدول الغنية بالنفط. وقالت الصحيفة إن كلمة واحدة من الحذر ضد الاندفاع إلى أحضانه هي أنه على مدى السنوات الثلاث الماضية قد أثبتت مصر أنه لا يمكن التنبؤ بها، وأن شعبها متقلب المزاج ولا يرحم حيث تحول المصريين ضد كل من حاول أن يحكمهم. ونوهت الصحيفة إلى أنه مع مرور الوقت ستظهر حدود قدرة السيسي على تحسين الاقتصاد المتعثر وعيوب سياسته من القضاء على الإسلاميين. وأوضحت الصحيفة أنه لمواجهة الإسلام السياسي لا بد من إدراج مزيد من الإسلاميين المعتدلين وتعزيز المزيد من البدائل السياسية ذات الميول الليبرالية على التعددية وهذا شيء لا يرغب فيه السيسي حيث إنه لا يجد شيء يرجح أنه سيتحول ليكون ديمقراطي، حسب قول الصحيفة.