روعة التصميم ودقة الزخارف وفخامة المنظر زاره باراك أوباما وألقى منه كلمته للعالم الإسلامي أنشأه السلطان حسن وتوفى قبل إتمامه كان مدرسة فقهية وعلمية يأتيها علماء العرب مسجد السلطان حسن من أعظم المساجد المملوكية التي تجمع بين قوة البناء والفخامة والعظمة، ورقة الزخرفة وجمالها، كما تجمعت فيه شتى الفنون والصناعات فنرى دقة الحفر في الحجر ممثلة في زخارف المدخل العجيبة. أنشأ هذا المسجد السلطان حسن هو الناصر حسن بن الناصر محمد بن المنصور قلاوون، من أسرة قلاوون المملوكية العريقة التي حكمت مصر حوالي مائة عام. تكلف إنشاء هذا المسجد أمولا طائلة؛ قيل إنها 750 ألف دينار من الذهب، حتى إن السلطان كان يبدو عاجزا عن إتمام بنائه واستمر العمل في المسجد ثلاث سنوات بغير انقطاع، ومات السلطان حسن قبل أن يتم بنائه فأكمله من بعده أحد أمرائه - بشير الجمدار- سنة 764 هجرية 1363م. دقة التصميم وروعته المسجد له أربعة أواوين متعامدة و في الوسط صحن مكشوف، و في كل إيوان للمسجد يوجد باب يوصل إلي مدرسة لدراسة أحد المذاهب الإسلامية الأربعة، وبذلك يحيط بالمسجد أربع مدارس في الأربع جهات للأربع مذاهب. عندما تدخل المسجد تجد أمامك مباشرة واجهة مصنوعة من الفسيفساء بأشكال هندسية إسلامية بديعة.. حين تشرع في الدخول إلى صحن المسجد تجد نفسك في ممر طويل منحن نسبيًا، عولج بحيث لا يشعر الداخل بوجود أي انحراف، وأخيرًا وصلت إلى صحن المسجد الذي ما إن يره أحد إلا فغر فاه، وحارت عيناه أين تستقر في تلك اللوحة الفنية. والمسجد له قبة عظيمة جميع جدرانها مكسوة بالرخام الفاخر الملون، و ارتفاعها 8 أمتار، وباب المسجد النحاسي المركب الآن على باب الجامع فيعتبر مثلا رائعا لأجمل الأبواب المكسوة بالنحاس المشغول على هيئة أشكال هندسية. زاره أوباما وفي زيارته الأولى لمصر في يونيو عام 2009، اختار الرئيس الأمريكي باراك أوباما مسجد السلطان حسن ضمن جولته السياحية، وألقى من منبره كلمته المعروفة للعالم الإسلامي. رافق أوباما في رحلته هلاري كلينتون وزيرة الخارجية حينها، وارتدت حجابا على رأسها احتراما لقدسية المسجد. صحن المسجد يتوسط صحن المسجد قبة معقودة على مكان الوضوء تحملها ثمانية أعمدة رخامية كتب بدوائرها آيات قرآنية، وفي نهايتها تاريخ إنشائها وتحيط بدائرة إيوان القبلة وزرة رخامية يتوسطها المحراب وعلى يمينه المنبر الرخامي الذي يعد من المنابر الرخامية القليلة التي نشاهدها في بعض المساجد، ويعلو الوزرة الرخامية طراز من الجص محفور به سورة الفتح بالخط الكوفي المزخرف بلغ الذروة في الجمال والإتقان. وتقع القبة خلف جدار المحراب - بعد أن كانت تشغل أحد الأركان في المساجد الأخرى- وهذا الوضع ظهر في هذا المسجد لأول مرة. ويتوصل إليها من بابين على يمين ويسار المحراب بقى الأيمن منها بمصراعيه النحاسيين المكفتين بالذهب والفضة بينما فقد مصراعا الأيسر. وتبلغ مساحة القبة 21 في 21 مترا وارتفاعها 48 مترا، ويرجع تاريخ إنشائها إلى القرن السابع عشر حيث حلت محل القبة القديمة، وبأركانها مقرنصات ضخمة من الخشب نقش أحدهما ليمثل ما كانت عليه باقى الأركان، وتكسو جدران القبة بارتفاع ثمانية أمتار وزرة رخامية يعلوها طراز خشبي كبير مكتوب في نهايته تاريخ الفراغ من بناء القبة القديمة سنة 764 هجرية. خطباء السلطان حسن عبر التاريخ على مر العصور تميز مسجد السلطان حسن بخطباء له قيمة وقامة علمية كبيرة ومنهم الإمام الخطيب القاضي تاج الدين الزبيري محمد بن محمد بن محمد المليجي الشافعي المعروف بصائم الدهر، ولده بالقاهرة وسمع من علمائها، وحدَّث بها وتوفى عن سبعين عاما في 19 صفر 796ه. والإمام القاضي ناصر الدين محمد بن عبد الدائم بن محمد بن سلامة المعروف بابن ميلق، ولد سنة 731ه، وكان شاذلياً وله مصنفات في الوعظ والرقائق. ، تفقه على الشيخ جمال الدين الإسنوي، وأذن له بالإفتاء، وأخذ العلم عن جماعة من الأعلام كابن عدلان والشهاب الأنصاري والشهاب البلبيسي وجماعة غيرهم. وولاه الملك الظاهر برقوق في عصر المماليك القضاء فباشره بعفة ونزاهة وحرمة بعد أن شرط شروطا، وتوفي في جمادى الأولى سنة 797ه ودفن خارج باب النصر في حوش الصوفي. علماء درّسوا فيه كما درس في مسجد السلطان حسن الإمام القاضي بدر الدين القرافي المالكي قاضي المالكية في مصر وشيخهم، كان من أعلام عصره، جمع الفضائل وبرع في الفقه والأصول وصنف المصنفات المشهورة إلى زماننا، وترقى في رتب علماء المدرسة المالكية بجامع السلطان حسن. والإمام بدر الدين الكرخي الشافعي وكان نزيلا بمدرسة السلطان حسن، وكان عالماً فقيهاً مفسراً محدثاً مطلعاً أخذ العلم عن جماعة منهم شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وألف بعض كتبه فى مدرسة السلطان حسن وهو صاحب الحاشية الشهيرة «مجمع البحرين ومطلع البدرين على تفسير الإمامين الجلالين» وتوفى سنة 1007ه. وممن درس أيضاً الشيخ العلامة المفسر، ولي الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد العثماني الديباجي الشافعي، المعروف بابن المنفلوطي (713 – ربيع الأول 744 ه) (1313 - 1372 م). والإمام أحمد بن أبي بكر بن محمد العبادي كان إماما فقيهاً، نحوياً، من أعيان فقهاء الحنفية ، ودرس علوما كثيرة، وأفتى عدة سنين وشغل وناب في الحكم، ووقع على القضاة ودرس بمدرسة الناصر حسن، وكان يجمع الطلبة، ويحسن إليهم. واستقدم السلطان لمدرسته العلماء الأعلام من الآفاق، ومنهم الإمام الشيخ شرف الدين ابن قاضي الجبل أحمد بن قدامة الحنبلي، شيخ الحنابلة في عصره، طلبه السلطان حسن لتدريس الطائفة الحنبلية بمدرسته، فتوجه إلى الديار المصرية صبيحة يوم السبت سابع شهر رجب سنة إحدى وستين وسبعمائة، وخرج لتوديعه القضاة والأعيان إلى أثناء الطريق،أصله من القدس، وولد وتوفى في دمشق. كان يحفظ 20 ألف بيت من الشعر، وبعد تدريسه في مدرسة السلطان حسن عاد إلى دمشق فولي بها القضاء سنة 767 وتوفي وهو قاض، له مصنفات، منها الفائق في فروع الفقه، وأصول الفقه لم يكمله. ودرس فيها أيضا الإمام العلامة نور الدين الحنفي الذي كان يُعرف بجامعة المذاهب الفقهية. ونزل أيضا بمدرسة السلطان حسن ودرس فيها الإمام قاضي القضاة شرف الدين بن أبي العز الحنفي الأذرعي- نسبة إلى أذرعات، وهي اليوم مدينة «درعا» في الجنوب السوري - المتوفى سنة (792ه) وقد نشأ بدمشق، وتفقه بها على علماء عصره، وبرع في الفقه والأصول والعربية والمعاني والبيان، وتصدَّر للإفتاء والتدريس والإقراء عدة سنين، وولى القضاء بمصر بعد الإمام قاضي القضاة صدر الدين محمد بن التركماني الحنفي. ومن علمائها الإمام الشيخ العلامة تاج الدين أبو البقاء الدميري القاهري من كبار فقهاء المدرسة المالكية بمصر. كما نزل في مدرسة الحنابلة بجامع السلطان حسن ودرَّس فيها العلامة محمد بن سالم بن عبد الرحمن المفتى، حيث كان مقيمًا بالشام ثم توجه إلى مصر واستقر فيها حتى وفاته سنة 777ه.