لا تزال البطالة تشكل تحديا كبيرا للحكومة المصرية باعتبارها أحد مساوئ سياسة الإصلاح الاقتصادي التي بدأت قبل عشرة أعوام فهناك فجوة كبيرة في سوق العمل المصري، والظاهرة الخطيرة أن طالبي العمل يتزايدون سنويا فالجامعات المصرية تخرج نحو 160 ألف خريج، وتصل أعداد خريجي الشهادات فوق المتوسطة إلى 600 ألف إلى جانب 350 ألفاً متسربين من التعليم يتوقع دخولهم إلى سوق العمل سنويا. والسؤال هنا هل من لا يعمل هو عاطل وما هو تعريف البطالة، فالمقصود بالبطالة بالمفهوم البسيط هو عدم وجود فرص عمل مشروعة لمن توافرت له القدرة على العمل والرغبة فيه. ويمكن أن تكون البطالة كامل أو جزئية. حيث ينال تعريف منظمة العمل الدولية للعاطل إجماع العديد من الاقتصاديين حيث تعرف العاطل بأنه كل من هو قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه ويقبله عند مستوى الأجر السائد لكن دون جدوى. البطالة الكاملة هي فقد الكسب بسبب عجز شخصي عن الحصول على عمل مناسب رغم كونه قادراً على العمل ومستعداً له باحثاً بالفعل عن عمل،أما البطالة الجزئية هي تخفيض مؤقت في ساعات العمل العادية أو القانونية وكذلك توقف أو نقص الكسب بسبب وقف مؤقت للعمل دون إنهاء علاقة العمل وبوجه خاص لأسباب اقتصادية وتكنولوجية أو هيكلية مماثلة. والبطالة ليست نوعاً واحداً بل هناك صور وأشكال متنوعة للبطالة كما أنه هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى البطالة ومن هذه الناحية يمكن تقسيم البطالة إلى بطالة عالمية وبطالة احتكاكية وبطالة هيكلية والبطالة السافرة والبطالة المقنعة ، ولكن يبقى السؤال الأهم من هذه الأنواع وهو ما أسباب البطالة في مصر؟ مشكلة البطالة لها أسباب كثيرة ولكن أهمها وأكثرها تأثيراً على المجتمع المصري إلى الأسباب الهيكلية التي تعود إلى طبيعة نمو الاقتصاد المصري كاقتصاد نامي يعاني من اختلال هيكلي داخلي وخارجي يتمثل في الاختلال في ميزان المدفوعات والاختلال في الموازنة العامة للدولة، إلى جانب وجود فجوات كبيرة يصعب السيطرة عليها في الأجل القصير مثل الفجوة بين الادخار والاستثمار وبالتالي الإنتاج والاستهلاك والفجوة بين الغنى والفقير والفجوة بين الأسعار والأجور والفجوة بين المتعلم وغير المتعلم والكثير من الفجوات التي لا حصر لها.وفيما يلي ملخص لهذه الأسباب : . زيادة معدل النمو السكاني حيث أن متوسط معدل النمو السكاني 2.4% (2007-2012) ، حيث زادت أعداد السكان في مصر خلال 50 سنة الأخيرة 3 أضعاف لتصل إلى 86,051,104 في فبراير 2014 وأن الجزء الأكبر من سكانها يقترب من أعمار 35 سنة بما يعني زيادة في قوة العمل ، حيث أن التركيب العمري للمجتمع المصري يسجل 40.5% من سكان مصر أعمارهم من 0 إلى 14 عام، ونحو 50% من عدد السكان أعمارهم من 15-44 سنة، ونحو 12% من سكان مصر أعمارهم من 45-59 سنة، ونحو 6% فقط من سكان مصر أعمارهم أكثر من 60 سنة. . تضخم عدد الخريجين الذين يضخوا إلى سوق العمل سنوياً بالإضافة أن التعليم لا يؤهل الخريجين للعمل في بعض التخصصات المطلوبة . عدم التزام الحكومة بتقديم التأمين ضد البطالة وذلك لعمال القطاع الخاص فطبقا للمادة 50 من قانون التأمينات والمعاشات رقم 135 لسنة 2010 يستحق تعويض البطالة اعتبارا من بداية اليوم الثامن لتاريخ انتهاء الخدمة أو العمل، وتحدد مدة صرف التعويض إلى نهاية اليوم السابق على يوم التحاق المؤمن عليه بمهنة أو عمل وتحدد مدة صرف تعويض البطالة طبقا للجدول التالي حيث يقدر التعويض في الشهر الأول بنسبة 65% من متوسط صافى أجر الاشتراك خلال الاثنى عشر شهرا السابقة على التعطل، وتخفض هذه النسبة بواقع 3% شهريا. يصرف هذا التعويض خلال فترة التدريب المهني التي يقررها مكتب الجهة الإدارية المختصة. وتنص المادة 49 من باب تأمين البطالة من قانون التأمينات والمعاشات رقم 135 لسنة 2010 شروط محددة لاستحقاق المؤمن عليه تعويض البطالة وهى شروط في حقيقتها تستحق التأمل والدراسة فمنا على سبيل المثال أن يكون مشتركا في تأمين البطالة لمدة اثني عشر شهرا متصلة أو منفصلة، وألا تقل مدة الاشتراك الأخيرة السابقة على كل تعطل عن ثلاثة أشهر متصلة ،وألا يكون انتهاء الخدمة أو العمل بسبب الاستقالة ، أو نتيجة حكم إدانة نهائي في جناية أو بعقوبة سالبة للحرية في جنحة ماسة بالشرف أو الاعتبار أو الحكم تأديبي ، أن يكون قد قيد اسمه في سجل المتعطلين بالجهة الإدارية المختصة وأن يتردد عليها في المواعيد المحددة. وللإجابة على بعض التسأولات حول من أين تمول الدولة هذه الإعانة فقد حددت المادة 48 من قانون التأمينات والمعاشات جهة التمويل من خلال اشتراك شهري يلتزم بأدائه صاحب العمل بواقع 2% من أجر الاشتراك الخاص بالمؤمن عليه لديه، وحصة يلتزم بأدائها المؤمن عليه بواقع 0,5% من أجر اشتراكه الشهري. . التقلص المستمر لدور الحكومة والقطاع العام في خلق فرص عمل جديدة و تحميل تلك المسئولية للقطاع الخاص . الانخفاض المستمر في الطلب على العمالة كنتيجة للتحديثات التكنولوجية وضعف القدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية . بطء النمو الإقتصادى وانخفاض الطلب الداخلي كنتيجة للركود الإقتصادى العام وتواضع معدلات زيادة إنتاجية العمل يجب على الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص القيام بتوفير فرص عمل للشباب ورفع الإنتاجية وتوجيه الاستثمارات إلى قطاعات كثيفة العمالة والتكنولوجيا ورأس المال الإنساني، والقيام بإصلاح مؤسسي يركز على إعادة تقسيم فرص العمل على قطاع الأعمال العام والخاص والمشترك والمنظمات شبه الحكومية والأهلية والقطاع المدني، إضافة إلى القيام بتطوير التكامل والتعاون الاقتصادي الإقليمي مع ضرورة التحليل المستمر لمحددات العمل والبطالة. بأقل قدر من الاستثمارات يمكننا الاستفادة من أعظم وأهم مقوماتنا وهم الشباب، ولاسيما إذا ما علمنا أن أكثر من نصف سكان مصر ينتمون للفئة العمرية التي تقل عن ثلاثين عاماً، ثروة مصر الحقيقية في عدد خريجي الجامعات المصرية سنوياً، حيث يجيد ثلث هذا العدد لغتين أو أكثر. وشهدت الفترة الأخيرة زيادة أعداد الخريجين المتخصصين في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والشبكات البالغ عددهم نحو 23000 سنوياً وبذلك يمكننا سد الفجوة في مجال التكنولوجيا والاتصالات بأسرع مما نتصور. و من الضروري أيضا القيام بتحسين القابلية للتشغيل من خلال إصلاح منظومة ونوعية التعليم وأساليبه واستحداث برامج ومشروعات موجهة نحو فئات محددة من الشباب، وتطوير نوعية التدريب والبيئة المؤسسية العلمية والتطبيقية، لافتا إلى أنه يجب اتساع فرص تمكين المرآة من الحصول على فرص العمل والمشاركة النشطة لوزارات الدولة في برامج التشغيل ودعم مؤسسات وشركات التوظيف العامة والخاصة بالإضافة إلى توفير الموارد التدريبية لتغذية التعليم المستمر وتحقيق التوافق اللازم بين متطلبات سوق العمل ومخرجات التعليم والتحليل المستمر لنتائج المسوح السكانية الجارية.واستمرار البحث عن الدور المتوقع لمؤسسات التعليم الخاصة وخاصة المعاهد والكليات التقنية وتحليل غياب حوافز التوظيف في القطاع الزراعي المصري. فقط ابحثوا عن الكنوز والثروات المصرية فمصر تتمتع بموارد بشرية شابة ومتعلمة ومنخفضة الأجر، وقد أثبتت كفاءتها في العديد من المجالات لعقود مضت في شتى أنحاء العالم.