حاولت في مقالاتي السابقة أن أوجز في عرض سريع الكيفية التي يمكن بها لنظام التأمين الاجتماعي أن يحقق نوعا من الحماية الاجتماعية عن طريق ترشيد إدارة أمواله للوصول إلي هدف الحد الأدني لمستوي معيشة كريم للمواطن المصري بعد تقاعده . كما اقترحت ترشيد استخدامات الأموال من خلال السيطرة علي التدفقات المالية الخارجة والداخلة من وإلي نظام التأمينات بأن يكون هناك بنك للتأمينات يحقق معدل عائد مجز علي استثمارات تلك الأموال .. وتوفير التمويل اللازم لشباب الخريجين المتعطلين عن العمل والذين لم يجدوا فرصة العمل المناسبة بالبدء في إنشاء مشروع صغير يساهمون من خلاله في زيادة الناتج القومي.. وإذا علمنا أن بيانات التقرير السنوي لصندوق التأمين الاجتماعي لقطاع الأعمال العام والخاص للسنة المالية المنتهية في 30 يونيو 2011 تفيد أن حصيلة اشتراكات تأمين البطالة التي سددها أصحاب الأعمال بلغت 520 مليون جنيه .. تم صرف مبلغ 303 آلاف جنيه كتعويضات بطالة للمؤمن عليهم المتعطلين إجباريا عن العمل أي أقل من ثلث مليون جنيه .وأنفق منها الصندوق 86.3 مليون جنيه كمصاريف إدارية ، بنسبة 16.6٪ وهي نسبة المصاريف الادارية إلي الاشتراكات لمختلف فروع التأمين.. ولم يفكر أحد في تحليل تلك البيانات .. حيث إن المبالغ التي تم صرفها كتعويضات تبلغ نسبتها حوالي 0.06٪ فقط .. بينما بلغت المصروفات الإدارية منها أكثر من 16٪ .. وهنا نتساءل : أين ذهبت المبالغ المتبقية من حصيلة تأمين البطالة ؟ ولماذا ترتفع المصروفات الإدارية إلي هذه النسبة ؟.. وكما قلت قبل ذلك هناك من يفكر من داخل الصندوق .. ويمنع أي فكر يأتي من خارجه .. بينما تعاني مصر كغيرها من دول العالم بمختلف درجات نموها الاقتصادي من مشكلة البطالة حيث تمثل نسبتها 11.3٪ من السكان عام 2010 وفقا لبيانات البنك الدولي .. بينما تؤكد البيانات الحكومية أنها لا تزيد علي 8.3٪.. وترتفع هذه النسبة بين المتعلمين .. فهي تنذر بكارثة خاصة أن التزام الدولة بتعيين الخريجين قد توقف عند عام 1984 للمؤهلات المتوسطة .. وعند عام 1985 للمؤهلات العليا .. ولاشك أن التعليم تكمن قيمته في قدرة الفرد علي استخدام المعلومات والمعارف التي بين يديه في تحقيق تطور مجتمعه .. ومن هنا يكون التدريب هو المخرج الوحيد لتحجيم البطالة من خلال الاستخدام الجيد للقوي العاملة وتأهيلها .. فيجب أن نفكر في الاستخدام الأمثل للاحتياطيات المتراكمة مع تزايد الحاجة إلي خلق فرص عمل جديدة لتشغيل الشباب .. وإعادة التفكير في توجيه المتبقي من حصيلة الاشتراكات لصالح العاملين .. وأوجه النداء للصديق العزيز الدكتور أحمد البرعي الوزير الثوري لكي يبادر بتفعيل فرع تأمين البطالة القائم فعلا من خلال احتياطياته المتراكمة منذ أكثر من 35 عاما والبالغة أكثر من 15 مليار جنيه ولم يتم الإفصاح عنها بالمخالفة لشعار الشفافية وكحق للمتعطلين وليس كمنحة أو مساعدة .. ألا تجد هذه الأموال طريقها إلي بنك الحماية الاجتماعية ولنتحرر من عقد الماضي ونستخدمها لتخفيف مشكلة البطالة في مصر .. والله المستعان.