ندد سياسيون مؤيدون ومعارضون لعزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي، من قبل الجيش وقوى مدنية في 3 يوليو الماضي، بالحكم الصادر أمس الاثنين بإحالة أوراق 529 متهمًا من أنصار مرسي إلى المفتي، تمهيدًا لإعدامهم، مطالبين المنظمات الدولية بالتدخل لحماية المصريين من القضاء المصري- على حسب قولهم. وكانت محكمة جنايات المنيا قد قضت أمس الاثنين، بإحالة أوراق 529 متهمًا من أنصار مرسي، إلى مفتي الديار المصرية تمهيدًا لإعدامهم، وبراءة 16 آخرين من التهم المنسوبة إليهم، على أن يكون النطق بالحكم النهائي للمحكمة في 28 من أبريل المقبل، في اتهامهم بالهجوم على أقسام شرطة في مدينتي سمالوط ومطاي في المنيا، عقب فض اعتصامي مؤيدي مرسي في "رابعة والنهضة" في منتصف أغسطس الماضي. والإحالة للمفتي في القانون المصري، تعني الحكم بالإعدام، وقرار المفتي يكون استشاريًا قد لا يأخذ به القاضي ويقضي في النهاية بتنفيذ الحكم بالإعدام حتى لو رفض المفتي، غير أن هذا الحكم أوليًا وقابلاً للطعن. وقال إبراهيم منير أمين التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، في تصريحات لوكالة الأناضول التركية، إنه يخشى أن يُستخدم الحكم الصادر اليوم عشية القمة العربية، المقرر أن تبدأ غدًا بالكويت؛ لتسويق وتمرير أن جماعة الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية"، كما أعلنتها الحكومة المصرية. وكان وزراء الخارجية العرب اتفقوا السبت الماضي، على مشروع قرار يتعلق بالإرهاب الدولي، وقرروا رفعه للقمة العربية، يؤكد على مكافحة الإرهاب واقتلاع جذوره وتجفيف منابعه الفكرية والمالية، ويدعو الأعضاء بالجامعة العربية إلى توقيع العقوبات على من يقوم بتقديم أو جمع أموال لصالح أشخاص أو كيانات تستخدمها في ارتكاب أعمال إرهابية أو تيسيرها أو المشاركة فيها. وأشار منير إلى أن "الحكم صادم ويتجاوز كل الأعراف والإجراءات القانونية، وأن كل الجهات القضائية المعتبرة في العالم تعلم الإجراءات الباطلة في ملاحقة رافضي الانقلاب". وأعرب عن إصرار مؤيدي "الشرعية" على السلمية في مواجهة ما أسماه ب"الانقلاب العسكري"، مشيرًا إلى اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة لمواجهته في الداخل والخارج، دون إيضاح تلك الإجراءات. وقال عز الدين الكومي، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى المصري المنحل والقيادي بجماعة الإخوان في مصر: "إن الحكم جائر، في سابقة خطيرة لم يشهد لها العالم مثيلاً قبل اليوم". وأضاف في بيان له: "أن الحكم سياسي، لجر الشارع إلى العنف وإحداث حالة من الاحتراب الأهلي بين أبناء الشعب الواحد"، مشيرًا إلى أن "الحكم لن يجر الشعب إلى العدول عن السلمية، ولن يُرهب الثوار لوقف الحراك الثوري السلمى". وتابع الكومي: "نخاطب ضمير القضاء المصري، الذى كان ينعت يومًا بأنه شامخ، بإيقاف هذه الانتهاكات الصارخة والفاضحة، التي يندى لها جبين كل حر ليس في مصر فقط بل في العالم أجمع". وطالب المنظمات الدولية المنظمة لأعمال القضاة والقضاء في الأممالمتحدة، وغيرها، ب"حماية المصريين من بطش القضاء المصري، والذى من المفترض أن يكون حارسًا للعدالة وللحقوق والحريات". ووصفت هدى عبد المنعم، عضو اللجنة الحقوقية ب"التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" الداعم لمرسي، الحكم ب"الصادم للمجتمع". وقالت إن "الحكم شابهه البطلان في كل إجراءاته، وهو حكم انتقامي من معارضي السلطات الحالية، لصالح الانقلاب، وهو يثبت أننا أصبحنا بلا دولة وبلا قانون وبلا حقوق إنسان". وقال سعد فياض، عضو المكتب السياسي للجبهة السلفية: " إن الحكم يعد ورقة أخيرة في جعبة السلطة لكسر الحراك الثوري بإصدار أحكام قضائية مشددة"، لافتا إلى أن "القضاة يتم الزج بهم في معركة، ليكونوا غطاءً للاستبداد". وتابع: "إن هذا الحكم يعكس اليأس الذي تعيشه السلطة من هدوء الأوضاع، وفشل الحل الأمني في قمع المظاهرات، وإذا كان اعتقال بعض الطلاب هو من أسباب الحراك الطلابي الغاضب، فإن مثل هذه الأحكام ستشعل الأرض تحت أقدام الانقلاب". واعتبرت فيه نيفين ملاك عضو المكتب السياسي لحزب الوسط، الحكم بأنه "ناقوس خطر، ويمثل تحويل العدالة الناجزة إلى العقوبة الثأرية". وأضافت في تدوينة لها على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك): "الثأرية فى إصدار الأحكام القضائية أخطر ما يهدد المجتمعات، والمجتمع في ظلها قد يكون قاب قوسين أو أدنى من الانزلاق لشريعة الغاب، وضياع العدالة وثأريتها بدلاً من حياديتها الإيجابية". ومن جهتها، طالبت جبهة "استقلال القضاء لرفض الانقلاب" بإحالة قضاة المحاكمة إلى التحقيق والتفتيش القضائي، للمحاسبة على ما وصفته ب"الخطأ المهني الجسيم الذي هدد العدالة". وقالت الجبهة في بيان لها : "الحكم برمته باطل وسقوطه مؤكد في باقي درجات الطعن، لأسباب عدة، منها أن المتهمين المقضي عليهم في غيبتهم، محبوسين وتحت ولاية وزارة الداخلية، وللإخلال بحق الدفاع حيث على الأقل لكل متهم يوم واحد في الدفاع، فضلاً عن جلسات الإجراءات". من جانبه، قال أحمد مفرح، باحث مصري بمؤسسة الكرامة الدولية لحقوق الإنسان بسويسرا: "إنه لا يمكن بحال من الأحوال الاعتراف بمحاكمات غير عادلة تؤدي إلى انتهاك الحق في الحياة بمثل هذا الشكل السافر". وأوضح في بيان إلي "أن هذا النوع من المحاكمات التي تتم بحق المعتقلين، إنما يأتي في إطار الدور الذي يلعبه القضاء في شرعنة الانتهاكات التي ترتكب من قبل قوات الجيش والشرطة بحق المعارضين في مصر". كما أدان "الائتلاف العالمي للحريات والحقوق"، الحكم، قائلاَ، إنه "تلقى الحكم بمزيد من القلق والانزعاج من مدى تدهور الأوضاع الحقوقية والقانونية بمصر بعد انقلاب 3 يوليو الماضي". وقال الائتلاف العالمي: "يثبت صدور مثل هذا الحكم بما لا يدع مجالاً للشك أن القضاء المصري متورط وبشدة في ممارسة الانتهاكات الحقوقية والقانونية التي تتم في مصر منذ الإطاحة بالرئيس الشرعي محمد مرسي". ولم يسلم الحكم من الانتقادات من جانب المعارضين لمرسي، حيث قال محمد سيف الدولة، اليساري المصري: "الإعدام بالجملة، أحدث إبداعات خريطة الطريق". وخارطة الطريق أعلنها الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وتضمنت تعديل الدستور والاستفتاء عليه الذي جرى في يناير الماضي وإجراء انتخابات برلمانية ثم رئاسية. وأجرى منصور تعديلاً على بنود الخارطة، لمرحلة ما بعد عزل مرسي، بإجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، وأعلن في خطاب ألقاه يوم 26 يناير الماضي، أن ذلك جاء استجابة لما خلصت إليه الحوارات التي أجراها مع القوى السياسية. ومن جانبه، اعتبر جمال عيد، الحقوقي المصري المستقل، أن الحكم "غريب"، وفي تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، أوضح عيد أن "قضايا ضحايا ثورة يناير حصلوا المتهمون فيها على براءة". وقال عيد: "قضية قتل شهداء يناير في بني سويف التي تتكون من 19 شهيدًا و11 متهمًا حصلت على براءة، بينما قضية المنيا التي يتواجد بها شهيد ومصاب و545 متهمًا تنتهي ب528 إعدام + 16 براءة". كما رفض الإعلامي حسين عبد الغني، المتحدث السابق باسم جبهة الإنقاذ المعارضة لمرسي، الحكم، قائلاً: "في محكمة نورمبرج لجرائم النازي في الحرب العالمية الثانية، التي تسببت في مقتل 50 مليون إنسان لم يحكم بالإعدام إلا على 12 متهمًا ونفذ في 6 فقط". وأضاف عبد الغني، عبر حسابه على (تويتر): "محكمة مصرية أصدرت حكمًا غير مسبوق في تاريخ مصر وربما في تاريخ العالم الحديث بعرض 528 من الإخوان على المفتي، وهو في القانون يعني الإعدام". وتشكلت جبهة الإنقاذ الوطني، في أعقاب الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في نوفمبر من العام قبل الماضي، وكان أبرز مطالبها الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وتشكلت الجبهة من عدة أحزاب وشخصيات ليبرالية. واختتم عبد الغني: "لن نعلق.. لكن لكل حكم مناخ عام.. هل هناك راشد يضبط هذا المناخ الكارثي قبل يومين من الحدث المنتظر". فيما وصف حزب الدستور (ليبرالي) في بيان له ذلك الحكم بأنه "يمثل خطورة على سلامة وأمن المجتمع، وسيتم استغلال الأحكام كأداة للتحريض على استمرار دوامة العنف"، مؤكدا تمسكه بأن "تحقيق الاستقرار وحماية مؤسسات الدولة لن يتحقق سوى عبر إعلاء دولة القانون والالتزام بالدستور وضمان تحقيق العدالة". من جانبه، قال نقيب المحامين سامح عاشور، إن "قرار محكمة جنايات المنيا إهدار للمبادئ الدستورية التى استقرت على تأكيد وكفالة حق الدفاع للمواطنين جميعا دون تفرقة". وطالب نقيب المحامين فى بيان له، النائب العام بحكم موقعه كأمين على الدعوى العمومية بما خوله له القانون من سلطات أن "يطعن على الحكم الصادر فى الدعوى العمومية بطريق النقض، وذلك للخطأ فى تطبيق القانون وإهدار حق الدفاع". وحذر من أن "يكون الانتماء السياسى سببا فى التعنت تجاه بعض المتهمين بسبب هوياتهم السياسية". وفي تعليق من أحد المحكوم عليهم بالإعدام غيابيًا، قال الطالب سياف جمال إن "المحكمة حكمت على المتهمين دون مرافعات أو فض للأحراز ". وأشار جمال إلي أنه من المضحك أنه كان يتواجد في القاهرة يوم فض رابعة العدوية يوم 14 أغسطس الماضي، ولم يكن في مكان الحادث الذي تم بناء القضية عليه، حسب قوله. وأضاف جمال: "ما حدث عبث له تفسيران.. إما أنه محاولة لتفجير الوضع ودفع الشباب للتهور، أو أنه محاولة لإرهاب الأحرار ودفعهم للخوف والجلوس في البيوت.. وأؤكد أنه فاشل لن يحقق غرضه وسنستمر في قول الحق". وأشار إلى أن هذا الحكم رغم فداحته "لن يجعلنا نتراجع عن السلمية لكن في سلميتنا متسع لتهذيب القتلة الأفاقين"، بحسب قوله. وفي القضية ذاتها، تنظر محكمة جنايات المنيا اليوم الثلاثاء، محاكمة 683 (بينهم 610 هاربين) متهمًا من عناصر الاخوان، بينهم المرشد العام للجماعة محمد بديع (المحبوس احتياطيًا على ذمة قضايا أخرى) وسعد الكتاتني الرئيس السابق لمجلس الشعب ورئيس حزب الحرية والعدالة في أحداث العنف التي شهدتها ايضا مدينتا مغاغة والعدوة بمحافظة المنيا. ومنذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، تتهم السلطات المصرية عددًا من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وأفرادها بالتحريض على العنف والإرهاب، فيما تؤكد الجماعة أن نهجها "سلمي"، وتتهم في المقابل قوات الأمن المصرية بقتل المتظاهرين الرافضين لعزل مرسي.