- قدمت بلاغا للنيابة يتهم "عرب" بالتقصير في حماية الوثائق .. فتم فصلي تعسفيا - وثائق مصر أصبحت بلا سرية وتم اختراقها من كافة الجهات الغربية - صابر عرب وعبدالواحد النبوي .. قصة صعود غريب بالوساطة - فرنسا تجعل رئيس دار الوثائق في منزلة توازي رئيس الوزراء - أطالب بتبعية الوثائق مباشرة لرئاسة الجمهورية - إعلام لميس الحديدي و"دستور إيه يا سيادة المستشار"؟! - رفضت أن تكسر "هيئة الكتاب" عيني .. وأزمتي مع الأمن كشفت تداعي اتحاد الناشرين يعد الشاعر "الجميلي أحمد" صاحب دار "وعد" للنشر، أحد الوجوه البارزة على الساحة الثقافية، خاصة وأنه يقود مع رفاقه من الكتاب في الأونة الأخيرة حركة واسعة لتطهير وزارة الثقافة من الفساد ، والتي ظهر بيانها الأول من أتيليه القاهرة مؤخرا تحت شعار "ثقافة تليق بمصر".. "محيط" تحدث للشاعر المصري بمناسبة الوقفة التي يحشد لها أمام مجلس الوزراء الخميس المقبل لإسقاط وزير الثقافة، .. وتطرق نقاشنا لأزمة الجميلي الشهيرة مع صابر عرب ومخاطر تسريب الوثائق المصرية ، وانتهينا لحال الحكومات المصرية العاجزة عن مجرد اتخاذ قرار لوقف المهازل في مصر وما أكثرها.. إلى نص اللقاء محيط : كيف تطورت الأزمة بينك وبين الدكتور صابر حتى تم فصلك من دار الكتب إبان ثورة يناير 2011 ؟ - كنت مسئولا عن وحدة المتابعة بدار الكتب والوثائق القومية، التي كان يديرها الدكتور محمد صابر عرب، وقد بدأت علاقتنا طيبة في البداية ثم بدأت ألاحظ أن كافة الخطط التي كنا نعدها لفتح منافذ ثقافية للرأي العام ، كان "عرب" نفسه يعرقلها! وفوجئت بشواهد كثيرة ربما لم تكن ملموسة لكنها معلومة للجميع عن خروج وثائق هامة من الدار بلا رقيب ، وخاصة أن الدار لا تعمل بنظم الأرشيف المعتمدة دوليا فهي لا تعطي الوثائق أكواد ولا تجردها بشكل نزيه ولا تحصيها بسجلات يوقع عليها المسئولون، وهو ما يسهل خروجها، وقدمت أنا وعدد من الزملاء بلاغات للنائب العام بما علمت به للتحقيق، ففوجئت بالدكتور صابر يتهمني بتهم إدارية تجافي الحقيقة ، ومنها التغيب عن العمل والتأخر ، بالرغم من أنني كنت مواظبا على العمل وليس لي حضور وانصراف لطبيعة عملي الذي يستلزم التنقل المستمر. وكنت أتوقع من الحكومات التي جاءت بعد الثورة أن تنظر جديا بملف المفصولين بسبب ثوريتهم على الفساد وقوانينه خاصة بعد 25 يناير، لأن كافة الرموز التي تعتلي السلطة ما كان لها أن تصل لولا الثورة وتضحيات أبنائها . وأتساءل : هل لو كنت مخطئا بالفعل، كان الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة سيدرج اسمي بكشوف المطلوب تعيينهم بدار الكتب، بالتأكيد لا . والحقيقة أن ما لدي من شكوك تحول ليقين، بعد أن تسربت وثائق الجنيزة اليهودية بعد شهرين فقط من فصلي ، ما يدل على أن دار الكتب كان الأجانب يعيثون فيها بلا رقيب . وأعود لأطالب بما طالبت به في بلاغي للنيابة، والذي اتهمت فيه إدارة دار الكتب صراحة بالتقصير في أرشفة المستندات، وطالبت بلجنة من خبراء مشهود لهم بالنزاهة بمجال الوثائق والخبرة لإقرار مشروع لأرشفة كل تلك الوثائق بشكل مدروس . محيط : ولماذا جهرت بأن مشروع "ميكنة الوثائق" يعد خطرا على الأمن القومي المصري ؟ - المشروع يقوم على أرشفة الوثائق آليا، وبالتالي فهو يسهل الحذف والإضافة عليه، بينما السبل العلمية في الأرشفة تمنع ذلك، كما أنه يسهل توصيله عبر الإنترنت بأي جهة غربية وهو ما جرى فعلا مع الأسف، وهو لا يتيح سرية عدد كبير من الوثائق التي تتعرض بالحدود والتركات والأملاك مثلا وأتساءل كيف جازفت حكومة الدكتور أحمد نظيف بإقرار هذا المشروع، وكيف جازفت شخصيات كعماد أبوغازي أو خالد فهمي بالمشاركة فيه، وهو بهذا الكم من العبث بتراثنا؟! من جانب آخر، فالمشروع بحد ذاته أدى لإهدار جسيم بالمال العام، ويكفي فقط أن نراجع ما تقاضاه الدكتور عبدالواحد النبوي، وهو بالمناسبة يعمل الآن مديرا لدار الوثائق القومية، لمجرد أنه الطالب المحبب عند الوزير الدكتور صابر عرب والذي أشرف بنفسه على رسالته بجامعة الأزهر، في نفس تخصصه، فجاء به للعمل بمشروع الميكنة ثم صعده سريعا ليصير رئيسا لدار الوثائق في غمضة عين . وهو ما جرى مع صابر عرب نفسه الذي جاء بتزكية من سمير غريب، ثم تدرج بمباركة فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق ليصير رئيسا لدار الكتب . محيط : وماذا عن لعبة العرائس التي حدثتنا عنها، والتي يديرها فاروق حسني؟ - كنت أتعجب ما مصدر قوة صابر عرب التي تجعله دائما يخرج من كل تلك البلاغات بحقه، وكنت أتساءل كيف تمر هذه السنوات بعد الثورة ولا تتغير أي من قيادات الثقافة التي نصبها فاروق حسني، واكتشفت أن الرجل لازال يدير اللعبة بنفسه، لعبة العرائس كما أسميها، فهو لديه عشرة رجال مخلصون ، يحركهم هنا وهناك، وهو ما يفعله الدكتور صابر عرب نفسه الآن، والغريبة أن تليفون واحد لفاروق حسني ينهي مشكلاتك بالثقافة كمنح التفرغ وسواها، فماذا نفهم من ذلك؟ محيط : هل هناك حكومة بعد الثورة تعاملت بجدية مع ملف الوثائق ؟ - لا ، حكومات شرف والجنزوري وقنديل والببلاوي وغيرها تنظر للثقافة كأمر هامشي، وتتعامل معه بمبدأ المسكنات ، فهي تريد تمرير الوقت بأقل الضغوط، ولا تورط نفسها في فتح ملفات فساد وإطاحة بمسئولين ، وأنا ككاتب مستقل غير تابع لأي تيار ديني أو مدني، أرى أن حكومات أثبتت جميعا فشلا ذريعا بالثقافة وغيرها من الملفات ، بل وتمارس تلك الحكومات استخفافا رهيبا بعقول المصريين، فنجد مثلا أن حكومة الببلاوي المستقيلة باقية بأشخاصها باستثناء الببلاوي الذي تبدل فصار محلب !! محيط : هل ينطبق حديثك عن فساد القيادات على الجميع ؟ - نعم، باسثناء سعد عبدالرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، والذي يمكن أن نتحدث عن بعض أشكال سوء الإدارة عنده، لكننا لا نجد فسادا ماليا ولا وظيفيا لديه. محيط : لماذا تحذر من الإعلام المصري وأثره على الوعي ؟ - لأنه صار غير مؤتمن . وسأضرب مثالا واحدا ، حين شاهدت برنامج لميس الحديدي تحاور أحد المستشارين بمجلس الدولة على الطعون على قرارات اللجنة المشرفة على انتخابات الرئاسة، وقد صار جدل حول هذه المسألة، وقال الرجل باحترام :الدستور يعطي الحق للشعب للطعن، فردت سريعا : "دستور إيه، هو جي يمشي البلد ولا يعطلها" ؟! محيط : بصراحة .. لماذا اخترت الابتعاد عن اتحاد الناشرين المصريين ؟ - لأنه خاضع للسلطة وغير مستقل بقراراته ، ولأنه لا يعطي أي مزايا حقيقية للناشر من حماية في حالة تعرضه لأزمة، أو إعفاءات وتخفيضات، ولا حقوق نقابية للناشرين، فهو بلا قيمة حقيقية ، بخلاف النقابة المستقلة التي ندشنها الآن والتي تسعى لتفعيل تلك الخدمات . وأتذكر أن ابراهيم المعلم حين كان رئيسا لاتحاد الناشرين، وتم احتجازي في مقر أمن الدولة بعد صدور رواية ادريس علي "الزعيم يحلق شعره" وقيل أنها بها إشارات سياسية، ونفى "المعلم" احتجازي، على الرغم من أن اتحاد كتاب مصر أقر بما جرى معي وقال أنه يسعى للإفراج عنا لأنه لا يمكن الاعتقال بتهمة التعبير . والحقيقة أن الجميع يداهن أحمد مجاهد، رئيس هيئة الكتاب لينشر لهم أعمالهم ، أو يوزعها في حالة الناشرين، ولكني رفضت ذلك كي لا يكسر عيني أحد ويضطرني للسير في ركاب النظام . محيط : هل يمكن أن يكون هناك أمل بحكومة ابراهيم محلب بعد استقالة الببلاوي؟ كلها وجوه لعملة واحدة، وليس بينهم شباب كما وعد المشير السيسي نفسه، وليس بينهم وجوه ثورية ممن عهدناهم ب25 يناير أو 30 يونيو، وكلها حكومات لا يمكنها حقيقة اتخاذ قرار ويدها ستظل مرتعشة . أما صابر عرب فلابد من محاسبته على جنته يداه بحق الثقافة المصرية .