بهاء طاهر : عمل أصيل .. ومحمد مستجاب : رواية عالمية بامتياز الضبع : العبودى يحكى سيرة قرية ويسبح بصوفية الإنسان المصري العبودى : نجاح الرواية الحقيقى في خلودها بعد رحيل كاتبها قرية في أقاصي الصعيد، تتخالط فيها العقائد بين مسلم ومسيحي، وتتشابك المصائر، وتتفاوت طبائع البشر وخصالهم، بين عاشق للصغيرات وعاشق للأولاد، وبين مرتبك عقائديًا ورجل عنين.. تصف ما يجري على أرض واقعنا المرير ويتداخل فيها الرواة، لتنتهي الرواية بدمج مصائر الأبطال وتعقيدها. هذة لمحة من رواية " متاهة الأولياء " حيث القرية هى البطل ، و الإنسان العادى هو " الولى " ، ناقش الرواية أمس بآتيليه القاهرة كل من الروائي الكبير بهاء طاهر، والناقد محمود الضبع، و القاص محمد محمد مستجاب ، بحضور كاتبها القاص و الروائى " أدهم العبودى ، متاهة الأولياء" هى الرواية الثانية للكاتب والعمل الثالث بعد مجموعة "جلباب النبى" الفائزة بإحسان عبد القدوس 2011 وبعد رواية "باب العبد" الفائزة بالشارقة 2012. متاهة بلا مخرج فى كلمته تحدث بهاء طاهر أنه سعيد بمناقشة عمل بجودة " متاهة الأولياء " ، و أكد أن هذا العمل لا يشبه أى عمل آخر لا مصرى و لا أجنبى ، حتى الأعمال التى تدور فى الجنوب و القرية ، فخلق عمل أصيل مائة بالمائة لكاتب مبدع . و قال بهاء أننا أمام موهبة استثنائية ، و فى أيام العرب كانوا يحتفلون بمولد الموهبة و يفتخرون بمولد شاعر بينهم ، لذا علينا أن نحتفى بميلاد المواهب و نشجعها كما ينبغى . و تابع أن العمل الروائى غنى بالتفاصيل ، و يتميز الكاتب بلغة الصور البصرية و يملك عينا لاقطة ترى ما لا نراه ، ليلخص " مولد سيدى أبو الحجاج " بشكل استثنائى موضوع الرواية ، فالرواية تصور متاهات الإنسان ، و الحب بمختلف صوره و التى تتجسد فى هذا المولد ، فيبحث شخوص الرواية عن الحب كلا على طريقته هربا من متاهة الحياة ، و لكنهم يفشلون ، فيعودون من جديد لمتاهاتهم . من جانبه قال القاص محمد مستجاب أنه نادرا حاليا ما نجد نص مصرى مائة بالمائة غير مستنسخ من شخصيات غربية ، فالقرية بأشخاصها بأحداثها ، تصل بالنص للعالمية بامتياز . و تابع أن الموت مسيطر على الرواية من بدايتها إلى نهايتها ، ولكن تحت ركام الموت الثقيل هناك حياة . حكايات الجنوب فى ظل تشابه الكثير من الأعمال الروائية فيما بينها كما عبر الناقد محمود الضبع ، أصبح الجميع يسعى وراء التجربة ليفسد الحكى الروائى ، قائلا :إذا انتفت البنية الحكائية من الرواية و السرد فماذا تبقى لها ، و أكد الضبع أن السيناريو ليس وليدا عن الرواية أو القصة بل هو فن قائم بذاته . و تابع الضبع قائلا أن رواية متاهة الأولياء تحمل ملامح هوية الجنوب فى لغتها و تقاليدها و أعرافها و أفكارها و طقوسها . هناك فى الجنوب ليس هناك عنصرية التصنيف هذا مسيحى و هذا مسلم ، بل تختفى تلك الفواصل تماما فى الصعيد ، لنجد تعايش سلمى و تكفل اجتماعى بمعنى الكلمة لم تستطع أعتى الدول الغربية فى الديمقراطية أن تحققه . وقال الضبع أن فى الصعيد لديهم تساهلات كثيرة فى مسألة التدين ، فيصلى الفلاح فى حقله و ينزع العشب و هو يصلى و لا يرى غضاضة فى ذلك ، فهم يعبرون أكثر عن روح الدين . و الرواية تنتقد المجتمع الصعيدى فى نظرته للعلاقات الجنسية مشيرة أنه ليس مجتمع مثالى كما يظن البعض بل له انحرافاته ، و تظل قسوة الجنوب فى التعامل مع قضايا الشرف بالدماء . العبودى يحكى سيرة قرية لا سيرة إنسان ، و لم يحدد العبودى اسما لقريته فهى تجسيد لكل قرى الصعيد ، فتكون القرية هى البطل ، و ليس هناك شخصية رئيسية بل كل الأشخاص أبطال . عبقرية العبودى أنه استطاع أن يجسد واقع الجنوب فى بنية روائية محكمة ينتقل فيها من شخصية لشخصية ، كما فعل نجيب محفوظ فى رائعته " ليالى ألف ليلة " ، و هى " بنية الأشخاص " كل شخص يسلم الآخر ، الرواية بها تداخل أصوات سردية تمتزج معا و تتشابك ، و يتبع العبودى القطع السينمائى المتوازى فى روايته . كما أشاد الضبع باللغة الشعرية فى الرواية ، أما عن العنوان قال الضبع أن كتاب الجنوب تسيطر عليهم الكتابات الصوفية ، رغم هيمنة المذهب الجعفرى هناك ، فظن فى البدء أن الرواية تستدعى هذا النوع من الكتابة ، ثم اكتشف أن الأولياء الحقيقيين فى الرواية هم الشخصيات العادية و العامة بالرواية ، كل كائن يمشى على الأرض هو ولى به نزاعات صوفية و إنسانية . و فى كلمة أدهم العبودى قال أنها ثانى رواية له بعد فوز روايته الأولى بجائزة الشارقة ، و قبل بدأه بالرواية اقترب من عالم القبور و الحانوتية و عرف أنهم ليسوا سوى ورثة للمهنة و أنهم يخافون كغيرهم من الناس ، و ذهب إلى الكنيسة ، و قام ببحث روائى طويل قبل البدء ، و قال أن نجاح الرواية الحقيقى أن تخلد حتى بعد موت صاحبها .