احتشد آلاف الأشخاص في شوارع العاصمة الاقتصادية أبيدجان، أمس الأحد، لاستقبال رئيس كوت ديفوار الحسن واتارا، والاحتفال بعودته بعد فترة نقاهة لمدة شهر في باريس إثر خضوعه لجراحة ناجحة، فيما اعتبر مراقبون أن عودته سالما من شأنها أن تساهم في تهدئة توترات وشكوك المعارضة حول غيابه الطويل. وفي حديث لوكالة "الأناضول"، قال تاجر يبلغ من العمر 52 عاما يدعى أميناتا كونيه "نحن سعداء للغاية لرؤيته يعود على قيد الحياة، حيث قال البعض هنا إنه قد توفي في فرنسا، في حين قال آخرون إنه دخل في غيبوبة عميقة، ولكنه الآن بيننا". وأضاف باسمًا: "نحن سعداء ونعبر عن سعادتنا". ولاقى واتارا (72 عاما)، ترحيبا حارا في مطار "فيليكس هوفويت بوانيي"، حيث احتشد الآلاف من الصغار والكبار، ومعظمهم ينتمون إلى حزبه "تجمع الجمهوريين" الحاكم. وعلى الرغم من أنه ظهر قويًا وبصحة جيدة، ترجل واتارا على سلم الطائرة الرئاسية باستخدام عصا يتوكأ عليها لدعم ساقه اليسرى. ولدى إعلان عودته الأسبوع الماضي، من سفارة كوت ديفوار في باريس، قال واتارا إن الأطباء نصحوه باستخدام عصا المشي للحفاظ على توازنه ولكن تعهد بالاستغناء عن "قطعة الخشب الرفيعة" قريبًا. واستقبلت، الموكب الرئاسي، الجماهير المتحمسة التي احتشدت على جانبي خط سيره بطول 15 كيلومترا من المطار إلى مقر إقامة الرئيس الإيفواري شمالي مقاطعة "كوكودي"، يلوحون بأوراق الشجر، والأعلام الصغيرة ويهتفون: "أدو، أدو، أدو"، وهو اختصار شعبي لاسم الرئيس الكامل. وعودة واتارا من شأنها أن تساهم في تهدئة التوترات والشكوك المتزايدة في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا إثر مزاعم قادة المعارضة بأن غيابه الطويل يمكن أن يفضي إلى حدوث فراغ في السلطة، بحسب مراقبين. يأتي هذا في الوقت الذي حث رئيس حزب "الجبهة الشعبية الإيفوارية" المعارض، آفى نغيسان المواطنين على الصلاة من أجل رئيسهم المريض، في حين واصلت الصحف الموالية للمعارضة الضغط على الحكومة طوال شهر فبراير/ شباط الماضي للمطالبة بمزيد من الشفافية حول صحة الرئيس. ومن جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة "بواكيه"، فرناند كواسي "لقد أنقذنا للتو من أزمة دستورية ومدنية أخرى إثر عودة للرئيس سالما". وفي حديث لوكالة "الأناضول"، أشار كواسي إلى أن "البلاد شهدت بالفعل خلافات على كافة الأصعدة، من قمة مستويات السلطة إلى أدناها حول من تؤول إليه السلطة". ومضى متسائلا: "من الذي سيخلفه؟ هل تقبل المعارضة خلفه؟ هل يمكن اقتحام السجون لإطلاق سراح السجناء؟". وأردف قائلا: "أعتقد أن عودته ستساهم في تعزيز السلام والاستقرار الذي كنا نقوم ببنائه منذ نهاية أحداث عنف عام 2011". وتتعافى ساحل العاج من أزمة عنيفة عقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2010، حيث أعلن متنافسان فوزهما، وهما الحسن وتارا ورئيس البلاد حينذاك لوران باغبو. وأسفرت أعمال العنف التي وقعت حينها عن مقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص، وسجن مئات المعارضين السياسيين الذين ما زالوا بانتظار المحاكمة، وانتهت باعتقال باغبو في 11 أبريل/نيسان 2011، ثم إرساله لاحقا للمحاكمة أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الصراع بعد الانتخابات. ومنح أكثر من 200 معتقل إفراجا مشروطًا ومن بينهم ميشيل، نجل الرئيس السابق لوران جباجبو. ويعتقد كثيرون أن الإفراج عن جميع السجناء السياسيين من شأنه أن يعزز عملية المصالحة الوطنية وإقناع المعارضة بالانضمام إلى حكومة منفتحة. ومن جهته، رأى البرلماني في الحزب الحاكم سورو ألفونس أن "عودة الرئيس سالما أربكت الحسابات السياسية للمعارضة". وقال في تصريح لوكالة "الأناضول" إن "البعض كان يفكر بالفعل في تشكيل حكومة انتقالية أو انتخابات جديدة، ظنا منهم أن شيئا مروعا سيحدث للرئيس"، مضيفا: "اليوم، الرئيس هنا، بصحة جيدا وعلى استعداد للذهاب إلى العمل في وقت مبكر غدًا". ومن المقرر أن تعقد الانتخابات الرئاسية في ساجل العاج العام المقبل، وقد أعلن واتارا اعتزامه الترشح لولاية ثانية مدتها خمس سنوات. وأوائل فبراير/شباط الماضي، سافر رئيس كوت ديفوار إلى فرنسا في ما كان يظنه العديد من الإيفواريين رحلة من بين رحلاته الترفيهية في الخارج. لكن الرئاسة الإيفوارية أصدرت بيانا مقتضبا، آنذاك، أعلنت فيه أن واتارا خضع لجراحة ناجحة للتخلص من آلام "عرق النسا" (ألم العصب الوركي)، وإنه سيعود إلى البلاد عقب قضاء فترة نقاهة وجيزة في فرنسا.