باتصال واحد قد يُستغل أي شاب مصري.. قد يبيع وطنه أو يعمل لصالح دولة أجنبية.. أو يهاجر ويعرض نفسه للذل في بلاد أخرى اضطرارياً من أجل الحصول على المال والحياة الكريمة. يدور في ذهنه ماذا قدمت له بلاده، نعم، لقد غاب الانتماء كثيرا بين الشباب، قد يترك بلاده ويموت مقابل الهجرة من وطنه إلى أي بلد أخرى توفر له قوت يومه. الكثير من شبابنا نجدهم بعد تعب سنوات في التعليم والحصول على شهادات جامعية بعد التخرج يعملون في المقاهي والمطاعم ولكن ما أحزنني وأغضبني عندما رأيت أحد الشباب الحاصلين على شهادات عليا يلّمع أحذية على أبواب المترو. هكذا شباب مصر على مر سنوات عديدة لم يجدوا من يشعر بحالاتهم على الرغم من قراراتهم في صنع المستقبل، وثوراتهم التي بهم قد تنجح أو تفشل، طموحات وأحلام في عقولهم يتمنون تحقيقها في بلادهم، اختراعات وابتكارات لا يجدون من يكتشفها، ما يجدونه قد يكون ضياع في حياتهم بالمخدرات التي تتسرب لهم من الغرب تدمر عقولهم من دولة غابت عن حقوقهم لتجعل الفشل سبيلهم. عندما نركب أحد عربات المترو، قد لا يخلو منها شاب يتجول بين عرباتها بلعب أطفال وأقلام وكروت شحن وغيرها والتي من خلالها يحصل على قوت يومه ولكن الصدمة أنك تجد منهم أصحاب المؤهلات العليا، فهذا حاله في مصر، دول كثيرة تتمنى شبابها مثل الشباب المصري ولكن الحظ يتحالف عكساً. بالفعل نرى العديد من الشباب باعة متجولين على أبواب محطات السكك الحديدية وعلى الطرقات بأحذية وملابس، وهذا ليس عيباً ولكن عندما نرى الكم الرهيب من هذا الشباب القادر على العمل والإنتاج وأصحاب الكفاءات والتعليم العالي والخبرة، دولته لم تعطِه حقه بعد سنوات من التعليم والتجنيد، ليخرج فيجد نفسه وسط صدام بعد أن كان يرى العالم سروراً وأحلاماً فور إتمام تعليمه ليصاب بصدمة بعد خروجه أن يجلس في بيته أو ينتظر قدره بعد ضياع سنوات شبابه. الأمر الذي يترتب عليه بطالة وعنوسة وفقر، ليجد شبابه ضاع في فراغ لم يستفيد منه قد يحوله إلى دمار بأساليب شيطانية. أثناء حديثي مع أحد زملائي خريجي كلية الهندسة قسم الحاسبات والمعلومات، قال لي أنه أثناء دراسته في الجامعة كانت لديه أفكارا هائلة في مجاله قد يبدع فيها، وبعد أن تخرج من الجامعة وحصل على البكالوريوس، لم يجد من يأخذ بيده من القاع إلى السطح بل ضاعت أفكاره، وقال لماذا أفكر وأبدع، لا أريد العيش في بلادي أريد السفر لأي دولة وأي عمل. هذا مثال بسيط لشاب مصري قد يذهب إلى دولة خليجية يعمل بها في مطعم أو مقهى مقابل المال، وينسى تعليمه الذي أفنى فيه سنوات من عمرة. الكثير والكثير من مشاكل الشباب، أقوى وأفضل شباب عربي من سيأخذ بيده من قاع ليطفو على السطح ويخرجه من دائرة الغرق؟.