" 5 .. 4 .. 3 .. 2 .. 1 " فى لحظات امتلئت السماء بالفقاعات و الضحكات ، هم شباب و كبار ، هم مصريون أطلقوا أحلامهم و أمانيهم فى " فقاعات " بالهواء أملا فى غد أفضل ، غد يحمل " العدالة الاجتماعية " للجميع ، فى يوم حمل الكثير من البهجة ، ترك الشباب اليأس و تعلقوا بالأمل فى مشاركتهم بيوم العدالة الاجتماعية الذى نظمه مشروع " التحرير لاونج " التابع لمعهد جوته الألمانى . عندما تدخل من الباب تطالعك تلك السبورة الزرقاء التى تحمل ورقة " عبر عن مفهومك للعدالة الاجتماعية " و مع الوقت بدأت تمتلئ باقتراحات الشباب حتى غطتها بالكامل فى نهاية اليوم ، و إن اتفق العديد أن العدالة الاجتماعة تعنى توزيع عادل للثروة ،و عدالة الأجور ، و المساواة بين الناس فلا فرق بين ابن وزير و ابن غفير ، فلا واسطة و لا محسوبية ، ليحل العدل محل الظلم الاجتماعى . و لكن البعض اختلف و عبر أن هناك فرق بين المساواة و العدالة الاجتماعية ، فالمساواة فى حد ذاتها ظلم ، فالعدالة الاجتماعية هى مراعاة اختلافات الأفراد . و لم يخلو الأمر من بعض التعليقات الساخرة مثل : " عدالة مين بقولك أيام سودة " ، و " العدالة الاجتماعية هى شئ لا يوجد فى بلادى مما يجعل وصفه بعيدا عن مخيلتى ربما هو قادم من عالم اليوتوبيا " ، و " عدالة .. و اجتماعية .. فى جمهورية مصر العربية .. طب ازاى ؟! " . و فى أحد الأركان تجد كتب متراصة هنا تستطيع أن " تبدل كتابك " بأحد الكتب الموجودة المتنوعة فى السياسة و الأدب و الفكر و العلوم و الدين و غيرها من المجالات ، كتب ستجذبك عناوينها بلا شك مثل رواية " قصة مدينتين " لتشارلز ديكنز ، و " آنا كارنينا " لليو توليستوى ، و غيرهم من الكتب القيمة . و هناك هذا الرجل ذو البذلة السوداء و الجرافتة الحمراء و ملامح الوجه المبهمة لا تملك إلا أن تقف أمامه و تستطلع تلك اليافتة " ماذا تريد من الرئيس القادم ؟ " ، فى صندوق مغلق أشبه بصندوق الانتخابات ألقى الحاضرين بمطالبهم عسى إلا ترتطم بصخرة صماء و تجد لها صدى . أما عن مصير تلك المطالب و الاقتراحات فأعلن التحرير لاونج أنها سيتم جمعها و نشرها على صفحتهم الرسمية على الفيس بوك ، مع احتمالية طبع الآراء البارزة منها للعدالة الاجتماعية و الرئيس و نشرها . تضمنت الاحتفالية عرض لفرقة " قوطة حمرا " المسرحى ، الفرقة بدات المشوار منذ عام 2010 ، هى مسرح الشارع تقدم مسرحيات كوميدية اجتماعية للتعريف بمشكلة اللاجئين فى عرض " رايح بيت الجيران " لأن المسرح يلعب دور كبير فى التغيير ، تجولت الفرقة فى مختلف الأماكن التى يعيش فيه اللاجئين ، لتكون دعما لهم للتكيف ، لترسى قاعدة هامة " أننا كلنا أخوة فى المعاناة .. أخوة فى الحلوة و المرة ". المسرحية كانت نتاج ورشة عمل بين مصريين و " بستك" مركز التدريب النفسى و الاجتماعى للاجئين ، تعالت ضحكات الجمهور و تصفيقهم على العرض ، و أعقبه مناقشة ، أكد فيها الحضور أن مصر دائما ستفتح يديها لكل الأخوة ، و أن العنصرية موجودة بالفعل و لا يمكن إنكارها ، و العنصرى هو ليس عنصرى فقط مع المختلف بل أيضا مع أهل بلده . و قال أبطال العرض أن عدد اللاجئين وصل حتى الآن إلى 130 ألف سورى بمصر ، و 45 ألف أفريقى منهم 22 ألف من السودان ، و قالو أن أبرز أسباب اللجوء هو الهرب من الاضطهاد العرقى و السياسى و الدينى ، و ليس كل اللاجئين يدخلون البلاد بطرقة شرعية بل أصبح هناك سماسرة و عصابات تستغل ظروف هؤلاء الأشخاص و تهربهم بشكل غير شرعى . وقال أحد الحضور و هو من " عين شمس " أن ذوى البشرة السمراء عند بداية قدومهم للعيش فى عين شمس كانوا يتعرضون ل " حفلات ضرب " و الآن بعد أن زاد عددهم و أصبحوا قوتين لم يعد يحدث ذلك . و فى حديث الكاتب " خالد الخميسى " صاحب الكتاب الذى حقق نجاح نقدى و جماهيرى كبير " تاكسى " و رواية " سفينة نوح " ، و صاحب مؤسسة " دوم " الثقافية ، ألقى الكاتب قصة للقاص " يحيى الطاهر عبد الله " الذى يعده من ألمع من كتب القصة ، و فى قصته " الغجرى " استطاع أن يصل إلى قلب القضية بفقرة " الأرض تثقل بخيراتها ، و لكن المشكلة أن هذة الخيرات يحرسها أشخاص يدعوا أنهم ملاكها " . و تابع الخميسى أن الطاهر عبد الله لطالما جسد فكرة العدالة الاجتماعية فى أعماله ، و هى تظهر جالية أيضا فى " شكاوى الفلاح الفصيح " للشاعر بهاء جاهين . عن مطلب العدالة الاجتماعية قال الخميسى انه صعب التحقيق ، لأن من يملكون السلطة لا يريدون التخلى عن ما يدعون أنه ملكهم ، و ليحافظوا على نفوذهم يوطدون علاقتهم بأصحاب المال ، و الشعب هو المنسى . و أكد الخميسى ان مطلب الحد الأدنى و الأقصى للأجور و النقابات العمالية هو أقل ما يمكن تحقيقه فى قضية العدالة الاجتماعية ، التى تحتاج فى البدء أن يحافظ المرء على " انسانيته " فى مجتمع طبقى شديد القسوة ، أصبح فيه كل مجموعة من الناس جزر منعزلة عن بعضها . ليكن اول مطلب أن يمد كل فرد جسر إلى الجرز الأخرى و التعرف عليهم خارج المنظومة الطبقية ، فمن واقع خبرة الخميسى ككاتب و سفره لمختلف المحافظات و زيارته للمناطق الشعبية و العشوائية ، علم أن هذا لن يكون سهلا فقد لا يرحبون بك و ينظرون إليك على أنك شخص غريب و أجنبى . كما أن اللغة التى يستعملها المرء تعكس شريحته الاجتماعية ، و ختم الخميسى حديثه مؤكدا أننا فى البدء يجب أن نكون " بنى آدمين " قبل أن ندخل فى المطالب الاقتصادية ، و أن نكسر العزلة و نمد الجسور بين الطبقات ، و أن نحب و نتقبل كافة مستويات اللغة فى المجتمع المصرى . و ضمن فعاليات الافتتاحية تم افتتاح معرض الكاريكتير و معرض الرسم على التى شيرتات ، و الذين لاقوا إقبالا كبيرا ، و المعرضان نتاج ورش عمل فى التحرير لاونج للتعبير عن فكرة العدالة الاجتماعية بالرسم . و كان الختام مع فرقة " شوارعنا " و هى فرقة موسيقية من شباب الإسكندرية ، فرقة شوارعنا كما يشيرالاسم تعتمد في عملها بشكل كامل علي مراقبة ما يحدث حولها في الشارع المصري والعربي و الدولي أيضاً وتنقية هذه الأحداث و التطورات وكذلك المواقف الفردية والجماعية التي تاتي كردود أفعال لهذه الأحداث وتختار منها نقاط الانطلاق لتبني عليها أعمالها الغنائية محاولة بذلك أن تعكس بطريقة خفيفة و ساخرة أثر ذلك علي الشباب بوجه خاص وعلي كل الفئات بوجه عام . يذكر أن مشروع التحرير لاونج يهدف إلى بناء مجتمع واعى و متسامح قادر على التغيير ، و اتخاذ القرارات المصيرية بإستخدام المعرفة و التفكير ، لكى يستطيع توظيف الطاقات الايجابية و الأفكار المبتكرة على الصعيد السياسى و الإجتماعى . ويعود الاحتفال بيوم العدالة الاجتماعيى إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة والستين المنعقدة في نوفمبر 2007 بالاحتفال في 20 فبراير من كل عام باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية. و احتفل التحرير لاونج بهذا اليوم تأكيدا منه على أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية لتحقيق مبدأ التعايش السلمى و العدل و الازدهار ، و نشر الوعى بالعدالة الاجتماعية ، و إتاحة الفرصة للمشاركين للتعبير عن آرائهم و مفهومهم الخاص عنها .