في اليوم الحادى عشر من فعاليات المهرجان الختامي لفرق مسرح الأقاليم في دورته التاسعة والثلاثين الذى تقيمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، تم تقديم العرض المسرحي "حكايات النهر" تأليف إسلام فرغلى، إخراج حمدى طلبة، لفرقة قصر ثقافة بنى مزار على مسرح ساحة منف. استلهم المخرج روح أسطورة "باتو وأنوبو" وهى قصة فرعونية، قد تغيرت الأسماء والأمكان بفضل الدراما تورج الذى يجسد لنا الأخوين عطية الشرير وعطا الطيب والفتاة الجميلة محروسة التى تغزل الشيلان وتملئها بالعطر الفواح الذى يأثر من يشمه، فكل من شم رائحة عطرها بحث عنها ورغب فيها، بينما هى تطلب مهر غالى، وتكون هى طرف النزاع بين أخوين أحبوا بعضهما بعض حباً جماً، حتى دب الشر بينهما بسببها، والتى تزوجها عطية الشيخ الشرير الذى يخدع الشعب بسلطته الدينية ويتملق الملك ليصل إلى مكانة إجتماعية هامة، بينما يحب عطا محروسة دون أى أغراض. وحين يعرف الشيخ عطية بأمر حبهما يذهب عقله ويشتعل غضبه، فيذهب خلفه ليقتله، بينما يحول النهر وتماسيحه بينهما، ويمضى لأن يعيش فى جزيرة أخرى يخبأ قلبه فى أوراق ويعلقه فوق شجره، حيث تقيم معه زوجته مارينا الفتاة التى أنقذته من النهر وطيبت جروحه، ولكن جمال محروسة الساحر قد وصل إلى الملك فأمر بخطفها ولكن عطا حارب لإنقاذها، فما أن سمع الملك أن عطا قتل جنوده، إلا وأن أسرع مع الشيخ عطية لتدبير مكيدة لقتله، وما أن علمت محروسة بالأمر حتى أسرعت تبحث عنه ولكن فات الأوان ومات عطا بين يدى أخيه وزوجته، وعند موته يلقى بقلبه بين كفى محروسة، فتمسكه هى وتقول هذا أغلى مهر قدم لى. فقد تم أختزال الأسطورة وتطويعها بحيث تبعد عن أصل الأسطورة لتقص واقع مصر، كما مزج المخرج بين الحضارة الفرعونية والقبطية والإسلامية، وجعل من محروسة رمز لمصر، ومن عطية رمز العدو الشرير الذى يريد السيطرة عليها بالقوة، وعطا البطل القومى المكلف لخلاصها، والواضح أن المخرج قد أهتم بالمزج بين التراث الشعبى والواقع ليعيد قراءة الواقع من منظور يتعلق بمسألة البحث عن الهوية، حيث يجعل من عطا وهو رمز الخير باحثاً عن الذات والوطن، عن الحب والحرية، وهو تجسيد حى لقول أن المواطن المصرى يشعر بالغربة فى وطنة وشوقه هو أن يرد إلى وطنه وأن يجد السلام فى حب المحروسة (مصر).