«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الكتاب ما زال خير جليس في الزمان الفلسطيني؟
نشر في محيط يوم 04 - 06 - 2007

هل الكتاب ما زال خير جليس في الزمان الفلسطيني؟
54.1% من الفلسطينيين يمارسون القراءة والمطالعة
السلطات الصهيونية تمنع استيراد الكتب اللبنانية أو السورية تحديداً
فلسطين - حازم بعلوشة :
(اقرأ) كانت أول كلمة نزلت علي الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، ومن هنا يتبين أن للقراءة والمطالعة أهمية كبيرة في حياة الفرد، وقد سئل فولتير مرة: عن من سيقود الجنس البشري؟ فقال: الذين يعرفون القراءة.
فالقراءة هي مفتاح العلم كما أنّ القراءة هي أساس التربية والتعليم، حيث أظهرت الدراسات أن حوالي 70% من المعلومات التي يتعلمها الإنسان، ترد إليه عن طريق القراءة أما الباقي، فيتعلمه بالبحث والسؤال والتأمل، والاستماع، والربط، والاستنتاج، واستنباط المعرفة والتجربة، وغير ذلك من المواقف الحياتية المختلفة.
والمقصود بالمطالعة الحرّة، قراءة الكتب والموضوعات التي يختارها القارئ بنفسه، من غير أن يجبره أحد علي قراءتها، وهذا النوع من القراءة، هو أكثر القراءات متعة، وقد يكون أكثرها فائدة، فالقارئ عادةً، يستبقي في ذهنه ولمدّة أطول، ما يستمتع به أكثر.
إنّ الدعوة إلي طلب العلم من المهد إلي اللحد، إنما يُقصدُ بها التثقيف، والتعلم الذاتي الشامل والدائم، الذي يستمرّ مع الفرد طيلة حياته، كما يتيح الاطلاع علي المعارف العامة المتنوعة لأيّ شعبٍ من الشعوب، وفي أيّ عصر من العصور. وبخاصة في هذا العصر الذي يزخرُ بالحركات العلمية والفنية، ونتاج العلماء والمفكرين.
هذه الثروة الفكرية الهائلة، هي التي تساعدُ علي تكوين الشخصية الناضجة، وخلق المواطنين الأكفاء، ذوي المستوي الراقي في الوعي، والتفاعل النشط مع العالم الذي يعيشون في رحابه.
والقراءةُ إلي جانب ذلك، تزوّدُ الفرد بالمتعة والتسلية، كما أنها تثري الحصيلة اللغوية للقراء، وتنمّي، بالتالي، قدرتهم علي التعبير بأسلوب جيدّ، كما أن ممارسة القراءة الحرة يومياً، تُربي في القارئ عادة الإقبال علي القراءة بشغف، فتصبح هواية محّببة، يلجأ ُإليها كلما سنحت الفرصة.
والمواظبة علي القراءة، تنمي القدرة علي الفهم السريع، كما تجعلُ القارئ قادراً علي التحليل، والنقد، واتخاذ موقفٍ مما يقرأ في ضوء الخبرات التي اكتسبها من قراءاته السابقة، أي أنّ للقراءة تأثير كبير علي مدي فهم القارئ لما يتبعها من قراءات، ولذلك قيل بقدر ما تُعطي الكتاب، فالكتاب يعطيك".
القراءة فلسطينياً
وفي خضم تحديات قائمة، نتساءل عن وضع الكتاب في ظل تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في فلسطين، وإلي أين يتجه القارئ الفلسطيني، وما نسبة إقبال الناس علي شراء أو استعارة الكتب؟.
وتشير الإحصاءات الرسمية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في ملخص لأهم مؤشرات نتائج المسح والتي تبين السمات الأساسية للواقع الثقافي لدي الأسر الفلسطينية والأفراد الذين تزيد أعمارهم علي 9 سنوات، أن 22.9% من الأسر في الضفة الغربية وقطاع غزة يتوفر لديها مكتبة بيتيه، وتفاوتت هذه النسبة بشكل طفيف بين المنطقتين، فبلغت نسبة الأسر التي يتوفر لديها مكتبة بيتيه في الضفة الغربية 22.1%، أما في قطاع غزة فبلغت 24.9%.
وبينت نتائج المسح أيضا أن 25.1% من الأسر في المدن يتوفر لديها مكتبة بيتية و 18.8% في القري و 31.8% في المخيمات.
وأوضحت أن 54.9% من الأفراد الذين أعمارهم 9 سنوات وأكثر في المجتمع الفلسطيني يمارسون عادة القراءة وكانت النسبة متقاربة في الضفة الغربية وقطاع غزة، فقد بلغت نسبة الذين يمارسون القراءة في الضفة الغربية 54.1% وفي قطاع غزة 56.6%.
وعند مقارنة معدلات ممارسة القراءة بين الأفراد الذين أعمارهم 9 سنوات وأكثر حسب مكان الإقامة، فقد بينت نتائج المسح أنه لا يوجد اختلاف كبير بين نسبة الذين يمارسون القراءة حسب مكان الإقامة، فبلغت 56.3% بين الأفراد القاطنين في المدن و 53.0% بين القاطنين في القري و 57.9% بين القاطنين في المخيمات.
أما من حيث الاختلاف بين الذكور والإناث في ممارسة عادة القراءة، فقد أظهرت النتائج أن الذكور يمارسون القراءة أكثر من الإناث، حيث بلغت نسبة الذكور الذين يمارسون القراءة 58.2%، وبلغت بين الإناث 51.5%.
وتشير المعطيات الاحصائية أن 30.9% من الأفراد الذين أعمارهم 9 سنوات وأكثر في المجتمع الفلسطيني يطالعون الصحف، علما بأن هناك اختلافاً ملحوظاً في هذه النسبة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ففي حين بلغت نسبة الذين يطالعون الصحف في الضفة الغربية 36.2% فقد بلغت 20.3% في قطاع غزة.
وتشير نتائج المسح أيضا إلي أن 33.9% من القاطنين في المدن يطالعون الصحف و 30.7% من القاطنين في القري يقومون بذلك، بينما تبلغ نسبة الذين يطالعون الصحف من الأفراد القاطنين في المخيمات 25.6%.
وبينت الدراسة أيضا أن الذكور يطالعون الصحف أكثر من الإناث، فقد بلغت نسبة الذكور الذين يطالعون الصحف 36.1%، أما نسبة الإناث اللواتي يقمن بذلك فقد بلغت 25.4%.
هذا ما بينته الإحصاءات أما الواقع فربما يكون مغايرا لتلك النتائج بأقل أو أكثر، وتتغير تلك النسب بحسب الظروف الراهنة للشعب الفلسطيني، فقبل الحصار والأوضاع الاقتصادية والأمنية السيئة التي تمر بالمنطقة كان الإقبال علي اقتناء الكتب أو حتي استعارتها من المكاتب العامة كبيرا بحسب المصادر الرسمية.
اصطحبني عادل النتشة مدير مكتبة بلدية الخليل في جولة في أرجاء المكتبة الضخمة والتي تضم رفوفا تصل إلي السقف تحتضن بين ثناياها الكتب كما تحتضن الأم الحنون ابنها، والمكتبة مقسمة إلي عدة أقسام، وخلال مرورك بين تلك الأقسام والرفوف تكاد تشتم رائحة الورق والحبر المنبعث من كل زاوية، ليحكي كل كتاب قصة.
مكتبة بلدية الخليل هي مكتبة عامة في المدينة تحتوي علي أكثر من 50000 كتاب في كافة التخصصات والمواضيع، من تاريخ وسياسة وأدب وقصص وكتب علمية والكثير الكثير بالإضافة إلي 40000 منتج دوري ما بين مجلة وجريدة.
ويقول النتشة أن الوضع الآن مرض نوعا ما، لكنه ما زال بعيدا عن الطبيعي، حيث أن الإقبال علي المكتبة مرتبط بالدرجة الأولي بالوضع السياسي العام للمنطقة فقد كان يرتاد المكتبة ما قبل انطلاق الانتفاضة الأخيرة ما يقارب الألف شخص بشكل يومي ولم يقتصر الأمر علي الطلبة الجامعيين أو طلاب المدارس فقط بل كانوا أناسا عاديين من محبي القراءة والمطالعة أما الآن فلا يتجاوز العدد 500 زائر في أحسن الظروف ، ويرتبط الإقبال بعد ذلك بواقع الحركة التعليمية سواء الجامعي أو المدرسي بمعني أن الطلاب يأتون إلي المكتبة لاستقاء ما يحتاجون من معلومات ومراجع، ويقول النتشة بأن ازدياد عدد الجامعات في المدينة أدي إلي ازدياد المرتادين علي المكتبة بسبب عدم وجود مكتبة كبيرة تابعة للجامعة، كما يوجد ما يقارب 800 طالب يدرسون دراسات عليا يرتادون المكتبة بشكل دوري، والأمر لا يقتصر علي طالبي العلم فقط بل أن هناك عدداً كبيراً من زائري المكتبة من الأناس العاديين المحبين للمطالعة إلا أن عددهم قل عما سبق، معبرا عن تفاؤله بان استقرار الوضع الأمني في الوقت الحاضر يساعد علي زيادة مرتادي المكتبات.
الانترنت والفضائيات اجهضتا القراءة والمطالعة
وعن أسباب تراجع الإقبال علي اقتناء الكتب أو مطالعتها يري النتشة بأن جيل الشباب أصبح أقل اهتماماً بالكتاب، بسبب العديد من المستجدات علي الحياة الاجتماعية كالإنترنت والألعاب الإلكترونية والفضائيات، مشيرا إلي أن هذا الجيل أصبح يبحث عن الطريقة الأسرع في الحصول علي المعلومة، واصفا هذا العصر بأنه (عصر الغوغل).
وأضاف أنه مع كل الخيارات أمام الجيل الحالي، فقد أصبحت وسائل التكنولوجيا تملأ فراغ جيل كامل، حتي أصبحوا يعطون هذه الأجهزة وقتا أطول من كتبهم الدراسية. نصل إلي أن المجتمع الفلسطيني قد تجاهل الكتب والروايات الثقافية بداية كونه جزءا من العالم وصار يعتمد حالياً علي التكنولوجيا.
وكذلك انشغال الشعب الفلسطيني في المشاكل والصعوبات الداخلية، السياسية، الاقتصادية والاجتماعية قد ساعد علي إبعاده عن الثقافة العامة، فلا نستطيع فصل التقدم التكنولوجي عن الوضع الاقتصادي والسياسي في فلسطين، كما أن "جدار الفصل العنصري"، والإغلاق التام والمستمر الذي عزل الضفة وغزة عن العالم لم يبعدهما ويعزلهما عن الحالة الثقافية العربية فقط، بل انه أدي وسيؤدي إلي دمار وتدهور في الحالة الاقتصادية، مؤكدا في الوقت نفسه علي أن الأشخاص الذين يستقون معلوماتهم عن طريق الانترنت لا تكون موثقة بل هي معلومات عامة يمكن الحصول عليها عن طريق أي موقع الكتروني، بينما المعلومة المستقاة من الكتاب تكون موثقة بمرجع وأكيدة وصحيحة.
ويعتقد مدير مكتبة الخليل بأن الكتاب والقارئ الفلسطيني يقفان علي مفترق طرق، فالقارئ الفلسطيني وإن كان "نهماً" لتلقي الجديد، إلا أن الأوضاع الاقتصادية التي يرزح تحت ثقلها جعلت من المتعذر عليه تأمين قوت يومه، فما بالنا بكتابْ يسد أوار جوعه للحقيقة. حتي الصحيفة اليومية" سجلت معدلات توزيع أدني في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، فما بال الكتاب كذلك؟، ويضيف أن اتجاهات الناس للشراء تتجه نحو الكتاب "الديني" أو "طبابة الأعشاب" أو "كتب الغيبيات" والسحر، والطبخ، ومجلات التجميل، فهي الأكثر رواجاً وانتشاراً، وبذلك يسجل الكتاب الأدبي والثقافي تراجعاً ملحوظاً.
وعن أكثر الكتب التي يقبل القارئ الفلسطيني علي مطالعتها، الكتب الأدبية والتربوية تأتي بالدرجة الأولي ويليها التاريخية والسياسية والدينية ، كما لوحظ مؤخرا توجه العديد من مرتادي المكتبة إلي استعارة القصص الأدبية المترجمة مثل الأرجنتينية والبرازيلية والمكسيكية بشكل كبير بسبب محاكاة تلك القصص واقع الحياة التي يعيشها الشعب الفلسطيني بحسب النتشة.
أما عن مصادر المكتبة من الكتب فيقول النتشة بأن معظم الكتب الموجودة في المكتبة يتم شراؤها عن طريق معارض الكتب التي تقام في فلسطين أو في الوطن العربي وخصوصا معرض القاهرة الدولي للكتاب ومعرض رام الله الدولي للكتاب، بالإضافة إلي تعاقدهم مع دور نشر محلية لشراء ما تنتجه من كتب محلية لمؤلفين فلسطينيين.
دعوة ثقافية
ودعا النتشة جميع المؤسسات الثقافية والمكتبات العامة والخاصة لعمل ما يلزم من جهود لإعادة أحياء عملية القراءة والمطالعة، محملا وزارة الثقافة العبء الأكبر لعمل برامج توعية وتشجيعية تؤكد علي أهمية المطالعة واقتناء أكبر عدد من الكتب ليس لتزيين المكتبة البيتية بها فقط بل من اجل تزيين العقول الفلسطينية التي كانت ولا زالت مشهورة بثقافتها العامة وحبها للثقافة ونهمها للمعرفة والعلم وان ذلك لا يتم إلا من خلال عمل ندوات ومحاضرات ومعارض للكتب لتعريف المواطن الفلسطيني بأهمية القراءة والمطالعة.
ولدي الانتهاء من اللقاء، انتقلت بين زوايا المكتبة لأري عدد المرتادين فلم أجد الكثير، وأثار اهتمامي شخص في قسم الأدب وبالتحديد في قسم الأدب القصصي اخذ بين يديه أكثر من عشر قصص وسألته: هل ستقرؤها كلها؟ هل لديك وقت لقراءتها؟ فأجابني: بأنه يعشق القراءة منذ نعومة أظفاره، ساعدته علي وضع الكتب علي الطاولة المجاورة وجلسنا نتحدث، يخبرني محمد قفيشة ( 30 عاما) وهو مهندس مدني بأنه حزين لتراجع الناس عن المطالعة وقراءة الكتب.
ويضيف: كنت أحضر بشكل يومي إلي المكتبة خلال العشر سنوات السابقة وأحيانا لم أكن أجد موطئ قدم لي فيها بسبب كثرة المرتادين عليها أما اليوم فأنك تشعر بوحشة هنا بسبب قلة الزائرين حتي يهيأ لك أحيانا بأنك الوحيد فيها، ويعزو محمد السبب إلي الأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطن الفلسطيني اليوم من أوضاع أمنية وسياسية واقتصادية مشددا علي أن الوضع الاقتصادي من أهم تلك الأسباب، قائلاً بأن المواطن الفلسطيني يحسب ألف حساب قبل أن يقدم علي شراء كتاب ليشتري شيئا يستفيد به بدلا من كتاب يضعه علي رف المكتبة في البيت ربما لا يجد الوقت الكافي لقراءته، كما أن لانتشار الفضائيات و مراكز الانترنت دوراً كبيراً في إضعاف مسيرة القراءة والمطالعة حيث أن المرتادين إلي تلك المراكز يعتبر أضعاف المرتادين علي المكتبات نظرا لأن المعلومة التي تؤخذ عن طريق الانترنت توفر الوقت والجهد علي الباحث عنها رغم عدم توثيقها أو الثقة في صحتها.
سامح دنديس صاحب مكتبة دنديس يوافق كلا من عادل النتشة ومحمد قفيشة الرأي بأن هنالك أزمة ثقافية حقيقية موجودة في المجتمع الفلسطيني تتجلي في تراجع عدد الكتب التي يتم شراؤها أو حتي نشرها، حيث يري أن هنالك تحولا ثقافياً سببه تحول التعاطي مع الكتاب علي أنه مشروع تجاري، فدور النشر أصبحت تري أن طباعة ونشر كتاب جديد هي مغامرة محكوم عليها بالفشل مسبقاً بسبب الأحوال الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتردية، كما أن التركيز مؤخراً من قبل دور الطباعة والنشر بدأ ينصب علي الكتب المدرسية والجامعية والكتب المساعدة لهما، أما بالنسبة للكتاب الثقافي أو السياسي أو الكتب العامة، فهناك أزمة حقيقية في القدرة علي توفير مثل هذا النوع من الكتب سواء في التأليف المحلي أو استيراده من الخارج حيث يوضح بان السلطات الإسرائيلية تمنع استيراد أي من الكتب اللبنانية أو السورية علي وجه الخصوص وهو ما يؤثر علي عملهم، موضحا بأنهم وكلاء لأكثر من 25 دار نشر في الوطن العربي وموزع رئيسي في داخل فلسطين لجميع المكتبات حيث يتم توزيع ما يقارب 22000 كتاب لجميع المكتبات وان هذا الرقم كان اكبر بكثير في السابق موضحا بأن الجيل الجديد وتحديداً منذ التسعينات يعاني عزوفاً غير عادي عن القراءة بطريقة أصبحت بالفعل تهدد الثقافة العربية، ولعل ذلك عائد لعدة أسباب ربما أحدها وليس أهمها ارتفاع ثمن هذه الكتب وندرة توفرها.
مشيرا في النهاية إلي أن موضوع الإنترنت والكتاب الإلكتروني لا يغني عن الكتاب المطبوع، بل هو عامل مساعد علي انتشاره، خاصة لما يتمتع به الكتاب المطبوع من مزايا لا تتوفر في الكتاب الإلكتروني.
في النهاية، فإن المواطن الفلسطيني في الغالب أصبح لا يقرأ إلا إن اضطر، بمعني أنه يبحث عن الكتاب لغرض دعم اختصاصه , فالتربوي يبحث عن كتب التربية , والمهندس عن كتب الهندسة , وكذا الطبيب والمفكر العلمي , ولم يعد مصطلح المطالعة من أجل المعرفة الموسوعية أو المتعة وتثقيف العقل بالأمر الجوهري , ربما تكون الأسباب التي ساقها هؤلاء في هذا التحقيق جرس إنذار يلفت الانتباه إلي أن الكتاب لم يعد خير جليس في هذا الزمان .
** منشور بجريدة "الراية" القطرية - الاثنين 4-6-2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.