يصدر قريباً عن الدار العربية للعلوم ناشرون ومنشورات الاختلاف مجموعة شعرية جديدة لزاهي وهبي بعنوان "يعرفك مايكل أنجلو"، حسبما أوردت صحيفة "المستقبل" اللبنانية. من أجواء المجموعة نقرأ: [دُمية روسية بماذا تفكرين الآن بالجنين المبتسم لموسيقى موزار بالربيع المرتعش على صدركِ. أيخطر لكِ تشذيب الظلام تصويب النسيم بين يديه تقبّلين أنامله السعيدة تتحسسين بطنك قائلة: أنظر كم يشبهك هذا أنفكَ على وجهه هذا نهركَ في أوردتي هذا حرثك وبذرتك الطيبة. طيبة القلب كلانا يشبهك كلانا تحت سماء يديك لولاك كيف له النبض الأكيد كيف له الابتسامة الطرية لولاك لما كنا معاً مثل دمية روسية: قلبه في قلبكِ [الغروب العصبي ما الذي يفعله النهار في الليل أينام من تعب أيصيبه أرقٌ على سرير الوقت؟ مستلقياً على الغروب العصبي يفكّر بعذابات الناس بأوجاع التراب. أيندم لطلوعه كل يوم موبّخاً ديكة الأرض مصادِراً الصيحات حابساً شهقة الفجر في حنجرة الظلام. أيفكّر بانعكاس شمسه على بيوت التنك سطوحها لامعة كابتسامة رضيع خلف أبوابها أوجاع تفطر الأحلام عند المداخل مساكب نعناع وأمل، عبارة "هذا من فضل ربّي". أيعلم أن عضة الفاقة لا تسبب قروحاً لكن أنيابها تنغرز في أحشاء الروح لا إبرة الصبر تداويها ولا شقائق الألم أيتها الأشعة الأليفة ألاّ تجفّفين قليلاً أبخرة الهوان. أيوثق المناقير بالأسئلة علامات الاستفهام مشانق اليقين علام رحيل الأحبة علام خشونة الرغيف لماذا الحروب لماذا الطغاة. مرتجفاً تحت غطاء النعاس تراوده فكرة اغتصاب الهزيع ينهره القمر تنهره النجمات. يغطي رأسه بطرف الفجر متمنياً انقطاع الخيط الأبيض انقطاع نسل الشمس متوسلاً العتمة الساهرة أن تبقى قليلاً. بشهوة نوم مؤبد يحلم باعتقال الضوء باغتيال الصباح. على خده دمعة حيرة أين يذهب في هذا الليل المتفوق عليه بالمنامات أين المفرّ أين المبيت لا أصدقاء للتعاسة لا متسع للنحيب لا رغبة في العودة "الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا"(*). (مقاطع) [أهل التُراب تُراباً نمشي على تراب حفاة نمشي على تراب عُراة نمشي على تراب حيناً نُحاذر دوس تراب كنّاه حيناً نرتدي تراباً كنّاه. تراباً نعانق التراب نعفّر وجوهنا بأثر الأحبة نهمس في أذن الريح: "أمسِ كانوا هنا أصواتهم فالتةٌ في البراري تلمعُ في الساحات زيّنوا سطوحهم بالحنطة/ بالعصافير التي قاسمتهم مؤونة الشتاء لمّا جرف السيل مواسمهم أقاموا سداً من صلوات رفعوا رؤوسهم الى أعلى حينها الله، جميلاً أطلق في حقولهم شمساً وطيوراً كثيرة"(**) بسكك انتظارهم نحرث الوقت، نزرع الأرض نسقيها أرواحنا هينةً لتنبت أحفاداً على اسم من رحلوا. نغرس الورد في التراب نقطفه باقات لتراب الأحبة من التراب وإليه كأن حنيناً ينادينا الى ما كنّاه. كأن شوقاً يستدعينا الى ما قبل الصُلب والترائب نحرث الأرض لنرث الأرض الأرض فينا ونحن في الأرض كلانا واحد كلانا تراب تراب ساكت وتراب ناطق لكن من الذي ينطق بالحق؟ يشتاقُ التراب الى ترابه ينادي أهله دائماً ثمة من يلبي دائماً نشتاق إليه/ إليهم لا مفر من تلبية النداء لا مفر من العودة.