نظم نحو ألف فلسطيني ولبناني مسيرة في بيروت بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين للمجازر التي وقعت عام 1982 في مخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطينيين. ورفع المشاركون صورا للضحايا الذين قضوا في المجزرة التي اتهمت بارتكابها مليشيات مسيحية لبنانية بتواطؤ مع الجيش الإسرائيلي الذي احتل بيروت في إطار اجتياحه للبنان. كما حملت مجموعة من الناشطين الإيطاليين المقيمين في لبنان لافتة كبيرة كتب عليها بالإيطالية "كي لا ننسى صبرا وشاتيلا". وشارك في المسيرة - حسبما ذكرت الوكالة "الفرنسية" للأنباء - عباس زكي ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان وعدد من الوزراء اللبنانيين السابقين إلى جانب نواب ورؤساء أحزاب من بينهم حزب الله. وأطلق المشاركون ألف بالون ارتفعت في الهواء بألوانها الحمراء والخضراء والبيضاء وهي ألوان العلمين الفلسطيني واللبناني. كما وزعت مؤسسة صبرا وشاتيلا مئات من الحواسيب المحمولة على أطفال المخيمين الذين يعيشون في ظروف اجتماعية واقتصادية بالغة الصعوبة. يشار إلى أن رجال المليشيات بدئوا عمليات قتل استمرت ثلاثة أيام في صبرا وشاتيلا بعد أن سمح لهم الإسرائيليون الذين كانوا يحتلون القطاع الغربي من العاصمة اللبنانية بالدخول إلى المنطقة. واعتبرت لجنة تحقيق حكومية إسرائيلية برئاسة رئيس المحكمة العليا آنذاك إسحق كاهان -في تقرير نشر في 8 فبراير1983، أرييل شارون وزير الدفاع إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان صيف 1982- مسئولا بصفة شخصية لأنه لم يتوقع حدوث المجزرتين ولم يعمل على منعهما. وهذه اللجنة تم تشكيلها نظرا لأن المذبحة هزت الرأي العام والنظام السياسي في إسرائيل، عندما بلغ الجمهور الإسرائيلي أنها حدثت في منطقة خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي. كما أنها عززت الشعور بأن الجيش الإسرائيلي قد تورط في حرب زائدة. في الأيام القليلة بعد الأحداث نفت الحكومة الإسرائيلية أية علاقة للجيش الإسرائيلي بالمذبحة، ولكن في 25 سبتمبر 1982 احتشد مئات الآلاف من المتظاهرين في ساحة "ملخيه يسرائيل" وسط تل أبيب مطالبين بتعيين لجنة تحقيق خاصة للبحث في الأمر. الخامس عشر من سبتمبر 1982 إجتاحت القوات الإسرائيلية العاصمة اللبنانية بيروت في أول محاولة لها لدخول عاصمة عربية وذلك منذ إنشاء الدولة العبرية سنة 1948. ودخل الجيش الإسرائيلي بيروتالغربية بعدما رفعت المتاريس وأزيلت الألغام وبعد مضي 14 يوماً على رحيل المقاتلين الفلسطينيين عن بيروت وانقضاء يومين على انسحاب القوات المتعددة الجنسيات من لبنان التي انسحبت قبل انتهاء مدتها بأسبوع. ومنذ اليوم الأول لدخولها العاصمة أحكمت القوات الغازية الطوق على مخيمي صبرا وشاتيلا ومنعت الدخول إليهما والخروج منهما ولم تسمح حتى للصحفيين المحليين ومراسلي الصحافة العالمية بدخول المخيمات وذلك لمدة ثلاثة أيام وهي المدة التي نفذت فيها المذابح الجماعية داخل المخيمين وسط تعتيم شامل. وفي الثامن عشر من سبتمبر فكت القوات الإسرائيلية الطوق عن المخيمين ليكشف عن مذبحة تقشعر لها الأبدان، وذهب ضحيتها ما يزيد على ثلاثة آلاف و خمسمئة شهيد من المدنيين. ومن رائعة الشاعر الراحل محمود درويش "مديح الظل العالي" التي تتحدث عن مجزرة صابرا وشاتيلا نقرأ: صبرا – فتاة نائمة رحل الرجال إلى الرحيل والحرب نامت ليلتين صغيرتين، وقدمت بيروت طاعتها وصارت عاصمة ليل طويل يرصد الأحلام في صبرا، وصبرا نائمة. صبرا- بقايا الكف في جسد قتيل ودّعت فرسانها وزمانها واستسلمت للنوم من تعب، ومن عرب رموها خلفهم. صبرا- وما ينسى الجنود الراحلون من الجليل لا تشتري وتبيع إلا صمتها من أجل ورد للضفيرة. صبرا- تغني نصفها المفقود بين البحر والحرب الأخيرة: لمَ ترحلونَ وتتركون نساءكم في بطن ليلٍ من حديد؟ لمَ ترحلونْ وتعلّقون مساءكم فوق المخيم والنشيد؟ صبرا- تغطي صدرها العاري بأغنية الوداع وتعد كفيها وتخطئ حين لا تجد الذراع: كم مرة ستسافرونْ والى متى ستسافرونْ ولأي حلم؟ وإذا رجعتم ذات يومْ فلأي منفى ترجعون، لأي منفى ترجعون؟ صبرا- تمزق صدرها المكشوف: كم مرةْ تتفتح الزهرةْ كم مرةْ ستسافر الثورة؟ صبرا- تخاف الليل. تسنده لركبتها تغطيه بكحل عيونها. تبكي لتلهيه: رحلوا وما قالوا شيئا عن العودة ذبلوا وما مالوا عن جمرة الوردة! عادوا وما عادوا لبداية الرحلة والعمر أولاد هربوا من القبلة. لا، ليس لي منفى لأقول: لي وطن