بيروت: "الحالمون وحدهم يصنعون التاريخ. قد يكون الناس لا يفقهون أهمية هذا الحلم، ولكنهم سيدركون لاحقاً أنهم شعب عريق ومنتج وخلاق، وهو ما يجب أن يدفعهم إلى تجاوز انقساماتهم وخلافاتهم وحساسياتهم". هذا هو رأي اللبناني فادي معلوف المغرم بالتاريخ وصانع أكبر سفينة فينيقية تستعد للإبحار من مكان ما من الشاطئ اللبناني لتحمل رسالة إلى أوروبا أولاً ومن ثم إلى العالم حاملة معها شخصية "احيرام" ملك صور القديمة، "الأميرة اليسار" و"قدموس" واضع الابجدية التي نقلتها ابنته "اوروب" إلى أوروبا وسائر الشخصيات ذات الملابس التراثية. وعن بداية هذا الحلم وكيفية تحقيقه يقول فادي معلوف كما نقلت عنه صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية: "ولدت لديَّ فكرة بناء سفينة فينيقية عام 2001 عندما كنت أتنزه في مركب شراعي في مياه المتوسط، فتذكرت الرجال الأوائل الذين كانوا أول من مخر العباب في مغامرة هي الأروع في التاريخ، فزرعت في ذهني فكرة تكرار التجربة الرائدة في التاريخ. وترسخت لديَّ هذه الفكرة وهذا الحلم عندما تبين لي، بعد عدة لقاءات في البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية، أن أربعة برلمانيين أوروبيين فقط من أصل 214، يعرفون أن الأبجدية وصلت إليهم من شواطئنا". ويضيف: "السفينة الحالية يبلغ كل من طولها وعلوها 25 متراً وعرضها 8 أمتار ووزنها 60 طناً، وتقدر تكلفتها الإجمالية بنحو 600 ألف دولار. ومن شأن هذه الكلفة العالية أن تؤمن ل"المسافرين" على متنها عيشاً متكاملاً يغنيهم عن نفقات الفندق والإقامة لأننا سنتزود بالمأكولات اللبنانية، وبطاقم حماية، وصليب أحمر". وتضم السفينة 10 غرف نوم، في كل غرفة منها سريران. وهي أكبر سفينة فينيقية الطابع في التاريخ المعاصر. تصنع حالياً في مدينة صور على أن تستكمل في مدينتي جبيل والبترون "شمال بيروت". وهي تنطلق في رحلتها الأولى التي ستدوم بين شهرين وثلاثة أشهر، إلى سبع دول أوروبية هي: قبرص، تركيا، اليونان، مالطا، ايطاليا، اسبانيا، وأخيراً فرنسا حيث ستكون مدينة مرسيليا آخر المطاف. ويكشف معلوف أن السفينة ستحمل 7 لوحات من صخر لبنان وترابه، وحفرت عليها أحرف الأبجدية وهي من تنفيذ النحات اللبناني شاهين رفول، وستسلم واحدة منها إلى كل من الدول السبع التي سترسو السفينة على شاطئها عبر وزير ثقافتها، علماً أن اللوحة تحمل أيضاً حامل رمح وحامل مجذاف، الأول كتعبير عن تجشم الصعاب وحماية الإرث والثقافة والثاني عن التواصل مع عالم ما خلف البحار. والغاية من هذه الرحلة، كما يقول معلوف، هي "التعريف بثقافتنا وتاريخنا". أما كيف يتم تمويل المشروع الذي يفوق قدرة الأفراد، فيقول معلوف وفقا لنفس المصدر: "لا شك في أن التمويل هو العقبة الأساسية، خصوصاً مع إصرارنا على أن يكون المشروع بكامله لبنانياً صرفاً. ولكن بالصبر والإيمان وحملات التوعية التي نقوم بها في مختلف المدن اللبنانية سنؤمن حاجات المشروع. وبإمكان كل فرد أن يساهم وفق قدرته.