التهدئة والمناكفة الداخلية حسام كنفاني مع دخول التهدئة الفلسطينية حيّز التنفيذ يبدو أنها ستواجه أكثر من عقبات من الداخل والخارج تعيق الوصول فيها إلى نهاية الاتفاق المتمثل بفك الحصار كاملاً على قطاع غزة وإعادة فتح المعابر. عقبات تبدأ من الخروقات “الإسرائيلية" المستمرة للاتفاق وتنتهي بالخروقات الداخلية، التي قد تكون الأخطر لما تؤشّر إليه من حال من التوتر خلقه رفض الإجماع على اتفاق التهدئة. الأيام الأولى للتهدئة كانت مبشرة، ولا سيما أن “حماس" سعت إلى تأمين ما يلزم من إجماع على الاتفاق. ولهذه الغاية كانت اجتماعات ماراثونية مع فصائل المقاومة الفاعلة في القطاع، بدءاً من حركة “الجهاد الإسلامي"، مروراً بلجان المقاومة الشعبية، وليس انتهاء بالجبهتين الشعبية والديمقراطية. واستطاعت في المرحلة الأولى من معالجة الخروقات الطفيفة أن تحافظ على شكل الاتفاق. إلا أن هذا لم يكن كافياً، فالمناكفات الداخلية عادت لتتجسّد على أرض قطاع غزة. سلاحها هذه المرة الصواريخ على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. مسببات إطلاق الصواريخ قد تكون في عنوانها العريض محقة: “رفض فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة". إلا أن هوية مطلقي الصواريخ تطرح شكوكاً حول الهدف الأساس من عمليات “الخرق للإجماع الوطني"، كما تسميها حركة “حماس". المسؤول عن “الخروقات" “كتائب شهداء الأقصى" التابعة لحركة “فتح". ورغم تضارب بيانات إعلان المسؤولية بين الأجنحة الكثيرة للكتائب، إلا أن الأمر لا يمكن إبعاده عن المناكفات الداخلية، التي عادت لتطفو على السطح بعد اتفاق التهدئة وغياب أفق الحوار الداخلي بعد دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للحوار، والمعارضة من جانب أجنحة داخل حركة “فتح". هذه الأجنحة رفعت صوتها في الآونة الأخيرة منتقدة اتفاق التهدئة على اعتبار أن “حماس" تحوّل إلى “مقاول أمن للاحتلال". هذا ما قاله السفير الفلسطيني في مصر، نبيل عمرو، وألمح إليه أيضاً أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه. إلا أن الالتزام الفصائلي التام بالتهدئة أعفى “حماس" من مهمة “حماية الأمن" إلى أن جاءت صواريخ “كتائب الأقصى". بيانات “حماس" بعد الصواريخ جاءت قاسية، وتحمل تهديداً مبطناً واتهامات مباشرة إلى سلطة رام الله بالمسؤولية عن الخروقات. إلى اليوم لم تلجأ الحركة إلى القوة، إلا أن الأمر لن يكون مستبعداً في حال تكرار عمليات الإطلاق والتهديد بإسقاط الاتفاق، حينها يستطيع نبيل عمرو تأكيد تسمية “مقاول أمن الاحتلال". عن صحيفة الخليج الاماراتية 29/6/2008