أوسلو في مواجهة الخيار الاردني حمادة فراعنة قدم الرئيس الراحل ياسر عرفات وفريق اتفاق اوسلو الشجعان، قدموا خدمة جليلة ليس فقط لشعبهم الفلسطيني، بل للاردنيين، بقبولهم وانخراطهم في مسار المفاوضات والتسوية، والتوصل الى اتفاق اوسلو التدريجي المتعدد المراحل، الذي اعاد الموضوع الفلسطيني والقضية الفلسطينية والعنصر الفلسطيني الى أصله وفصله وأرضه، ونقله من المنفى الى الوطن، من الخارج الى الداخل، من الشتات الى فلسطين، باعتبار فلسطين هي ارض الصراع وهي عنوانه وهدفه، بين الفلسطينيين والاسرائيليين. ياسر عرفات، عبر مغامرته في اوسلو مع محمود عباس واحمد قريع وياسر عبدربه وحزب الشعب، اعادوا العنوان الفلسطيني الى فلسطين باعتبارها وطنا لشعبهم، وان لا وطن لهم سواه، لا الأردن ولا سورية ولا لبنان ولا سويسرا ولا اميركا، بل هي فلسطين وطنهم ومصدر إلهامهم وحضنهم الدافئ، وبذلك قدموا خدمة للاردنيين في اعادة التأكيد ان وطن الاردنيين هو الاردن، كما ان وطن الفلسطينيين هو فلسطين، وبذلك قدموا خدمة للاردن وللاردنيين تفوق معاهدة وادي عربة الاردنية الاسرائيلية وأهم منها. ياسر عرفات، أبو القضية الفلسطينية، حقق ثلاثة اهداف لها وهي: أولاً؛ نجح في استرجاع الهوية الفلسطينية التي حاولوا تبديدها، بين هويات وبرامج وجنسيات. ثانياً؛ نجح في توحيد قوى الشعب الفلسطيني وسياسييه ومناضليه في اطار منظمة التحرير الفلسطينية، وتحصيل حق تمثيلها لشعبها، بعد ان تفرق الفلسطينيون وتمزقوا بين الشيوعية والقومية والاصولية، حيث ان هذه التيارات الفكرية السياسية، قبل ولادة منظمة التحرير وترسيخ برنامجها الوطني، كانت ترى ان الاشتراكية هي الطريق للعودة الى فلسطين وتحريرها، ويرى اصحاب التيار القومي ان الوحدة العربية هي الطريق للعودة والتحرير. بينما يرى اصحاب التيار الاصولي الإسلامي من حركة الاخوان المسلمين وحزب التحرير أن إصلاح الأمة وإقامة الخلافة الاسلامية هي الطريق الوحيد لاستعادة فلسطين وتحريرها والعودة اليها، وثبت عدم واقعية هذه التيارات واصطدامها بالواقع، وانها تصلح لحالة ضميرية مبدئية مطمئنة للنفس ولكنها لا تتوافق مع معطيات الواقع، وان طريق الحرية والعودة هو الهوية الفلسطينية نقيضة للاسرلة والصهينة والتهويد. هكذا قال ابو عمار ان طريق فلسطين يمر عبر الفلسطينيين المدعومين من قبل العرب والمسلمين والمسيحيين ومحبي السلام والعدل في العالم، وهكذا نجح ياسر عرفات في الهدف الثالث وهو قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية والعودة بها الى الوطن، وبناء سلطة وطنية فلسطينية محدودة السيادة والجغرافيا، ولكنها سلطة الشعب الفلسطيني، وعاد معه الى فلسطين اكثر من 320 الف فلسطيني من خيرة قيادات الشعب ومناضليه وفصائله المتعددة. نجح ياسر عرفات في تحقيق ثلاثة أهداف، بالهوية والوحدة والعودة ولكنه اخفق في الرابعة المتمثلة باستكمال البرنامج الوطني بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على ارض بلاده بسبب رفض وتطرف اليمين الاسرائيلي المتزمت، وبسبب اليمين الفلسطيني الاصولي الذي احبط المشروع الوطني الفلسطيني ودمره مرتين الاولى عبر رفضه لمشروع اوسلو وتداعياته وآثاره وتنفيذه للعمليات الاستشهادية التي وصمت النضال الفلسطيني بالارهاب، وانكفاء المجتمع وتراجع تأييده ودعمه لاهداف النضال الوطني الفلسطيني وتعاطفه مع اسرائيل، والثانية حينما قام بانقلابه العسكري ضد السلطة الشرعية في غزة، ومزق السلطة والجغرافيا والبرنامج الوطني وها هو يقود مفاوضات منفردة مع اسرائيل تحت يافطة التهدئة. اليمين الاسرائيلي، الرجعي والمتخلف، قتل شركاء اوسلو والموقعين عليه، قتلوا رئيس وزرائهم اسحق رابين الذي خان العهد بنظرهم وتنازل عن جزء من ارض اسرائيل للفلسطينيين فاغتالوه في شهر تشرين الثاني 1995 لوقف المفاوضات وطريق اوسلو التدريجي المتعدد المراحل، وقتلوا ياسر عرفات بالسم لأنه عنوان المشروع الوطني الفلسطيني والشريك في اوسلو، وأنه فلسطيني حتى نخاع العظم، وعربي ثقيل ومسلم متمكن، وانه عبقري متماسك في ربط الهوية الفلسطينية بالعروبة والاسلام والمسيحية والانسانية، ولذلك قتلوه في محاولة لقتل الحلم الفلسطيني والرغبة الفلسطينية والامل الفلسطيني. عن صحيفة الايام الفلسطينية 22/6/2008