إسرائيل مكروهة لذاتها جهاد الخازن ما هو أكثر بلد مكروه في العالم؟ هو حتماً اسرائيل. جورج بوش احتفل بمرور 60 سنة على قيام اسرائيل، غير انه كان ضمن قلة قليلة، فإسرائيل عصابة ارهاب واحتلال، ولن تتحوّل من كيان صهيوني الى دولة إلا عندما تقوم إلى جانبها دولة فلسطين، فيعطيها الفلسطينيون، أصحاب الأرض التي تقوم عليها، صك الشرعية. إسرائيل مكروهة لذاتها ولنوع المتطرفين الذين يدافعون عنها مثل دانيال بايبس الذي ليس له عندي سوى الاحتقار، فقد كنتُ أراجع بعض المادة المنشورة عن اسرائيل بعد 60 سنة عندما قرأت مقالاً كتبه بايبس وشكا فيه من ان اسرائيل وحدها تواجه خطر إزالتها. طبعاً لا خطر البتة والدول العربية كلها عرضت مبادرة للسلام، فإذا قامت الدولة الفلسطينية المطلوبة تقيم الدول العربية علاقات طبيعية مع اسرائيل. غير ان هذه لا تزال تحتل وتقتل وتدمّر كل يوم، وهي وحدها سبب الخطر على وجودها، والتهديد الإيراني كلام غوغائي لا يمكن تنفيذه من فوق رؤوس الدول العربية لو قام سلام. بايبس قال ان أعداء اسرائيل في معسكرين، اليسار والمسلمون، مع بعض اليمين المتطرّف والوسط، أي الجمعية العامة للأمم المتحدة والأحزاب السياسية الليبرالية اليسارية والميديا الرئيسية والكنائس وكتب مدرسية. ماذا بقي بعد هذا؟ صهيوني متطرّف يؤيد اسرائيل بكل جرائمها يقول ان غالبية مطلقة من العالم تكره اسرائيل. إذا ترجمت هذا الكلام الى ممارسة ديموقراطية، فهناك غالبية من العالم تدين اسرائيل وسياستها، وغالبية الغالبية، ان لم تكن كلها، لا تريد تدمير اسرائيل أو إزالتها عن أي خريطة. ولا يبقى لإسرائيل في المقابل سوى المحافظين الجدد والمسيحيين الصهيونيين. اسرائيل أصبحت أكثر دولة مكروهة حول العالم «لأنك لا تستطيع ان تخدع كل الناس كل الوقت»، كما يقول الأميركيون. وهي قامت على أساس كذبة بعد كذبة، فهناك الخرافة التوراتية، وهي ليست تاريخاً، وهناك كذبة «شعب بلا أرض لأرض بلا شعب»، فالملايين من الفلسطينيين اليوم يثبتون كذب هذا الكلام، والتوراة نفسها تثبت الكذبة الأصلية لأن التاريخ المزعوم الذي تسجله يتحدث عن دخول أرض مأهولة وارتكاب مجازر وإبادة جنس فيها. كل ما هو اسرائيل والأراضي المحتلة هو فلسطين التاريخية، والناجون من النازية والمتحدرون منهم أقاموا الدولة النازية الجديدة الوحيدة في العالم، وهي دولة فصل عنصري، أو أبارتهايد. وجاء احتلال بقية فلسطين واستمرار الاحتلال 40 سنة، ليظهر نهائياً ان اسرائيل ترفض ان تترك للفلسطينيين 22 في المئة من أرضهم. أتوقف هنا لأقول انني أتحدث عن اسرائيل، والمقصود الحكومة الاسرائيلية وجيش الاحتلال الاسرائيلي وأجهزة الأمن والقتلة فيها، فالمأساة الحقيقية في العلاقات بين الفلسطينيين وإسرائيل، أو بين العرب والمسلمين من ناحية، ويهود العالم من ناحية أخرى، ان هناك دائماً غالبية كبيرة تريد السلام، الا ان المتطرفين يحكمون اسرائيل. ايهود أولمرت متهم الآن بتلقي مال من الثري اليهودي الاميركي موريس تالانسكي، وقرأنا عن 150 ألف دولار على مدى 13 سنة. هذه أهون جرائم أولمرت، الليكودي السابق الذي عمل كرئيس بلدية لتهويد القدس حيث لا أثر يهودياً دينياً واحداً. وأربط انفجار الفضيحة الآن باعتقاد بعض المتطرفين اليهود بأن أولمرت في سبيل عقد اتفاق مع الفلسطينيين، أو مع سورية، لذلك فهم يحاولون إطاحته. وهو يظل أفضل حظاً من اسحق رابين الذي اغتيل لمنعه من الوصول الى اتفاق سلام. هناك يهود في اسرائيل وأميركا وحول العالم يعارضون السياسات المتطرفة، ولا يريدون ان يوصموا بها كيهود. وقد كتب كثيرون من هؤلاء في الذكرى الستين لقيام اسرائيل مركزين على معاناة الفلسطينيين ومطالبين بقيام دولة فلسطينية. بل ان هناك يهوداً يقودون حملات مقاطعة لإسرائيل على طريقة مقاطعة جنوب أفريقيا لأنهم يرفضون سياستها العنصرية ضد الفلسطينيين. وأعلن عشية الذكرى الستين لإسرائيل تأسيس لوبي يهودي معتدل في الولاياتالمتحدة لأن اللوبي المعروف يسيطر عليه المحافظون الجدد والصقور من ليكود وأمثالهم. وقرأت ان اللوبي الجديد سيكون مركزه في شارع جاي في واشنطن، وهو برئاسة جيريمي بن عامي، ويضم عدداً من الشخصيات اليهودية الأميركية المعروفة باعتدالها. والموازنة الأولية هي 1.5 مليون دولار سينفق بعضها لدعم حملات مرشحين معتدلين الى الكونغرس يؤيدون السلام. غالبية اليهود الأميركيين ليبرالية وسطية معتدلة، واذا كان هؤلاء لم يعودوا يطيقون تطرف المتطرفين فماذا نقول نحن؟ أعرف انني لا أمثل كثيرين عندما أقول انني أريد السلام بأي ثمن، الا أنني أعرف أيضاً ان حكومة اسرائيل (حكوماتها المتعاقبة) مسؤولة عن استمرار المواجهة والقتل والتدمير، فهي القاعدة باسم آخر. عن صحيفة الحياة 1/6/2008