قطر... بعد لبنان جاء دور العراق طارق آل شيخان نجاح الدوحة في وساطتها لجمع الفرقاء اللبنانيين من أجل حل المشكلة اللبنانية قبل أن تتأزم الأمور وتنجر البلاد إلى حرب أهلية له أكثر من معنى ودلالة يمكن إيجازها بالتالي: 1 - إن شعب لبنان بطوائفه كافة شعب متسامح دينياً ومذهبياً واجتماعياً. فالديانات والمذاهب التي يعتنقها اللبنانيون ويمارسون طقوسها أوجدت وعلى مدى التاريخ شخصية الإنسان اللبناني المتسامح والمحب للسلام والأمين في تعامله مع الآخرين، وقد انعكس ذلك في تسامح الفرقاء اللبنانيين وإصرارهم على تطبيق هذا التسامح من خلال نسيان الماضي وبدء صفحة جديدة متسامحة بين فريق ما كان يعرف بالأكثرية والمعارضة. 2 - انتهاج سياسة جديدة من قبل مجلس التعاون في تعامله مع القضايا العربية الأخرى تمثلت في أسلوب اتخذته دول الخليج، وهو توزيع أدوار الوساطات والمبادرات الخليجية بين دول المجلس. وقد كان الدور هذه المرة لقطر كبي تقوم في هذه الوساطة بدعم كامل من دول الخليج، خصوصاً بعد عودة الدفء بين كل من الدوحة والرياض. 3 - أثبتت الأحداث وحقائق هذه الوساطة فشل الجامعة العربية كمظلة عربية لحل المشاكل العربية وتوحيد الرؤى والسياسات بين الدول العربية من خلال محاولة تفرد بعض الدول بقيادة الجامعة من أجل مصالحها وأهدافها الخاصة بعيداً عن مراعاة مصالح الدول العربية الصغيرة والفقيرة. فقطر تلك الدولة الصغيرة ما كان لها أن تقوم في هذه الوساطة بظل هيمنة بعض الدول العربية الكبرى التي تقود الجامعة. 4 - استخدمت دول الخليج مفهوماً وأسلوباً جديداً في حل المشاكل العربية تركز على سياسة «لا غالب ولا مغلوب». فقد كانت المحاولات العربية السابقة تسير في اتجاه تغليب طرف على طرف حتى ولو بشكل غير واضح للعيان. ولكن الوساطة القطرية رأت أن الجميع أخطأ والجميع خاسر، والجميع سينجح في حال الموافقة على الوساطة القطرية. إن لمجلس التعاون الحق في أن يرفع راية النصر في أول اختبار لسياسته الجديدة. وأيضاً فإن للبنانيين الحق في أن يفخروا بتسامحهم وبإصرارهم على حل مشاكلهم من أجل أن ينعم باقي اللبنانيين بالسلام والأمان. ويبقى الدور الآن على العراقيين في أن يستعدوا للوساطة الخليجية المقبلة لحل مشكلتهم. عن صحيفة الرأي العام الكويتية 28/5/2008