أمانة العضوية المركزية بالجبهة الوطنية تكثف جهودها لمناقشة خطة العمل المقبلة    محافظ المنوفية يقدم واجب العزاء لأسرة سائق التوك توك "ضحية الطقس السيئ" بمنزله بكمشيش    العلمين تحتضن مركزا تكنولوجيا جديدا.. ورانيا المشاط تعلن ميكنة 180 خدمة وتطوير 34 جهاز مدينة    إزالة 27 حالة تعدٍ على أراضي أملاك دولة وزراعية بسوهاج خلال أسبوع    الخارجية الفلسطينية: تقرير المقررة الأممية يدق ناقوس الخطر حول ارتكاب إسرائيل جريمة إبادة    الجيش الأوكراني يقول إنه قصف بالطائرات المسيّرة عن بُعد مصنعًا روسيًّا للبطاريات في منطقة ليبيتسك    الزمالك يستعد لإعلان تعيين البلجيكي يانيك فيريرا مدربًا جديدًا للفريق    بكلمات مؤثرة.. نجم الهلال السعودي ينعي ديوجو جوتا    فيديو ركل فتاة بالإسكندرية.. الداخلية تضبط 3 متهمين بضربها وتصوير المقطع لتحقيق الأرباح    زينة تطالب بسرعة محاكمة جيرانها بعد إصابة طفليها في الشيخ زايد    ابتدينا.. أم أكملنا؟ قراءة رقمية في تكرار الأسماء وراء صوت عمرو دياب بأحدث ألبوماته الغنائية    محافظ المنوفية يطمئن على الحالة الصحية لمصابي حادث الإقليمي بمستشفى الجراحات المتخصصة    آبي أحمد: تدشين سد النهضة رسميا في سبتمبر وندعو مصر والسودان للمشاركة بالحفل    برلماني: خطاب 3 يوليو كتب شهادة وفاة الإخوان وأنقذ الدولة من الفوضى    إعلام عبري: وقف إطلاق النار سيلزم حماس بإبلاغ إسرائيل بصحة الرهائن الذين لن يتم إطلاق سراحهم    رئيس البرلمان العربي: الدعوات الإسرائيلية لضم الضفة الغربية تقوض كل فرص السلام    جيش الاحتلال يعتقل 21 فلسطينيا في الضفة الغربية بينهم طلاب ثانوية    إخلاء قرى في غرب تركيا مع توسع الحرائق بفعل الرياح    تمديد الاعتماد الدولي لكلية الصيدلة بجامعة عين شمس حتى 2029    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض العدس وارتفاع الذهب    من هو أقرب صديق ل ديوجو جوتا في كرة القدم؟    شرطي وهزيمة بخماسية.. من هو داني ماكيلي حكم مباراة الهلال وفلومينينسي؟    رغم الإصابة.. الأهلي يقرر اصطحاب إمام عاشور لمعسكر إسبانيا    "بالعملة المحلية والأجنبية".. قرار عاجل من وزير الرياضة بشأن الأهلي الزمالك    وزيرة التخطيط تشارك في افتتاح المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين بالعلمين    أسواق الدواجن والبيض اليوم الخميس 3 يوليو 2025    رغم الموجة الحارة.. إقبال متوسط على شواطئ الإسكندرية    إصابة 19 شخصا إثر تصادم سيارتي ميكروباص بالطريق الصحراوي في البحيرة    البترول تنعي شهداء البارجة "أدمارين 12": الشركة المالكة ملتزمة بصرف التعويضات    محافظ المنوفية يطمئن على الحالة الصحية لمصابي حادث الإقليمي بمستشفى الجراحات المتخصصة    انطلاق فعاليات مبادرة "مصر تتحدث عن نفسها" ضمن احتفالات الثقافة بثورة 30 يونيو    نقابة الموسيقيين تُقيم عزاء للمطرب الراحل أحمد عامر    عرض القروي المتمدن على مسرح روض الفرج.. الكوميديا تفضح وهم النبل الاجتماعي وتنتصر للقيم    رضوى الشربيني توجه رسالة دعم ل شيرين عبدالوهاب: "الناس زعلانة منك عليكي"    بيومي فؤاد يعتذر لجمهوره: "آسف لأي حد زعلان مني حقكم عليا"    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    من يتحمل تكلفة قيمة الشحن في حال إرجاع السلعة؟.. أمين الفتوى يجيب    مجدي الجلاد ينتقد تعليقات التشفي بعد وفاة المطرب أحمد عامر: هل شققتم عن قلبه؟    شارع نبوية موسى يتحول لمحور مروري جديد.. محافظ القليوبية يتابع مشروعًا ب51.7 مليون جنيه بمسطرد    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى حلوان العام ومركز أطلس ويوجه بإجراءات عاجلة    افتتاح جناحي إقامة وVIP و24 سرير رعاية مركزة ب "قصر العيني الفرنساوي"    خطوات وإجراءات وأوراق توصيل الغاز الطبيعى للمنازل    نقل مراقب ثانوية عامة إلى المستشفى بقنا بسبب ألم شديد في الصدر    "نقلة جديدة".. أسوان تنضم رسميًا لمنظومة التأمين الصحي الشامل    ماذا قدم محمد شريف مع الأهلي قبل العودة لبيته فى الميركاتو الحالى؟    حكم صيام يوم عاشوراء وإفراده بالصيام.. دار الإفتاء تجيب    وزارة الأوقاف توضح القيم المشتركة بين الهجرة النبوية وثورة 30 يونيو    هشام جمال يحتفل بتخرج زوجته ليلى.. وأحمد زاهر: ربنا يبعد عنكم العين    بن جفير: لن أسمح بتمرير صفقة فى غزة وآمل أن ينضم إلى سموتريتش    مصرع 4 أشخاص وفقدان 38 آخرين إثر غرق عبارة فى إندونيسيا    أول تعليق من نادى ليفربول بعد وفاة ديوجو جوتا    عميد معهد القلب الأسبق يفسر أسباب وفاة المطرب أحمد عامر    توقعات بإعلان توفير 115 ألف وظيفة جديدة في أمريكا خلال يونيو الماضي    «فاقد الشغف ولا يستحق الاستمرار مع الفريق».. أيمن يونس يفتح النار على نجم الزمالك    تسريب امتحان الكيمياء للثانوية العامة 2025.. والتعليم ترد    أب ينهي حياة أولاده الثلاثة في ظروف غامضة بالمنيا    تريلا تدهس 7 سيارات أعلى الطريق الدائري بالمعادي.. صور    الأعداد المقرر قبولها ب الجامعات الحكومية من حملة شهادات الدبلومات الفنية 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نكبة فلسطين ... ونكبات العرب / خالد عمر بن ققه
نشر في محيط يوم 18 - 05 - 2008

نكبة فلسطين ... ونكبات العرب
خالد عمر بن ققه
يأتي ذكر أحداث التاريخ مفعما دائما بانكسارات فعل الفرد أو فعل الجماعة من ذلك مثلا قولنا : "نكبة البرامكة" أو "نكبة العرب في الأندلس" أو "نكبة العرب في فلسطين" وهذه الأخيرة هي القريبة منا، لكنها ليست الأقرب طبعا إذا أخذنا في الحساب اختطاف دولة بالكامل أو فتنة داخلية هنا وهناك ، الأمر الذي يوصلنا إلى القول: أن الانتصارات التي تحققت بثورات التحرير بعد النصف الثاني من القرن العشرين لم تعمر على مستوى نتائجها مثلما عمرت النكبات أو كما يراها البعض خيبات ، ومع ذلك فميراث النكبة واضح في كل سلوك سياسي أو اقتصادي عربي مثلما هو متجل في كل سلوك ثقافي، حيث الانبطاح الكامل لقصف متواصل واللجوء إلى الآخر ابتغاء مرضاته وابتغاء العيش عنده، والعزة أيضا.
الدماء التي تملأ الشوارع في عدد من الدول العربية والفساد الذي بلغ ذروته في البر والبحر والتحالف مع قوى الشر والأعداء الذي اعتبره القائمون به حلا عمليا لديمومة الأنظمة حتى وإن ضاعت الدول، هذه المظاهر وغيرها هي ميراث متواصل لنكبات متتالية، صحيح أنها تعود أرضا إلى نكبة فلسطين ولكنها تذهب عِرضا إلى ما لا نتصوره في المستقبل المنظور، وهنا ليس هدفنا ذرف الدموع أو زيادة الوصف والتحليل للواقع المأساوي لكنه وعي - لمن أراد أن يتذكر بطبيعة مرحلة فيها أفئدة من الناس تسعى للتغيير وتقوم به ، بعضها يفتقد للفكرة الصائبة وبعضها الآخر ضل به الطريق ، وآخرون منهم يسيرون على نفس الدرب لكنهم يمتلكون رؤية واضحة وفهما عميقا وإيمانا غير ملبوس بظلم، لكن ما يحول دون وصولهم لأهدافهم فئتان ، فئة خاصة تحالفت وطبقا لمصالحها مع الذين غرتهم الدنيا، فبدا لهم زخرفها بمثابة النهايات الكبرى لما يوصل به العمل الصالح صاحبه حيث الخلود الأبدي، وفئة أخرى عامة لكثرتها ما أغنت عنها معاناتها وما حركتها حالات الضياع للبحث عن الأمل لأنها لا تملك قيادة واعية إنما الذي يسيطر عليها هو الهوى والظن، والإثنان لا يغنيان عن الحق شيئا.
نحن إذا أمام أزمة أمة كبر ميراثها في الهزيمة وفي النكبات وانشغلت بتفصيلات الحياة اليومية عن الأهداف الكبرى، فتساوت إلى حد ما مع أهل الوثنيات بالرغم من أنها تعيش - على المستوى الثقافي على الأقل - في أجواء التوحيد، لذا نراها مطالبة اليوم بإعادة تصحيح علاقاتها مع خالقها أولا، وعلى مستوى جبهتها الداخلية ثانيا، فالأمم تنكب جراء تراجعها عن آداء دورها التاريخي، وكثير من دولنا العربية، إن لم يكن جميعها، يعتقد أنه في ظل التنمية والنشاط والبناء والتعمير يحقق حياة محلقة بآمالها الكبرى نحو التغيير المادي للحياة في حين تعاني من خواء روحي ظاهر .
حيث الهزيمة الداخلية جلية في كل فعل ، ولنتأمل علاقاتنا الاجتماعية وعلاقاتنا البينية لندرك أي حال وصلنا إليها, هي بالتأكيد ليست أشد وطئا من ضياع فلسطين لجهة الأمل، لكنها أشد وطئا بلا ريب من الناحية الواقعية حيث تضيع القيم يوميا بلا مطالب .. إنها نكبة الضمائر عند العرب، وإن ادعوا غير ذلك.
القول بنكبة الضمير أو الضمائر نراها عند المقارنة بين مواقفنا ومواقف الأمم الأخرى من القضية الواحدة ، فالدعم من المنكر السياسي تحديدا من هذه الجماعة أو تلك يعتبره البعض عملا مشروعا بل ومطلوبا أحيانا، والأمر لا يتم تناوله من منطلق موقف مضاد أو رأي مخالف لما يقوم به الآخرون إنما سعي واضح لتحديد مسار حركتنا في الحياة حيث ضرورة امتداد العلاقة بين الحاكم والمحكوم لاتخاذ موقف هادف لأجل إنقاذ أمتنا وأوطاننا ودولنا.
وهذا يوصلنا إلى العمل من أجل رؤية المنكر وتغييره حتى يتم تمييز الخبيث من الطيب، المثال الصارخ بين أيدينا هو التباكي أحيانا ومجرد الذكرى العابرة أحيانا أخرى واللا مبالاة أو النسيان أحايين كثيرة لنكبة فلسطين ، بنفس الأسلوب الذي تم به تناول قضية الأندلس وهو ما سيتم به أيضا موضوع العراق ولبنان والسودان واليمن، حيث دول عربية أغرقها طوفان النكبة وأخرى لا تزال في بدايتها وثالثة مؤهلة للغرق، ولا يمكن لنا أن نخرج أي دولة عربية مهما علا شأنها وكبر حجمها وزادت مساحة الفعل عندها خيرا أو شرا من التصنيف السابق، أي أنها واحدة من ثلاث إما غارقة أو في مصيرها للغرق أو مؤهلة للغرق.
الحديث عن النكبة هو بالأساس عودة إلى عالم القيم لجهة تجاوز الذكر عنها في الخطاب الديني أو الثقافي إلى الفعل العملي الساعي إلى التغيير من منطلق تغيير الذات، ومسألة القيم تلك تبدأ من محاسبة الذات على مستوى الأنا الفردي والأنا الاجتماعي، والبداية من تثوير تراكم التجربة في الصراع السابق مع العدو إلى مطابقة الأفعال لمتطلبات الإيمان ، ما يعني أن نكبة فلسطين ورغم ظلام غزة وظلمنا لها الآن لا تعد نكبة بالمعنى الانهزامي ما دامت الأجيال تلو الأجيال تقاتل العدو الجاثم على أرضها، وما دامت هناك محاولات جادة لتحرير العراق، إنما النكبة الحقيقية هي ذلك الترويج المقصود والعلني للتسليم بالأمر الواقع وتكريس سلطة الآخر في ذواتنا وتبرير العجز.
النكبات العربية وعلى صعيد آخر حين تتساوى آراء العلماء مع جهل العامة وعجز السلطة مع فشل المعارضة ودعوات الأتقياء مع فجور الأشقياء، وباختصار حين تتداخل الأمور في بعضها إلى درجة الضبابية وتكون ديار الأمة كلها أرض بوار ، فمن منا يعرف اليوم رغم علمه وحلمه وتقواه وفهمه السياسي ومناصبه السامية: ما الهدف الأساسي لكل ما يقوم به حين تحل أمامه مصيبة صغيرة أو كبيرة يعجز عن حلها خصوصا إذا تعلقت بقضايا الأمة؟.
لا نملك إلا أن نقول وفي الذكرى الستين لنكبة فلسطين أن هناك شراكة غير منظمة لنكبة أو لنكبات تهوي بنا في مكان سحيق، نحاول أن نبررها بأسماء مختلفة لكنها تظهر على حقيقتها في كل مواقفنا ولا مفر من اعتبارها نكبة وأزمة في الضمير .. الضمير العربي.
عن صحيفة الوطن العمانية
18/5/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.