«جريمة اليوم» جهاد الخازن فيما كانت إسرائيل تستعد للاحتفال بمرور 60 سنة على قيامها أصدر مركز سايمون فيزنتال قائمة باسم «عملية الفرصة الأخيرة» ضمت أسماء عشرة نازيين مطلوبين للعدالة، على رأسهم طبيب اسمه اريبرت هايم، اذا كان لا يزال حياً لكان عمره 93 سنة. لماذا يبحث فيزنتال عن رجل عمره 93 سنة، الأرجح أن يكون توفي أو في حكم المتوفى صحة وذاكرة، وهناك جرائم نازية ترتكبها اسرائيل كل يوم ضد الفلسطينيين، ولماذا يطلب شيخاً هالكاً وهناك عشرات مثله في الحكومة الاسرائيلية والمؤسسة العسكرية؟ لا أجد جواباً غير أن الفائز بجائزة نوبل للسلام لا يعتبر قتل الناس من غير اليهود أمراً مهماً، ولا يرى أن القتلة من اليهود يستحقون المحاكمة. صدور لائحة المطلوبين النازيين تزامن مع قتل النازيين الجدد في اسرائيل الأم ميسّر أبو معلق (33 سنة) وأربعة من أطفالها هم مسعد (أقل من سنة) وهناء (3 سنوات)، وصالح (أربع سنوات)، وردينة (خمس سنوات)، كما أصيبت الشقيقتان شيماء (ست سنوات)، وأسماء (11 سنة) بجروح خطيرة. كانت المجزرة في بيت حانون في 28 من الشهر الماضي، غير أن هناك مجازر مماثلة في كل بلدة وقرية على امتداد التاريخ الأسود لإسرائيل. وقبل يومين قتلت المعلمة وافر شاكر داخل بيتها أمام أولادها في تفجير إسرائيلي. وانتفاضة الأقصى كانت في أيامها الأولى عندما قتل الطفل محمد الدرة أمام عدسات التلفزيون وهو في حضن أبيه. وقبل سنتين، وتحديداً في 9/6/2006 قتل سبعة من أسرة غالية على شاطئ بيت لاهيا بقنبلة اسرائيلية. كان علي غالية، وعمره 49 سنة، قصد الشاطئ مع زوجتيه و12 صبياً وبنتاً من أبنائهم للنزهة وتناول بعض الطعام. وقتل في الهجوم الاسرائيلي علي وزوجته رئيسة (35 سنة)، وهيثم (خمسة أشهر)، وحمادي (18 شهراً) وصابرين (أربع سنوات)، وإلهام (15 سنة)، وعليا (17 سنة). وفَقَد ثلاثة من الأطفال سيقانهم في الانفجار، وأصيبت الزوجة الثانية حمدية (41 سنة). من منا لا يذكر الطفلة هدى غالية (12 سنة) وهي تركض كالمجنونة على الشاطئ وتبحث عن أشلاء أسرتها ثم تتوقف أمام جثة والدها، ويرى العالم كله فيها فاجعة الفلسطينيين بالاحتلال. جنود الاحتلال يرتكبون كل يوم «جريمة اليوم»، وإذا اخترنا من الأرقام المتوافرة القتلى من القاصرين، أي من هم دون الخامسة عشرة، نجد ان منذ 29/9/2000 قتلت اسرائيل قرابة ألف ولد فلسطيني، في مقابل 130 ولداً اسرائيلياً قتلوا في الفترة نفسها. كله إرهاب، غير أن اسرائيل أكثر إرهاباً ثماني مرات من كل الفصائل الفلسطينية مجتمعة. هو إرهاب ضد الإنسانية، وان لم يكن الضحية فلسطينياً، فقد يكون الشابة الأميركية راشيل كوري، وكانت في الثالثة والعشرين عندما صدمتها في 16/3/2003 جرافة اسرائيلية صعدت فوق جسدها الغض من دون أن يحاول السائق النازي التوقف فيما كانت تحاول منع الجرافات من تدمير بيوت فلسطينيين في رفح. هناك الآن مؤسسة راشيل كوري لتعزيز السلام والعدالة في الشرق الأوسط. وقد عرضت في الغرب مسرحية بعنوان «اسمي راشيل كوري»، وانتقلت الى اسرائيل حيث عرضت في حيفا وغيرها. وقرأت أخيراً أن مذكرات هذه المناضلة في سبيل السلام ستنشر في كتاب بعنوان «دعوني أقف وحيدة». وهي كتبت قبل شهرين من موتها «أشعر بأنني شاهدة على تدمير منظم لقدرة شعب على الحياة». ما هي جريمة اليوم التي سيرتكبها جيش الاحتلال في معسكر الاعتقال النازي الذي عرفناه باسم قطاع غزة؟ سنقرأ التفاصيل في جرائد غد. اليوم أقول إن هناك قاسماً مشتركاً بين كل جرائم الاحتلال هو إنكارها، وحتى محمد الدرة الذي صوره التلفزيون وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة أجريت محاولات للقول إنه قتل برصاص فلسطينيين لم يكونوا في المنطقة. غير أن المراسلة البريطانية الممتازة سوزان غولدنبرغ نشرت تحقيقاً موثقاً مصوراً عن موت محمد أثبت مسؤولية الجنود. بالنسبة الى راشيل كوري، اتهمها تقرير رسمي اسرائيلي مع نشطين آخرين بممارسة «سلوك غير قانوني، وغير مسؤول وخطر». بكلام آخر الاحتلال يتهم راشيل بأنها مسؤولة عن موتها، في عنصرية نازية كنا اعتقدنا انها ماتت مع النازيين فجاء بعض يهود اسرائيل وأحيوها. وتكرر الأمر مع ميسّر وأطفالها، فتقرير رسمي اسرائيلي أنكر ان تكون قذيفة اسرائيلية مسؤولة عن الحادث، واتهم فلسطينيين غير موجودين بالحادث. غير أن خبراء سخّفوا التهم الاسرائيلية وأثبتوا زيفها. وقرأت في الصحف الاسرائيلية مَن انتقد الإنكار المفضوح كل مرة. ولم يعتذر ايهود أولمرت عن الجريمة وإنما أعرب عن أسفه كما حدث في كل مرة سابقة. محاكمات نورمبرغ لم ترد الى الحياة ضحايا المحرقة من اليهود، وأسف النازيين الجدد في فلسطين لن يرد الأمهات والأطفال وشابة أميركية الى الحياة. إسرائيل دولة قامت على الكذب والسرقة والجريمة وتستمر بها. عن صحيفة الحياة 15/5/2008