"رحلة حلم الوظيفة الحكومية تبدأ من هنا.. مصراوي داخل مركز الاختبارات الحكومية    وزيرة التضامن تتابع العمليات الميدانية للحصر الشامل للحضانات    "حريات الصحفيين" تتضامن مع "فيتو" بشأن بيان وزارة النقل    الدولار يعكس اتجاهه ويتراجع في 9 بنوك بنهاية تعاملات الخميس    لجان حصر وحدات الإيجار القديم تبدأ السبت بالبحيرة    انقطاع المياه عن أبو حماد وقرى بالزقازيق الجمعة    أسعار سيارات ديبال رسميا في مصر    رئيس الوزراء يحضر مأدبة عشاء رسمية لرؤساء الوفود في "تيكاد 9"    صور- محمد بن سلمان يقود السيارة برفقة الرئيس السيسي عقب استقباله بمطار نيوم    "الدراسات المستقبلية بجامعة القدس": إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء وانقلبت على القانون الدولي    الرئاسة الفلسطينية: البدء بتسليم السلاح الموجود داخل المخيمات الفلسطينية بلبنان للجيش اللبناني    "مافيش مشاكل في التربة".. أول تعليق من الأهلي على أزمة توقف العمل بالاستاد    "تربة خرسانية".. شوبير يفجر مفاجأة بشأن وقف حفر استاد الأهلي    فانتازي يلا كورة.. إقبال على شراء رايندرز والضحية نجم ليفربول    تفاصيل سقوط "عصابة الفيزا" في طنطا    الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد بجامعة الأزهر 2026    بفستان جريء.. أحدث ظهور ل مي عمر والجمهور يغازلها (صور)    بعد إحالتها لمجلس التأديب.. بدرية طلبة مهددة بهذه العقوبات منها الشطب    7عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    خالد الجندي: الإسلام لا يقبل التجزئة ويجب فهم شروط "لا إله إلا الله"    لا أستطيع أن أسامح من ظلمني.. فهل هذا حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    لأول مرة.. جامعة القناة تنجح في جراحة "دماغ واعٍ" لمريض    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    «تربية حلوان» تطرح برنامج معلم اللغة الإنجليزية للمدارس الدولية واللغات    بقيمة 8 ملايين جنيه.. الداخلية توجه ضربات قوية لتجار العملة غير المشروعة    محافظ شمال سيناء يبحث مع نائب وزير الصحة تعزيز تنفيذ خطة السكان والتنمية    «العربية للعلوم » تفتح أبوابها للطلاب بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    هل يتم دفع ضريبة عند إعادة بيع الذهب؟.. توضيح من الشعبة    جيش الاحتلال يعلن إصابة جندي بنيران المقاومة شمال غزة    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    أحدث ظهور لنادية الجندي بإطلالة صيفية جريئة على البحر (صور)    195 عضوًا بمجلس الشيوخ يمثلون 12 حزبًا.. و3 مستقلين يخوضون الإعادة على 5 مقاعد في مواجهة 7 حزبيين    تخفيضات تصل إلى 50%.. موعد انطلاق معارض أهلًا مدارس 2025- 2026    الاتحاد السكندري ل في الجول: تأجيل مكافأة الفوز على الإسماعيلي لما بعد مباراة البنك الأهلي    رغم قرار رحيله.. دوناروما يتدرب مع سان جيرمان    تقرير: رابيو يعرض نفسه على يوفنتوس    جني جودة تحصد 3 ذهبيات ببطولة أفريقيا للأثقال وشمس محمد يفوز في وزن + 86كجم    جنايات بنها تنظر أولى جلسات محاكمة المتهم بخطف طفلة والتعدى عليها بشبين القناطر    وكيل مجلس النواب: زيارة الرئيس السيسي للسعودية تعكس عمق العلاقات بين البلدين    "جهاز الاتصالات" يصدر تقرير نتائج قياسات جودة خدمة شبكات المحمول للربع الثاني    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    الجامعة المصرية الصينية تنظم أول مؤتمر دولي متخصص في طب الخيول بمصر    وكيل صحة الإسماعيلية تفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيرى وتحيل المقصرين للتحقيق    «الصحة»: وفاة شخصين وإصابة 18 في حادث تصادم طريق «الإسكندرية - مطروح»    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    جامعة أسيوط تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد    مستخدمًا سلاح أبيض.. زوج ينهي حياة زوجته ويصيب ابنتهما في الدقهلية    في جولة مفاجئة.. عميد طب قصر العيني يطمئن على المرضى ويوجه بدعم الفرق الطبية    مديريات التعليم تنظم ندوات توعية لأولياء الأمور والطلاب حول البكالوريا    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    رفضه لجائزة ملتقى الرواية 2003 أظهر انقسامًا حادًا بين المثقفين والكتَّاب |السنوات الأولى فى حياة الأورفيلى المحتج    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    "عيب عليك ده الزمالك جزء من تاريخ بلدك".. أيمن يونس يوجه تصريحات نارية    حبس عامل صور السيدات داخل الحمام في كافية بالنزهة    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راشيل كوري ضحية أمريكية منسية
نشر في محيط يوم 19 - 03 - 2008


ر اشيل كوري ضحية أمريكية منسية
* نضال حمد
منذ خمس سنوات هي عمر جريمة قتل المواطنة الأمريكية راشيل كوري على يد جندي صهيوني وبشفرة بلدوزر أمريكي مدفوع الثمن من قبل أهل وشعب الضحية، ومقدم هبة للدولة الصهيونية. منذ اليوم الذي قتلت فيه الناشطة في سبيل المظلومين في فلسطين، لم تقم لغاية الآن السلطات الأمريكية بعمل أي شيء يذكر من أجل راحة روح الضحية. فهذه الادارية عاجزة حتى عن توجيه إدانة ولو على حياء للكيان الصهيوني.

لو أن راشيل قتلت بأيدي غير يهودية، مثلاً فلسطينية، عربية أو مسلمة ترى ماذا كانت ستفعل الإدارات الأمريكية؟ بالتأكيد كانت ستجعل من موتها سبباً لاحتلال وتدمير بلد ما أو عدة بلدان دفعة واحدة. وكانت ستجد من يناصرها ويؤيدها في حربها من أجل السلم والأمن والديمقراطية وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب. هذه الحرب مختصرة فقط على العرب والمسلمين بالتحديد وعلى الفلسطينيين بالذات. ولا يمكن أن تكون في يوم من الأيام حرباً مشروعة على اسرائيل وجنرالات ووزراء المذابح والمجازر في جيشها الهمجي.

كتبت الضحية أنها انضمت الى حركة التضامن الدولية المؤلفة من شبان بريطانيين وكنديين وأمريكيين حيث أن هؤلاء الشبان يذهبون الى الأراضي المحتلة للعيش في البيوت المهددة بالهدم من قبل قوات الاحتلال. يحاولون منع المحتلين وبلدوزاراتهم من هدم تلك البيوت. برأي هؤلاء الشبان أن سياسة الهدم غير مقبولة أخلاقياً وقانونياً. لكن من في اسرائيل الصهيونية لديه أخلاق؟ ومن في العالم يمكنه محاسبة المجرمين الإسرائيليين؟ فهؤلاء أثبتت الأيام في زماننا الذي نعيشه بالتوقيت الأمريكي أنهم لن يحاكموا. فمحاكمتهم ستجر الى محاكمة أسيادهم في البيت الأبيض والبنتاغون الأمريكيين. لأنهم شركاء في الجرائم.

رسائل رفح الغزية لراشيل الى أبويها وأصدقائها برهنت وكشفت عن تنامي وعيها من خلال المشاركة في حياة سكان المخميات في غزة حيث الفقر و البؤس، الهجران، الجوع،اللاسلام والحرب والإرهاب والجوع والحصار. عاشت راشيل مثل هؤلاء الناس في ظروف غير إنسانية البتة، حيث لا قوانين توقف المعتدي ولا محاسب يحاسبه على ما يقوم به من اعتداءات. وقد دفعت الشابة راشيل حياتها ثمناً لعدم قيام حكومة بلادها ودول العالم وخاصة الغربي إيقاف ومحاسبة المجرمين. كانت راشيل في رسائلها تتحدث عن الحياة التي يعيشها الفلسطينيون في غزة. عن القلق، الاعتقالات، المداهمات، التفجيرات، إطلاق الرصاص العشوائي.. وعن الموت المتواجد في كل زقاق وحارة وشارع. كانت تقول أن الموت اليقيني هو الشيء الوشيك والوحيد للأطفال والشيوخ. مع هؤلاء المظلومين عاشت راشيل آخر أيام حياتها، نامت مثلهم على الأرض، أكلت من طعامهم البسيط، وشربت من نفس مياههم الملوثة، وعرف جسدها معنى الرطوبة وانعدام الإضاءة والتهوية في البيوت التي تشبه مقابر الأحياء.

على خشبة المسرح النرويجي في اوسلو وقفت الممثلة كايا فاريورد ، تؤدي دور راشيل، قامت بالدور على خير ما يرام، روت حكاية فتاة ماتت ولم تمت.. خطت كايا بدموعها حكاية راشيل مع شعب يتألم. سألتني قبل العرض عن معنى وطريقة لفظ بعض الكلمات العربية الواردة في النص. فأجبتها بلكنة أهل غزة.. رددت نفس الكلمات وبنفس اللكنة وهي تروي قصة فتاة تألمت قبل أن تغتالها يد الغدر، حيث كانت تعيش مع الأسر الفلسطينية التي احتضنتها وتقاسمت معها الطعام والماء والدواء والغذاء والهواء والآلام والخوف والقلق والترقب... لحظة صمت ثم يأتي الصوت :أشعر بالخجل لأنني قادرة على الذهاب والخروج من هذا الاختناق، أما هم، بالمقابل... في تلك اللحظة تطلعت في عيني كايا الدامعتين وهي تواصل الحديث على لسان راشيل : اشد ما يحزنني هو عدم المبالاة ، انعدام إحساس ملايين الكائنات البشرية التي لا تفعل شيئاً، في العالم بأسره، بل لا يريدون أن يعرفوا شيئاً عن المصير المشين الذي يتعرض له هذا الشعب...

بعد العرض تحدثت قليلاً مع كايا التي بقيت آثار الدموع في عينيها، فقالت لي أنها تريد السفر الى حيفا لمشاهدة عرض المسرحية بتقديم الفلسطينية لينا زريق. لعلها غداً ستشاهد افتتاح العرض في مسرح الميدان. وستردد مع الآخرين: كم كنت إنسانية ومثالية وأخلاقية ومبدئية ورائعة يا راشيل ؟... لقد استفادت الولايات المتحدة الأمريكية كثيراً من تلك المُثل النبيلة التي تجمعت فيك. لان العالم يعرف أنها معدومة لدى سلطات بلادك. التي انعدمت رغبتها في ملاحقة الذين قتلوك. فتركوك تنامين دون راحة روحك. إذ لم يعملوا على معاقبة قاتلك المعروف والمكشوف ولم يعملوا لأجل السلام الحقيقي.

يوم الأحد 16 آذار – مارس 2003 أصبح يوماً خالداً من أيام شعب فلسطين لأنه يوم استشهادك لأجل فلسطين. فقد وقفت أمام البلدوزر الضخم ودافعت عن بيوت الفلسطينيين بلحمك وعظامك وحياتك. فبقيت البيوت وغبت أنت، وفضح المجرمون الذين قتلوك، وقبل ذلك كانوا قد قاموا بآلاف عمليات القتل والاغتيال والتصفية وبمئات المذابح والمجازر الفظيعة.

يوم الأحد، السادس عشر من آذار 2003، شهد سبعة زملاء لك من حركة التضامن الدولية وقفة العز التي وقفتها يا راشيل أمام بلدوزر الجيش الإسرائيلي الذي صدمك مع سبق إصرار. فكان كفيلاً بوضع حد لحياتك التي استمرت 23 عاماً فقط لا غير. قبل الرحيل في رسالتك الأخيرة إلى أمك، كتبت: «هذا يجب أن ينتهي. يجب علينا أن نترك كل شيء آخر ونكرس حياتنا للتوصل إلى إنهاء هذا الوضع. لا أظن أن هناك ما هو أشد إلحاحاً.. ما أشعر به يسمى عدم تصديق ورعب وخيبة أمل. اشعر بالانقباض من التفكير في أن هذه هي الحقيقة الأساسية في عالمنا وأننا جميعنا نساهم، عملياً، في ما يحدث. لم يكن هذا هو ما أردته عندما جيء بي إلى هذه الحياة. ليس هذا ما كان ينتظره الناس هنا عندما جاؤوا إلى الحياة. وليس هذا هو العالم الذي أردتِ أنت وأبي أن آتي إليه عندما قررتما إنجابي».

** مدير موقع الصفصاف الاخباري العربي النرويجي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.