هل ينجح العرب حيث فشل اللبنانيون.. تلاق ام طلاق؟! محمد خرّوب اذا كان من غير المغامرة القول ان الخطيئة الكبرى التي ارتكبتها قوى المعارضة وعلى رأسها حزب الله وحركة امل عندما بسطت سيطرتها على بيروتالغربية في عرض واضح للقوة اريد من خلالها ارسال اكثر من رسالة الى اكثر من جهة محلية، اقليمية ودولية، نقول هذه الخطيئة تكمن في الانزلاق الى كتم الصوت الآخر، والشروع او الرغبة في إخراس مجموعة المستقبل الاعلامية. التابعة لزعيم تيار المستقبل السياسي، سعد الحريري، فان من المغامرة رفع سقف التوقعات من الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، الذي سيعقد اليوم في القاهرة، وبخاصة بعد الكلمة، التي وجهها رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، ظهر يوم امس للبنانيين عبر شاشات التلفزة، والتي لم تحمل جديداً في شأن الازمة الجديدة، التي تعصف بلبنان حالياً. والمرشحة ان تأخذه الى اماكن غير التي كان فيها، قبل السادس من ايار الماضي، الذي شكل مفصلاً في تاريخ لبنان وما تبع قرارات الحكومة اللبنانية في مسألتي شبكة اتصالات حزب الله، ونقل مدير أمن مطار بيروت العميد وفيق شقير، وما تلا ذلك من تداعيات وضعت لبنان على مفترق طرق حقيقي، وغير مسبوق، وبكل ما حملته من تغييرات في المعادلات السياسية والحزبية، التي كانت متأرجحة وقابلة للميل تارة في صالح المعارضة، وطوراً في صالح الموالاة، في سجال بدا وكأنه بلا نهاية، ولم يكن خافياً على طرفي الأزمة، ان ثمة لاعبين اقليميين ودوليين هم اصحاب القرار في النهاية.. كلمة السيد السنيورة حفلت بكثير من مفردات الغضب والتحدي ولم تخل من المرارة والشعور بالخذلان، وان كان لم يلق باللوم على احد، او يسعى الى مناشدة الدول العربية والاسلامية(..) لتحمل مسؤولياتها تجاه ما يحدث في لبنان، كما فعل سمير جعجع (ما غيره) عندما القى بيان ما وصف بقوى 14 آذار، الذين التقوا (في غياب سعد الحريري ووليد جنبلاط، ركني الفريق والاكثر شعوراً بحجم الخسارة التي سيدفعها لبنان، اذا ما انزلق الى هاوية الفتنة المذهبية، والحرب الاهلية، فيما جعجع يبدو متلهفاً لاستعجالها، لأنه سيكون اكبر المستفيدين مسيحياً على الأقل، وتداعبه احلام استرداد زعامة متغطرسة، لم تقم اصلا الا على القتل وسفك الدماء وتصفية الخصوم والدعوة الصريحة الى تقسيم لبنان الى كانتونات طائفية ظن انه سيكون سيد الكانتون او الدويلة المسيحية).. السنيورة الذي يعرف ان مستقبله السياسي بات في مهب الريح، بعد ان غدت مسألة تشكيل حكومة وحدة وطنية، حجر الرحى، في أي مقاربة او رزمة حل متكاملة، اراد عدم مغادرة مربع قناعاته السياسية، وعدم التراجع عن النهج الذي سار عليه، منذ ان خرج الوزراء الشيعة من حكومته، وبدأ الشلل يتسلل الى حكومته، فأراد ان يسجل موقفاً سياسياً يحول، في ظنه، دون ان يكون هو شخصياً كبش المحرقة، كما يقال، لهذا حرص على شن حملة شعواء على حزب الله، بدءاً من وصف ما جرى بأنه انقلاب مسلح وصولاً وهذا هو الأخطر، الى رفض قبول وضع سلاح حزب الله بالشكل الذي كان عليه قبل الاحداث وحتى ما تم التفاهم عليه في طاولة الحوار الشهيرة (قبل عامين من الآن) معيداً في شكل لافت ما كان صرّح به امين الجميل الرئيس الاعلى لحزب الكتائب في باريس قبل يومين، وما كرره اكثر من مرة سمير جعجع، الذي خرج على الناس يوم اول من امس الجمعة، ليتحدث عن احتلال اسرائيل لبيروت في العام 1982، متذاكياً او ساعياً لشطب ذاكرة الناس، بالدور الذي لعبه في تسهيل هذا الاحتلال والتحالف مع شارون لتدمير بيروتالغربية وللتواطؤ في تنفيذ مجزرة صبرا وشاتيلا، وفي التمهيد، لاتفاق 17 ايار 1983، الذي وقعه امين الجميل مع اسرائيل، والذي كان سينهي صيغة لبنان التي كان مضى عليها اربعة عقود ولم ينجح الانعزاليون في شطبها او الالتفاف عليها.. ربما تكون مقاربة الرئيس السنيورة في شأن التسوية المنشودة، هدفت الى اظهار مرونة ما، لا تسمح لأحد من الفريقين بادعاء انه هزم الآخر او اجبره على دفع ثمن خطوته التصعيدية (الحكومة في قراري الشبكة، ومدير امن المطار، والمعارضة، في شأن اقتحام بيروتالغربية والسيطرة عليها)، الا ان المقاربة او المبادرة، حملت في ثناياها عوامل رفضها من قبل المعارضة التي ترى في رئيس مجلس النواب نبيه بري راعياً للحوار، فيما يقول فريق 14 آذار انه بات طرفاً واذا ما أضفنا الانتقاد العلني والقاسي الذي وجهه السنيورة للجيش بعدم قيامه بواجبه في حفظ امن اللبنانيين، واخلاء المسلحين من الشوارع هل سقط خيار العماد ميشال سليمان أم هو تلويح بذلك؟ ، فاننا نكون امام مرحلة جديدة في أزمة مفتوحة وأفق مسدود، لا نحسب ان بيان وزراء الخارجية الذي سيصدر اليوم بعد اجتماعه (الطارئ) سيشكل مدخلاً لتسوية، او حل، بعد أن وضحت المواقف اللبنانية وبدت وكأنها تدخل في مربع العناد والتصلب والمكابرة، وبعد ان لم يعد اخفاء الانقسام العربي، الذي ظهر جلياً في قمة دمشق، والذي استمر فصولاً، وباتت الساحة اللبنانية ترجمة له الان، سواء في من يقول ان ما يحدث في لبنان هو شأن داخلي، ام في الذين يرون فيه، انقلاباً عسكرياً لصالح قوى اقليمية غير عربية.. ملابسات الأحداث التي وقعت في محلة الطريق الجديدة يوم امس والتي سقط فيها خمسة قتلى، خلال تشييع جنازة احد ضحايا اليومين الاخيرين، هي التي يجب ان تدفع بالفريقين، وخصوصاً في حزب الله وحركة امل من جهة، وتيار المستقبل على وجه الخصوص، للتفكير ملياً في طبيعة المرحلة التي وصل اليها لبنان، بعد ان بدت الساحة وكأنها مقتصرة عليهما، وانعكاسات ذلك على المشهد الاقليمي، الذي يريد ان ينفخ في كير الفتنة، والتي يعلم كثيرون انها خارج اطار الحسابات الطائفية والمذهبية، وانها ليست سوى اصداء لمشاريع سياسية متصادمة، لم يعد من الحكمة اخفاء ابعادها، وان كان اللاعبون الاقليميون والدوليون لا يتورعون، على استخدام كل ما يتوفر تحت ايديهم لانجاح ما يرمون اليه، حتى لو كان الثمن حرق لبنان. عن صحيفة الرأي الاردنية 11/5/2008