... لولا الخنجر الإسرائيلي جهاد الخازن هناك ثلاثة متنافسين على الرئاسة الأميركية: جون ماكين عن الحزب الجمهوري، وهيلاري كلينتون وباراك أوباما اللذان يحاول كل منهما انتزاع ترشيح الحزب الديموقراطي لنفسه. ماكين مع الحرب على العراق، ومع كل حرب أخرى، وأوباما ضد الحرب، وكلينتون في مرتبة بين المرتبتين، مع العلم أن المرشح الجمهوري تراجع عن أكثر مواقفه حدة الآن وإن بقي مؤيداً للحرب في العراق ولزيادة القوات، وعدم الانسحاب، وأن كلينتون تقول إنها المرشح الوحيد الذي سيسحب القوات الأميركية من العراق، والبدء بعد ستة أشهر من دخولها البيت الأبيض، وأن أوباما يصر على أنه المرشح الوحيد الذي وقف دائماً ضد الحرب. لا يخلو حديث أي من الثلاثة المتنافسين من بعض الصدق، إلا أنه ليس الحقيقة كلها، فعندما يبعد ماكين نفسه عن جورج بوش تكون معارضته محدودة بإدارة الحرب، لا الحرب نفسها، أو حرب محتملة على إيران. وعندما تعارض كلينتون الحرب، فهي لا تعتذر عن تصويتها عام 2002 على قرار تفويض الحرب، أو قرار السنة الماضية الذي اعتبر الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، ما اعتبر تفويضاً لإدارة بوش بحرب على إيران. أما أوباما فهو لم يكن في مجلس الشيوخ بعد عندما جرى التصويت على قرار حرب العراق، ولكنه يستطيع أن يقول إنه صوّت ضد تمويل القوات الأميركية في العراق مرتين، ثم يتجاهل قرار الحرس الثوري الإيراني، فهو لم يصوت ضده وإنما غاب عن الجلسة. بصراحة، ما يهمني عن المرشحين للرئاسة الأميركية هو السياسة الخارجية، وتحديداً الموقف من الشرق الأوسط، أي تأييد اسرائيل بالمال والسلاح والفيتو، ما يمكنها من الاستمرار في احتلال أراضي الفلسطينيين وقتلهم. حكمي على المتنافسين الثلاثة هو أن جون ماكين أسوأهم، فإدارته ستكون امتداداً لإدارة جورج بوش، وهناك حوله الآن من عصابة الحرب رموز لعبت دوراً بارزاً في دفع إدارة بوش نحو الحرب على العراق، وهي تركز الآن على إيران وخطرها المزعوم، والتنافس الوحيد حوله هو من الأقرب اليه من رجال عصابة الحرب. هيلاري كلينتون أفضل من ماكين، وتفهم الشرق الأوسط جيداً، وهي ستمثل استئنافاً لسياسة زوجها بيل كلينتون إزاء المنطقة، فقد كاد أن ينتهي عام 2001 بسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل ودولة مستقلة. ومسؤولية الفشل يتحملها الجميع، وأكثرها من نصيب مجرم الحرب آرييل شارون، وأقلها يتحمله بيل كلينتون وياسر عرفات. على رغم تقويمي هذا لسياسات المتنافسين الثلاثة فإننا نجد أنهم يجتمعون الآن في إعلان التأييد لإسرائيل، في مناسبة، ومن دون مناسبة، فهذا موقف لا غنى عنه إذا كان للمرشح ألا يثير كلاب إسرائيل الضالة عليه، وهي كثيرة في العاصمة واشنطن تحديداً. أوباما لم يشذ عن القاعدة، فهو ينتهز كل فرصة لإعلان تأييده الكامل لإسرائيل. وهو كان مرة قال انه لا يوجد شعب يعاني معاناة الفلسطينيين، وعندما أصبح مرشحاً، وحوسب على كلامه، قال انه كان يقصد أن الفلسطينيين في قطاع غزة يعانون من قيادتهم. طبعاً هو لم يقصد هذا، إلا أن زعماء اليهود قبلوا تفسيره لحفظ ماء وجه الجانبين. الجانب الحقيقي هو أن أوباما أسود، وهو بالتالي يتعاطف مع الفلسطينيين حتى لو لم يعد يعلن ذلك، فقد كانت هذه تجربتي أيام إقامتي في واشنطن، وما شعرت به عندما كنت أقابل أعضاء في مجلسي الكونغرس. وعلمت من جريدة «لوس أنجليس تايمز» قبل يومين ان أوباما كان أيام إقامته في الينوي صديقاً للدكتور رشيد الخالدي، ويزور بيته للعشاء، وانه حضر حفلة أقامتها الجالية الفلسطينية في المدينة لتوديعه عندما انتقل الى جامعة كولومبيا في نيويورك. أوباما لا يكلم رشيد الخالدي كثيراً هذه الأيام ولا يستشيره، غير أنني واثق من أنه لو انتخب رئيساً فسيحيط نفسه بمستشارين من غير لوبي إسرائيل الذي يقدم مصالحها على مصالح أميركا نفسها. ونحن لا نريد أحداً يؤيدنا بل أميركيين يؤيدون بلادهم، لأن مصالحنا مشتركة ومتبادلة لولا الخنجر الإسرائيلي في خاصرتنا. وأشعر بأن كثيرين من أنصار إسرائيل يشككون في أوباما ومواقفه المعلنة، لذلك فالحملة عليه مستمرة عبر وسائل إعلامهم، ولا يمضي يوم من دون أن أقرأ مقالات من نوع «هل أوباما مسلم؟»، تسأل إذا كان مسلماً يوماً وتقدم «معلومات» عن دراسته القرآن بالعربية، وغير ذلك من «تهم» لتخيف الناخب الأميركي العادي في بلد تسمعه عصابة الشر كل يوم حديث «الاسلاموفاشزم» حتى قامت «اسلاموفوبيا» حقيقية ستمضي سنوات قبل أن تزول. أكتب كمواطن من الشرق الأوسط، وأرجو أن يفوز بالرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون، أو باراك أوباما. عن صحيفة الحياة 16/4/2008