بقاء الخلافات حول الدرع ... ولكن! د.هاني شادي بعد مباحثات شاقة استمرت لأكثر من ست ساعات يوم الثلاثاء 18 مارس الجاري بين وزراء خارجية ودفاع كل من روسياوالولاياتالمتحدة الأميركية في العاصمة الروسية ، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بقاء الخلافات بين موسكووواشنطن حول الدرع الصاروخية الأميركية على حالها. وأكد لافروف في مؤتمر صحفي في ختام المشاورات الروسية الأميركية أن واشنطن طرحت في سياق المباحثات مقترحات ترمي إلى إزالة قلق روسيا من نشر الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية ، وصفها الوزير الروسي بأنها مقترحات هامة ونافعة. وأكد لافروف أيضا أن الولاياتالمتحدة أبلغت موسكو عزمها النهائي على نشر الدرع الصاروخية في بولندا وتشيكيا. وهذا يعني في رأي مراقبين أن المفاوضات بين البلدين انتقلت الآن من التفاوض على نشر أو عدم نشر الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا ، إلى التفاوض على الضمانات التي يمكن أن تحصل عليها روسيا من الولاياتالمتحدة لتقليل مخاطر تهديد الدرع الأميركية للأمن القومي الروسي. ويعتبر البعض هذه النقلة من قبيل " التراجع " في الموقف الروسي الذي كان ُيصر على رفض نشر الدرع وطرح بدائل له لإقناع الولاياتالمتحدة بالتراجع عنه دون جدوى. غير أن الروس لا يعتبرون أن موقفهم تراجع بل يؤكدون أنهم سيواصلون معارضة نشر الدرع. ومن المعروف أن الولاياتالمتحدة تخطط لنشر عناصر شبكتها للدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا الشرقية وهي 10 صواريخ اعتراضية في بولندا ومحطة رادار في تشيكيا بحجة وجود خطر وقوع هجوم صاروخي من جانب إيران. ويعتقد العسكريون الروس أن واشنطن تريد نشر عناصر من المنظومة الأميركية للدفاع المضاد للصواريخ في شرق أوروبا بقصد مواجهة القدرة العسكرية الروسية ، مع العلم أن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أشار ذات يوم إلى أن بلاده تتطلع إلى إنشاء درع يحميها من صواريخ نووية روسية وصينية. ويعتقد العسكريون الروس أيضا بأن نظرة أولية على ما شيدته الولاياتالمتحدة من منشآت تابعة لمنظومة الدرع الصاروخية حتى الآن في ألاسكا وبريطانيا وغرينلاند تدل على أن هذه المنظومة تحيط بروسيا بشكل شبه كامل. ومن الواضح أن الأميركيين يسعون إلى استكمال حلقات درعهم الصاروخية بتجهيز موقعين جديدين له في بولندا وتشيكيا وربما في تركيا لاحقا. ويرى رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال يوري بالويفسكي أن الولاياتالمتحدة تسعى إلى تحصين نفسها وفرض سيطرتها الإستراتيجية على العالم والحفاظ على وتيرة الإنتاج الصناعي الأميركي من خلال نشر الدرع الصاروخية. ويؤكد مسؤولون في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية أن روسيا ستخطط لاستخدام القوة ضد منشآت تابعة لمنظومة الدرع الصاروخي الأميركية في شرق أوروبا إذا رأت أن هذه المنظومة تمثل تهديدا لأمنها. وهذا يعني ببساطة أن روسيا ستواصل زيادة الإنفاق العسكري على تطوير أسلحتها وقدراتها العسكرية القادرة على درء خطر الدرع الصاروخية الأميركية مع قبول ضمانات أميركية سيطول التفاوض عليها بين البلدين في غالب الظن. ولكن الموقف الروسي الأخير الذي انتقل كما أسلفنا من رفض نشر الدرع بشكل مطلق إلى التفاوض على ضمانات تقدمها واشنطن ربما يسبب خلافات داخل المؤسسة العسكرية الروسية أو بين هذه المؤسسة والمؤسسة السياسية وخاصة أن بعض وسائل الإعلام الروسية أشارت في الآونة الأخيرة إلى احتمال ترك رئيس هيئة الأركان الجنرال يوري بالويفسكي لمنصبه في نهاية مايو القادم. عن صحيفة الوطن العمانية 23/3/2008