النووي الروسي والدرع الصاروخية الأميركية د.هاني شادي مشكلة نشر الدرع الصاروخية الأميركية في بولندا وجمهورية التشيك لا تزال تمثل معضلة في العلاقات الروسية الأميركية فقد أعلن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال يوري بالويفسكي في مؤتمر علمي تحت عنوان " الأمن القومي الروسي في المرحلة المعاصرة " ُعقد السبت (19/1 ) بالعاصمة الروسية أن اللجوء إلى استخدام السلاح بما في ذلك السلاح النووي الروسي كإجراء وقائي لحماية سيادة روسيا وحلفائها أمر ضروري. وقال الجنرال الروسي : " إن بلاده لا تنوي مهاجمة أحد ولكنها ترى من الضروري أن يفهم جميع شركائها بوضوح أن موسكو ستلجأ إلى استخدام القوات المسلحة كإجراء وقائي ، بما في ذلك السلاح النووي ، لحماية سيادة الدولة الروسية ووحدة أراضيها وحلفائها " وأضاف بالويفسكي : "القوة العسكرية يمكن ويجب أن تستخدم لإظهار عزم القيادة العليا للبلاد (روسيا) على حماية مصالحها وأن تستخدم بشكل مكثف في حال تبينت عدم فاعلية استعمال الوسائل الأخرى" هذا التصريح شديد اللهجة للمسؤول العسكري الروسي رفيع المستوى يرى فيه الكثير من المراقبين إشارة واضحة على عدم توصل المفاوضات بين موسكو وواشنطن بشأن الدرع الصاروخية الأميركية إلى أي نتائج فيبدو أن كلا الطرفين الروسي والأميركي يقف في مكانه دون تغيير يذكر في المواقف وكانت موسكو بدأت مفاوضات مع وارسو في العاشر من يناير الجاري حول نشر منظومة الصواريخ الأميركية المضادة للصواريخ في الأراضي البولندية وبعد هذه المفاوضات . أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي كيسلياك أن موسكو لن تغير موقفها الذي جاء في اقتراحات الرئيس فلاديمير بوتين للجانب الأميركي تجاه قضية منظومة الدفاع المضاد للصواريخ وكل ما تمخضت عنه المفاوضات الأولى من نوعها بين روسيا وبولندا حول الدرع الصاروخية كان الاتفاق على مواصلة الحوار بين البلدين وبالفعل سيصل وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي إلى موسكو في الحادي والعشرين من الشهر الجاري لبحث مشكلة الدرع والعلاقات الثنائية بين موسكو ووارسو التي توترت كثيرا في السنوات الأخيرة وتنظر الخارجية الروسية إلى هذه الزيارة كدليل على النهج الذي تعلنه الحكومة البولندية الجديدة نحو تحسين العلاقات بين روسيا وبولندا وتشير مصادر الخارجية الروسية إلى أن هذه الزيارة ستكون مرحلة هامة في التحضير لزيارة رئيس الوزراء البولندي الجديد دونالد توسك إلى روسيا في فبراير المقبل ويرى مراقبون أن التقارب بين موسكو ووارسو خطوة هامة على طريق محاولة إقناع الأولى للأخيرة بالموقف الروسي المعارض لنشر الدرع الأميركية في أوروبا الشرقية وُيشجع روسيا في ذلك تصريحات وزير الدفاع البولندي بوغدان كليخ في السابع عشر من الشهر الجاري . والتي قال فيها : إن إقامة القاعدة الأميركية للدفاع المضاد للصواريخ في الأراضي البولندية تشكل خطورة إضافية على بولندا فروسيا ترى أن الحجج والمبررات التي تقدمها الولاياتالمتحدة لنشر الدرع قرب الحدود الروسية غير مقنعة وتؤكد موسكو أن التهديد الصاروخي الذي تشير إليه الولاياتالمتحدة في هذه المسألة غير موجود أصلا لأن إيران لا تملك ولن تحصل قريبا على صواريخ باليستية عابرة للقارات تستطيع تهديد أوروبا والولاياتالمتحدة وقد استبعد رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال يوري بالويفسكي احتمال ظهور مثل هذه الصواريخ لدى إيران في المدى المتوسط وكان الرئيس الروسي اقترح على نظيره الأميركي استخدام محطة الرادار التي تستأجرها روسيا في أذربيجان ومحطة الإنذار المبكر التي يجري إنشاؤها في جنوبروسيا بشكل مشترك لأغراض منظومة الدفاع المضاد للصواريخ كما عرض على بوش خلال لقائهما في كينيبانكبورت في الثاني من يوليو 2007 إنشاء مركزين لتبادل المعلومات حول عمليات إطلاق الصواريخ في موسكو وبروكسل غير أنه وبعد انتظار طويل بعثت الولاياتالمتحدة بردود رسمية خطية على المقترحات الروسية وصفها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأنها مخيبة للآمال . ولكن هل ستنجح روسيا في دفع بولندا إلى تغيير موقفها من نشر الدرع الصاروخية الأميركية على أراضيها ، أم أن الولاياتالمتحدة ستنجح في منح الضمانات اللازمة لوارسو وإبعادها عن موسكو من جديد هذا ما سيتضح خلال زيارتي وزير الخارجية ورئيس الحكومة البولندية إلى العاصمة الروسية في الأيام القادمة. عن صحيفة الوطن العمانية 20/1/2008