الفصل السابع! جورج علم تفتقر الذاكرة الشعبية اللبنانية الي تحديد عدد الفصول التي توالت علي الازمة السياسية المتفاقمة منذ تاريخ صدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي في الأول من سبتمبر ايلول 2004 ولغاية اليوم. وإذا كان الأمر يتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية فإن المجلس النيابي قد احتفل في الحادي عشر من مارس آذار الجاري بالدورة 16 لتعطيل انتخاب الرئيس وإذا كان الأمر محصوراً في المواقف السياسية والخطاب المتشنج فهناك العشرات يوميا المتداولة ما بين الموالاة والمعارضة وبأبشع الاوصاف والنعوت أما إذا كان الأمر يتعلق بالمبادرات فهناك منها العشرات ما بين عربية وإسلامية وفرنسية وأوروبية ومتعددة الجنسيات ولم تفلح كلها في اخراج لبنان من المأزق. لقد اجتهدت نخب فكرية وسياسية ومن مواقع مختلفة لتأريخ الفصول التي اجتازتها الأزمة لكنها وصلت فورا الي تقاطعات صعبة اختلط فيها المعيار الوطني بالطائفي بالمذهبي بالفئوي بالمناطقي بالعقائدي بالمحلي بالعربي بالإقليمي بالدولي الي حد ضاعت فيه المرتكزات التي يفترض ان يستند إليها أي جهد موضوعي من شأنه انيقدم مقاربة شفافة للواقع الذي بلغته الازمة ولما يمكن ان تكون عليه في المستقبل وبناء علي ما تقدم فقد تركت المقاربات علي غاربها وفق سياق المستجدات من جهة وتطور الظروف والأحوال من جهة أخري. أما آخر الفصول فكان ما جري في العاصمة السنغالية دكار حيث جرت محاولات عدة لاحتضان الازمة وانتخاب رئيس للجمهورية في 25 الجاري يستبق انعقاد القمة العربية في دمشق وكان هناك جهد مضاعف تمثل أولا بعقد اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية العرب علي هامش القمة الإسلامية خصص في جانب منه للتشاور حول ما آلت إليه الجهود الدبلوماسية خصوصا تلك التي يبذلها الأمين العام عمرو موسي لوضع المبادرة العربية موضوع التنفيذ كما جرت لقاءات عدة ما بين رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وكل من وزراء خارجية المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل ومصر أحمد أبو الغيط، وسوريا وليد المعلم وسلطنة عمان يوسف بن علوي وشارك في بعض منها وزير خارجية إيران منوشهر متكي واقتصرت النتيجة علي ان للبحث صلة ، ولابد من مواصلة الجهود والاتصالات واللقاءات .. لعل وعسي؟!. أما في الجانب الآخر فكانت الولاياتالمتحدةالامريكية ترسم فصلا جديدا للأزمة عنوانه ما قيمة القمة العربية إذا ما فشل العرب في انتخاب رئيس للبنان؟ وأي جدوي منها إذا كانت سوريا التي ستستضيفها قادرة علي تعطيل انتخاب الرئيس؟. ولم يقتصر الأمر علي التساؤل بل تقاطعت معلومات مفادها ان المرحلة الفاصلة عن موعد انعقاد القمة من الآن وحتي 29 الجاري ستكون حبلي بالتطورات وربما بالمفاجآت ايضا انطلاقا من الآتي: أولا: إن نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني يعد رزمة من العقوبات التي قد تبادر الولاياتالمتحدة بالتنسيق والتعاون مع دول الاتحاد الاوروبي ومجلس الأمن لفرضها علي سوريا إذا لم تستجب لنداءات المجتمع الدولي بالكف عن تدخلها السلبي في لبنان وتعطيل انتخاب الرئيس قبل القمة العربية التي ستستضيفها وربما كانت سلة العقوبات هذه محور اهتمامات تشيني خلال جولته في المنطقة. ثانيا: إن تاريخ انعقاد القمة هو الحد الفاصل ما بين جهد عربي هادف الي وضع المبادرة موضع التنفيذ وجهد دولي يحضر لحمل المبادرة الي مجلس الأمن تحت شعار لا بد من التدويل إذا ما فشل التعريب في وضع حد لفصول الازمة وانتخاب الرئيس التوافقي. ثالثا: ينطلق التدويل من قرارات مجلس الأمن، وخصوصا القرار 1559 الذي يشير الي ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية والي انسحاب سوريا الكامل من لبنان وعدم تدخلها في شؤونه الداخلية والي حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع اسلحتها ويسري ذلك علي حزب الله والسلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها. كما ينطلق التدويل من القرار 1701 الذي يتحدث صراحة وبوضوح عن الوضع الذي يفترض ان يسود علي طول الحدود ما بين لبنان سوريا من جهة ولبنان واسرائيل من جهة أخري وقد انتدب مجلس الأمن 15 الف جندي الي لبنان في إطار قوات اليونيفيل وتحت الفصل السابع لميثاق الأممالمتحدة بهدف استخدام القوة عند الضرورة لوضع هذه القرارات موضع التنفيذ فهل آن الاوان لاستخدامها القوة بهدف وضع هذه القرارات موضع التنفيذ؟ إن كل المؤشرات تؤكد ذلك فالمبادرة العربية لا تزال تترنح، فيما الأزمة اللبنانية ما ان تجتاز فصلا حتي تدخل آخر أما القمة العربية فلا تزال محاصرة بتحديين: هل تكون قمة لم الشمل العربي وتفعيل العمل العربي المشترك أم قمة تكريس المحاور العربية المتقابلة المتواجهة؟ أما سوريا فيبدو ان لا شيء عندها يمكن ان تخسره في ظل اصرارها الدؤوب والمستمر علي الامساك بالورقة اللبنانية لتوظيفها في الوقت المناسب وبما يخدم مصالحها ودورها في المنطقة أما اسرائيل فهي ترفض ان تحتفل في 15 مايو أيار المقبل بالذكري ال 60 علي قيامها فيما هي عالقة بين فكي كماشة حيث تحاصرها الصواريخ الايرانية من قطاع غزة من جهة وصواريخ حزب الله الايرانية من جنوب لبنان من جهة أخري اما الدولة الفلسطينية فلن تقوم في ظل سلطة ضعيفة لا تملك القدرات التي تمكنها من حسم الموقف مع الفصائل الفلسطينية المعارضة فيما الأخيرة تتلقي كامل الدعم والنفوذ المالي والمعنوي والتسليحي من إيران وسوريا للاستمرار في الصمود والمواجهة؟!.. ومع استمرار الافق المسدود علي كل المسارات والمستويات وبعدما استكملت عملية نشر البوارج والمدمرات في المتوسط وقبالة السواحل اللبنانية - السورية، هل بدأ العد العكسي للتغيير عن طريق استخدام القوة تحت الفصل السابع؟! عن صحيفة الراية القطرية 19/3/2008